البحرين هذه الأيام ليست كباقي الأيام صراحة: جدول حافل، بل صاخب في الفعاليات على امتداد مساحة البلد: الجنوب: القرية التراثية، الشمال: مهرجان ليالي المحرق، والوسط: هوى المنامة.
هذه ليست مهرجانات تراثية فقط، ليست حتى مجرد فعاليات سياحية؛ وإنما أسواق تجارية من شأنها تعزيز الحركة التجارية عبر توفير المزيد من الفرص أمام أصحاب المحلات المشاركين فيها، والعمال الموسميين، وكذلك الزوار والمتسوقين من أفراد وعائلات.
أكثر من 300 محل تجاري مشارك في فعالية «هوى المنامة» بحسب تصريح سعادة السيدة سارة بوحجي الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض.
معظم هذه المحلات هي مشروعات صغيرة، في قطاعات مثل الطعام والتجزئة والترفيه، والزائر للفعالية يستطيع أن يرى ازدحاماً على الطلب من تلك المحلات يشير إلى الجدوى الاقتصادية الجدية لمشاركتها. الأمر ذاته نجده في مهرجان ليالي المحرق، وإن كان بمفهوم مختلف، والقرية التراثية أيضاً: جرب أن تتجه لأي محل تجاري صغير هناك وستجد غالباً طابوراً أمامه.
«هوى المنامة» و«ليالي المحرق» و«القرية التراثية» توفر لرواد الأعمال وأصحاب المشروعات الناشئة، منصات منخفضة التكلفة لعرض منتجاتهم اليدوية والحرفية، فضلاً عن ذلك تفتح مثل هذه الفعاليات آفاقاً للعمل الحر والوظائف الموسمية.
زوار هذه الفعاليات يجدون فيها مكاناً جميلاً للترفيه بتكلفة معقولة، وجبات الطعام دينار إلى اثنين إلى ثلاثة.. وألعاب الأطفال كذلك، فضلاً عن قرب المكان. هذا من شأنه أيضاً تحفيز الاستهلاك المحلي، وتدوير الأموال داخلياً، وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أو بآخر.
تحقق فعاليات كهذه مخرجات جيدة على الصعيد التراثي والسياحي والاجتماعي، لكن يمكن البناء على مخرجاتها أيضاً على صعد أخرى، من بينها توفير تسهيلات ائتمانية ودورات تدريبية للحرفيين وأصحاب المشاريع في المنامة والمحرق لتحويل نشاطهم من «موسمي» إلى «مستدام» طوال العام، كما يمكن الإشارة هنا أيضاً إلى تحويل البيوت التراثية إلى مقاهٍ ومتاجر ومراسم فنية تدار من قِبل كفاءات محلية، مما يضمن استمرارية التدفق التجاري، وتشجيع المجتمع.
مساء الجمعة الماضية كانت العاصمة تكتظ بمئات وربما آلاف الزوار لمهرجان «هوى المنامة»، في الوقت ذاته كان الفنان المحبوب محمد عبده يصدح على مسرح بيون الدانة، وربما كانت هناك فعاليات أخرى لم أعرف عنها. المهم في الموضوع هنا المحافظة على هذا الزخم ما أمكن، بعد ما ثبت لنا أنه بإمكانات ليست كبيرة يمكن أن نعزز الحركة التجارية في البحرين، وأن نصنع الفرح، في الوقت ذاته.