القطاع العقاري في البحرين يعتبر من أحد الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني، ومع صدور القانون رقم (27) لسنة 2017، ومن ثم القرار رقم (1) لسنة 2020 بتنظيم أحكام اتحادات المُلَّاك في العقارات المشتركة، استطاعت المملكة أن تخطو خطوات مهمة نحو مأسسة هذا القطاع، إلا أن تسارع وتيرة التنافسية العالمية تفرض علينا اليوم النظر بعمق في «عوامل الأمان» التي يبحث عنها المستثمر العابر للحدود، خاصة فيما يتعلق بإدارة الملكية المشتركة أو ما يعرف بـ«اتحادات الملاك».
يمنح القانون البحريني المستثمر حماية قانونية متينة تبدأ من «الشخصية الاعتبارية المستقلة» لاتحاد الملاك، مما يضمن انفصال إدارة العقار عن الملاءة المالية للمطور العقاري، كما يفرض القانون نظاماً أساسياً مسجلاً وصندوقاً للاحتياط يضمن استدامة صيانة العقار وحماية قيمته الرأسمالية من التهالك، بالإضافة إلى التأمين الإلزامي ضد المخاطر. هذه العوامل تمثل درع حماية «أولى»، لكن طموح البحرين في الريادة يتطلب ما هو أبعد من ذلك.
ولمكافحة أي احتمالات للاحتيال أو سوء الإدارة المالية داخل اتحادات الملاك، تبرز الحاجة إلى رقابة أكثر تطورا يواكب الثغرات القانونية المكتشفة والتي يستغلها بعض ضعاف النفوس، ولذلك فإن ربط الحسابات البنكية للاتحادات بمنصة إلكترونية موحدة تحت إشراف مؤسسة التنظيم العقاري (RERA) يضمن شفافية التدفقات المالية لحظة بلحظة، ويضع الاتحاد تحت مسؤولية الدولة ومحاسبتها ورقابتها المستمرة، كما أن تغليظ العقوبات للمخالفين وصولا إلى المسؤولية الجنائية في حالات «تضارب المصالح» لمديري العقارات يمكن أن يبعث برسالة طمأنة قوية للمستثمر الأجنبي لكي يضخ استثماراته في البحرين.
المستثمر اليوم يحتاج إلى مراقبة مصاريف الخدمات التي تقدم لعقاره لحظة بلحظة ويطمئن إلى أن تلك المصاريف معقولة وواقعية وخاضعة للرقابة، حتى يتأكد أن أمواله تذهب فعلياً لصيانة الأصول وليس لمصروفات إدارية غير مبررة.
ولكي تظل البحرين الوجهة المفضلة، يجب أن تركز استراتيجيتها على خفض التكلفة التشغيلية ومراقبتها، وذلك في مقابل تجويد الخدمات، لأن الجميع على مستوى العالم يتنافس على هذا المستثمر العقاري، وهو أمر لا يجب الالتفات عنه، ويمكن للمراقبين في سوق العقار الدولي أن يلحظوا أهمية سهولة دخول وخروج الاستثمارات والأسباب التي أدت لخروجها بسرعة، أو عدم استقطابها.
علاقتنا اليوم بالعالم المحيط لم تعد تحتاج لفترات زمنية لبحث الأفكار والحلول، لأن التسارع الرهيب في اتخاذ القرارات الضامنة لحقوق المستثمرين له أثر واسع في جعل سوق العقار أكثر جاذبية من جميع دول العالم.وعلى سبيل المثال فقد تبنت دول -ليست بالبعيدة عنا- تقنيات الـBlockchain في التسجيل العقاري، وقامت بتفعيل التحكيم العقاري الدولي، المتخصص والسريع، وهو ما يعالج أكبر مخاوف المستثمر وهو بطء التقاضي وعدم الحصول على مستحقاته وعوائد استثماراته.
إن تطوير القانون رقم (27) لسنة 2017 ليواكب سوق العقارات الدولي ليس ترفاً، بل هو ضرورة حتمية، لأن المستثمر الذي يشعر بأن عقاره محمي بنظام رقابة حكومي صارم وشفاف، وبأن صوته مسموع في اتحادات الملاك من أي مكان في العالم، سيجعله سفير دائم للاستثمار في مملكة البحرين.
وللحديث بقية.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية