تكتمل دائرة الفرح في «أعياد البحرين» كنافذة تُطلّ منها المدن على بعضها، وتصافح فيها الذاكرةُ الحاضرَ في «ليالي المحرق» والقرية التراثية وسوق المزارعين ومراعي وهوى المنامة وغيرها من الفعاليات المصاحبة لهذا الموسم. واليوم، وقبل أن تُسدل سنة 2025 ستائرها، يحق لنا أن نسأل: كيف ترجمة البحرين هذه الروح إلى إنجازاتٍ تُرى في العيون قبل أن تُقرأ في التقارير؟
الجواب أن العام 2025 كان حصاداً وطنياً متنوّعاً عزّز حضور البحرين إقليمياً ودولياً. دبلوماسياً، واصلت المملكة خطابها المتزن القائم على دعم السلام والاستقرار والعمل العربي المشترك، وتجلّى ذلك في محطات عربية وخليجية ودولية أكّدت ثقلها السياسي ودورها التوافقي. كما تُوّج هذا المسار بفوز البحرين بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن للفترة 2026-2027 بأغلبية كاسحة. وعلى أرضها، تحوّلت المملكة إلى مساحة لقاءٍ عالمي للحوار، باستضافتها مؤتمرات ومنتديات تعالج قضايا الأمن والتعايش والتعاون الدولي، لتقول إن الجغرافيا الصغيرة قد تتسع بفكرة كبيرة، وإن الأوطان تُقاس بما تُشيده من جسور. ومن هذا المعنى أيضاً جاء اعتماد 28 يناير يوماً دولياً للتعايش السلمي على أساس مبادرة بحرينية.
كذلك واصل اقتصاد البحرين نموّه وتنوّعه وحقق مراكز متقدمة عالمياً. فحلّت المملكة خامساً في مؤشر مشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر والأولى عربياً في مؤشر بيئة الأعمال. وأُدرجت المنامة في تصنيف المدن الذكية العالمية. وعلى صعيد الاستدامة، دشّنت البحرين محطة طاقة شمسية بقدرة 150 ميغاواط دعماً لهدف الوصول إلى الحياد الكربوني في 2060. وسياحياً، استقبلت المملكة نحو 140 ألف سائح عبر الرحلات البحرية خلال الموسم، بزيادة 15% عن العام السابق. كما دخلت البحرين عصر الفضاء بإطلاق أول قمر صناعي بحريني «المنذر» بتصميم وتطوير محلي. وعزّزت البنية التحتية للاتصالات والاقتصاد الرقمي عبر ربط المملكة بالكابل البحري العالمي «Africa Pearls 2» (الأطول عالميًا)، وحازت المملكة المركز الأول إقليمياً في مؤشر جودة شبكات الهاتف النقال وفق تقرير (OpenSignal).
أما التعليم والصحة والإسكان، فكانوا مرآةً لجوهر الإنجاز: الإنسان. فقد تصدّرت مدارس البحرين عالمياً في برنامج مدارس مايكروسوفت الحاضنة للتكنولوجيا بعدد غير مسبوق من المدارس المعتمدة، وانتُخبت مرشحة البحرين لعضوية مجلس معهد اليونسكو للإحصاء. كذلك دخلت جامعة البحرين كأول جامعة وطنية ضمن تصنيف تايمز العالمي لأفضل الجامعات. بينما واصل القطاع الصحي تعزيز الجودة والاعتماد وتطوير خدماته التخصصية، كما حظي الملف الإسكاني بأولوية كبرى في مسار التنمية الوطنية.
أمنياً ودفاعياً، عزّزت البحرين قدراتها لحماية أمنها. حيث طوّرت قوة دفاع البحرين منظوماتها ورفعت جاهزيتها عبر تمارين مشتركة ومشاركات دولية. وأطلقت وزارة الداخلية الإستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع توسيع تطبيق قانون العقوبات البديلة ليستفيد منه عدد أكبر من المحكومين. وحافظت المملكة على صدارتها العربية في مؤشر سيادة القانون والأمان العام، وعلى تصنيف الفئة الأولى عالمياً في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الاتجار بالأشخاص للعام الثامن على التوالي، كما تبوأت موقعاً متقدماً دولياً في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024.
كذلك حققت البحرين نجاحات رياضية عالمية لافتة. فالفريق البحريني (مكلارين) فاز ببطولة العالم لفئة الصانعين في سباقات الفورمولا 1، وتُوّج سائقه ببطولة العالم للسائقين. واستضافت المملكة دورة الألعاب الآسيوية الثالثة للشباب بنجاح. وفي رياضة الآباء والأجداد، أحرز الفريق الملكي البحريني بقيادة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ألقاباً عالمية في سباقات القدرة أُقيمت بإنجلترا وفرنسا، مؤكّداً حضور البحرين المتميّز في هذا المضمار.
وإذا كانت أعياد البحرين قد منحتنا لغة للاحتفاء، فإن منجزات 2025 منحتنا سبباً للاطمئنان: وطن يُراكم الإنجاز كما يُراكم الفرح. ونحن على مشارف 2026؛ نرجوها سنة مضيئة تتضاعف فيها المكتسبات وتزداد فيها فرص المواطن، وتبقى البحرين كما نحبها: ثابتة في قيمها، متجددة في طموحها، واثقة بأن المستقبل يُصنع بإرادة أبنائها المخلصين.