يوم الشرطة البحرينية فرصة دائمة لتجديد الفخر والاعتزاز بمسيرة امتدت لأكثر من قرن، كانت فيه شرطتنا دوماً حاضرة في صميم الحياة المجتمعية، تؤدي دوراً هاماً في بناء الأمن كقيمة حضارية وثقافية، ولتكون ركيزة من ركائز الاستقرار والتنمية، وشريكاً حقيقياً في تقدّم الوطن.

وزارة الداخلية شهدت خلال العقدين الأخيرين تحولات كبيرة في رؤيتها وأسلوب عملها، بفضل قيادة معالي الشيخ راشد بن عبدالله وزير الداخلية، هذا الرجل الذي تبنّى توجّهاً جديداً جعل من المؤسسة الشرطية مثالاً على التجديد والتطوير، وتحوّلت النظرة إلى الشرطة لتمثل كياناً وطنياً متكاملاً، يحرص على الوقاية، ويعزّز الوعي، ويعمل جنباً إلى جنب مع أفراد المجتمع لضمان أمن شامل ومستدام.

هذه النقلة جاءت ضمن المشروع الإصلاحي الشامل الذي أطلقه جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، والذي جعل الإنسان محوراً للتنمية، واعتبر العدالة والأمن مقومات لا تنفصل عن بناء المستقبل.

في هذا السياق، أعادت الشرطة البحرينية صياغة أهدافها، فأصبحت بالإضافة للتصدي للجريمة، تسعى إلى فهم مسبباتها، ومنع تكرارها، والمساهمة في تأهيل الأفراد المتأثرين بها ليعودوا جزءاً نافعاً في المجتمع. وعليه السنوات الأخيرة شهدت توسعاً في البرامج التي تُعنى بإصلاح السلوك وتوفير الدعم الإنساني والاجتماعي.

الأمن اليوم أصبح عملية استباقية قائمة على استخدام البيانات، والتخطيط الذكي، وبناء الوعي، وهو ما جسّدته شرطة البحرين في تعاملها مع القضايا المختلفة بأسلوب حديث يجمع بين الكفاءة والإنسانية.

ومن هذا المنطلق برزت مبادرات رقمية وخدمات إلكترونية سهلت وصول الناس إلى الجهات الأمنية، وعزّزت من تفاعلهم معها، كما ساهمت في بناء علاقة تقوم على التعاون والثقة المتبادلة.

كما أن البرامج التوعوية التي شملت شرائح واسعة من المجتمع، وخاصة فئة الشباب، أكدت أن الوقاية تبدأ من الوعي، وأن المجتمع الواعي هو الحصن الأول لأي دولة تسعى للأمان والاستقرار.

والمهم في هذا اليوم استذكار التضحيات الغالية التي قدّمها رجال الشرطة، الذين بذلوا أرواحهم فداءً للوطن، وسجّلوا في ذاكرة البحرين مواقف بطولية تظل مصدر إلهام للأجيال. تلك التضحيات أسست لواقع آمن نعيشه اليوم، ووثقت لالتزام رجال الأمن بواجبهم الوطني والإنساني.

الدور الذي تقوم به شرطة البحرين يتجاوز حفظ النظام، هو يرسّخ صورة الوطن كدولة يسودها القانون، ويتكامل فيها الأمن مع حقوق الإنسان، والمجتمع مع المؤسسات.

ومن يزور البحرين يلحظ هذه المعادلة الفريدة التي تجمع بين حفظ الأمن وخدمة المواطنين والمقيمين على حد سواء.

اليوم نحتفل بمرور 106 أعوام على تأسيس شرطة البحرين، وعليه نعبّر عن امتناننا العميق لكل من ساهم في مسيرتها، ونجدّد الثقة بمواصلة أدائها بروح جديدة، مستندة إلى تاريخ مشرّف، وماضية بثبات نحو مستقبل يصون أمن الوطن ويعزّز وحدته، إيماناً بأن الإنسان هو البداية والغاية في كل تنمية حقيقية.