نكمل حديثنا اليوم عن سوء الإدارة الخاصة بالامتحانات وعلاقتها بالمناهج الدراسية والكادر التعليمي الهزيل الخاص بطلبة مدارس البحرين الثانوية، ونود هنا أن نقول ما يلي: تساءل أولياء أمور طلبة المرحلة الثانوية ومعهم كافة الطلبة عن سبب تأخير إعلان نتائج الإمتحانات لمدة إسبوعين كاملين دون ما يبرر للوزارة هذا التأخير، فكان البعض يشم رائحة «طبخة» غير جيدة تحاك في مطبخ الوزارة حيال نتائج المرحلة الثانوية ومع كل ذلك قلت لبعضهم لا تسيئوا الظن بالوزارة. يوم الأحد الماضي وبعد أن تأخر إعلان أو «حبس» وزارة التربية والتعليم لنتائج الامتحانات، أطلقتْ العنان وبصورة مريبة للمدارس من أجل الكشف عن النتائج، فكانت كالصاعقة المدوية التي وقعت فوق رؤوس أولياء الأمور والطلبة والكادر التعليمي في كل المدارس!

نسبة الرسوب بالنسبة للمرحلة الثانوية جاءت كبيرة للغاية، أمَّا بالنسبة للمتفوقين والمتميزين دراسياً فإن معدلاتهم انخفضت بشكل كبير دون ما يبرر هذا الانخفاض، وكأن الوزارة أرادت أن ترسل رسالة للجميع بأن مرحلة التفوق انتهت دون رجعة والسبب حتى هذه اللحظة يبدو مجهولاً وغير مبرر. عشرات الطلبة والطالبات من المرحلة الثانوية ممن التقيتهم لم يستوعبوا صدمة الدرجات حتى كتابة هذه الأسطر، والكثير منهم قرروا أن يغيروا مساراتهم من «العلمي» إلى «التجاري»، حفاظاً على معدلاتهم التراكمية التي تدهورت بشكل كبير جداً حتى ولو كان هذا الأمر على حساب مستقبلهم! ما نود مناقشته ومعالجته وقوله هنا، أن وزارة التربية والتعليم وضَعَتْ نفسها موضعاً في غاية الحرج الشديد، فنسبة الرسوب ونزول معدل درجات طلبة المرحلة الثانوية يعطينا مؤشراً بأن مستوى التعليم في البحرين بات محل شك وأنه سيرسل للجميع إشارات سلبية حول تدني المستوى التعليمي في هذا البلد، وربما تتراجع البحرين في مؤشرات الجودة والتقييم مقارنة بالدول الأخرى، أمَّا بالنسبة للمستقبل فإن نزوح مئات بل آلاف الطلبة من التخصصات العلمية إلى التخصصات التجارية سيكدس نسبة الطلبة في تخصصات بعينها بصورة قد تشكِّل فائضاً فيها، وفي المقابل سوف تنحسر وتتلاشى التخصصات العلمية المهمة التي تحتاجها سوق العمل بكل تأكيد في المستقبل القريب.

لا يمكن لطالبة مجتهدة ومميزة في المرحلة الثانوية والتي تدرس بجد وإخلاص طيلة العام الدراسي وبشهادة جميع المعلمات -ناهيك عن أخذها دروساً خصوصية في أفضل المعاهد الخاصة من أجل التقوية- يهبط معدلها هكذا جُزافاً إلى 80% بصورة فجائية سوى اتهامنا الأكيد لامتحانات نهاية الفصل التي كانت فوق مستوى الطلبة بل فوق مستوى التعليم الثانوي برمته والتي لم تجرؤ الوزارة على وضع نتائجها في كشوف الدرجات. إن نتائج الثانوية العامة تعتبر فضيحة مدوية للوزارة قبل أن تكون مصيدة لطلبة الثانوية العامة، ولهذا يجب على وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في هندسة المستقبل لأبنائنا الطلبة، والأهم من ذلك ألا ترسل سمعة التعليم في مملكة البحرين إلى الهاوية. نرجو كل الرجاء من الوزارة أن تعيد النظر في سياستها التي يرسم ملامحها بعض المستشارين، وأن ترحم جهود الطلبة المحترمين وأولياء الأمور الذين يصرفون «دم قلبهم» من أجل تفوق أبنائهم من خلال امتحانات تعسفية. إن سمعة التعليم في هذا الوطن باتت على المحك أيتها الوزارة، فعودي بنا كما كنا.