تشهد مملكة البحرين مرحلة تنموية متقدمة تجمع بين الرؤية الطموحة والقدرة الواقعية على التنفيذ، حيث تُترجم تطلعات القيادة إلى مشاريع نوعية تعزز من مكانة المملكة في قطاع الطاقة.
من هذا المنطلق، يبرز مشروع تطوير مصفاة بابكو كأحد أبرز المبادرات الاستراتيجية، كونه يُجسد التوجه نحو بناء اقتصاد حديث ومستدام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والكفاءات الوطنية المؤهلة.
الزيارة الميدانية التي قام بها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة أكدت أن المشروع يشكل تحولاً استراتيجياً يعكس قدرة البحرينيين على إدارة قطاع بالغ الأهمية والتعقيد.
وفي الزيارة أشار سموه إلى ارتفاع الطاقة الإنتاجية للمصفاة إلى 405 آلاف برميل يومياً، في خطوة فاقت التوقعات وعززت الثقة في الكوادر الوطنية، خصوصاً من فئة الشباب.
هذا الإنجاز يُعد مثالاً واضحاً على ما يمكن أن يتحقق حين تتوفر الإرادة والفرصة، إذ يقود أكثر من 700 مهندس وفني بحريني العمليات في المنشآت الجديدة، بعد حصولهم على أكثر من 200 ألف ساعة تدريب متخصص داخل المملكة وخارجها.
هذا الاستثمار في العنصر البشري يؤكد أن تنمية الكفاءات الوطنية هي الركيزة الأساسية لأي مشروع طموح.
سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة له دور محوري في خلق بيئة عمل تحتضن الطاقات البحرينية، من خلال توجه إداري يضع الشباب في موقع القيادة، ويمنحهم فرصاً حقيقية للمشاركة الفاعلة في المشاريع الوطنية الكبرى.
وأيضاً في ظل هذا المشروع الرائع، يُعد تدشين وحدة تصنيع قطع الغيار، وتوجيه سموه بدراسة مشروع صناعي متكامل لتلبية احتياجات قطاع الطاقة محلياً، خطوة متقدمة نحو توطين الصناعة وتعزيز المحتوى المحلي.
ورغم أن النفط لا يزال مورداً رئيسياً للاقتصاد الوطني، فإن بناء منظومة إنتاج وصناعة متكاملة حول قطاع الطاقة يمثل خطوة استراتيجية في طريق تنويع مصادر الدخل الوطني، وزيادة القيمة المضافة من خلال الابتكار والتقنية الحديثة.
بالتالي يأتي مشروع تحديث مصفاة بابكو كمحطة أولى في هذا المسار الذي يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا كدعائم للنمو المستدام.
ما تحقق في هذا المشروع يتجاوز الإنجازات الفنية، ليعكس تحولاً في مسار التنمية البحرينية، حيث تتصدر الكفاءات الوطنية المشهد، وتُدار المشاريع الكبرى بأيدٍ بحرينية.
هذا النهج لا يعزز فقط النتائج الاقتصادية، بل يُرسخ كذلك روح الانتماء والثقة بالقدرات المحلية، ويمهد الطريق أمام البحرين لتكون في مصاف الدول الرائدة في مجال الطاقة والصناعة المتقدمة.