هناك مواضيع نتفق فيها بقوة مع نواب الشعب، وهناك مواضيع نختلف معهم فيها بطبيعة الحال، خاصة إن كانت بعيدة عن مطالب الناس الذين انتخبوا النواب.
الحراك الذي نشهده طيباً، من ناحية تكثيف طرح المواضيع، لكن هنا التمحيص واجب، فالفكرة ليست بـ «الكم» الذي يطرح، ولا بعدد المقترحات التي يمكن بسهولة أن يصل لرقم خرافي، أو يحطم الأرقام القياسية السابقة، الفكرة في «الكيف»، وما الذي يمكن تحقيقه؟!
الناس بعد تجربة لا بأس بها ستصل إلى عقدين من الزمان، باتوا يعرفون كيفية تصنيف التصريحات النيابية والمقترحات بأنواعها وغيرها من تحركات، باتوا يعرفون كيف يصنفون ما يمر عليهم.
هناك مقترحات فيها الجدية واضحة، وفيها من النجاعة الشيء الكبير، وهي أمور ستجدون يا نواب أن الناس توافقكم عليه وستشد على يدكم. لكن في المقابل هناك مقترحات تتناول أموراً هامشية، مجرد طرحها يستجلب حالة التندر في الشارع، ويقود ذلك لانتقادات لا تتوقف من الشارع، والتي هي حق أصيل من حقوقه، بأن ينتقد أداء من صوت لهم وأوصلهم للبرلمان، وواجب عليهم أن يكونوا صوتاً له.
البعد عن القشور والتركيز على اللب، هو الأصل في الممارسة النيابية، وما نعنيه بأن ينأى النواب بأنفسهم عن الالتهاء بأمور حتى لو تحققت لن يعيرها الناس أي اهتمام، ولن يحسبوها لهم في خانة الإنجازات.
حينما تريد أن تعمل وتنجز وتحقق، لابد وأن يكون عملك ممحوراً حول مصلحة الوطن والناس، وبطريقة يتم فيها ترتيب الأولويات، بحيث تبدأ برنامج عملك ببنائه على مطالب الناس التي تساعد على تحديد الأولويات، وبناء على تشخيصك للوضع العام بحيث تقف على ما تحتاجه المنظومات الحكومية من تطوير في الخدمات والتشريعات، هنا يكون عملك منظماً وممنهجاً، ومبنياً على الأولوية.
هناك ملفات جادة طرحت ركز عليها الناس، وانتظروا من النواب مواقف تتوافق مع رغبات الناس، إذ طرحت ملفات في الإسكان وزيادة الرواتب ومحاربة الفساد، وكلها أمور طرحها إيجابي، لكن أيضاً يرتهن الحكم عليها بتحويلها إلى أفعال تفضي إلى تصحيح المسارات وتعديل المعوج.
كما أسلفت، الفكرة ليست بطرح مقترحات أو بدء تحركات والتكثيف منها، بل الفكرة بأن يكون لهذا التحرك نتيجة مفيدة، ويكون لذاك المقترح فعالية ويحقق الفائدة للناخب.
الآن لو نأتي للقيام بعملية «فلترة» لكثير من المقترحات التي تغنى بها بعض النواب واعتبروها نقطة تفوق على سابقيهم، سنجد أننا أمام عدد كبير من الأفكار لا يمثل أولوية للناس، بل على العكس يدفع الناس للإعلان عن السخط على النواب، باعتبار أن «الفوكس» ضاع منهم، واتجهوا لكماليات أو ثانويات لا علاقة لها بالأولويات.
من بين هذا الكم سنجد قليلاً تلك الأمور التي استقطبت اهتمام الناس، كونها معنية بالفعل بمطالبهم، وكونها مرتبطة ببعض الشعارات الانتخابية التي طرحت بواقعية. وبين النوعين نسبة وتناسب تكشف حجم التباين المخيف.
ما أريد قوله هنا، بأنكم يا نواب من الممكن أن تشغلوا أنفسكم طوال العام بكثير من الأمور، يمكن لكم من خلال الإعلام أن تنشروا يومياً عشرات الصفحات التي تبين أنكم تعملون وتشتغلون، لكن الواقع يختلف تماماً، إذ الناس تنظر للنتائج المتحققة، تنظر للمحصلة النهائية، باختصار الناس لا تريد «جعجعة» بل تريد «طحينا» ناتجاً عن جعجعة الطحن.
ترتيب الأولويات مهم، ولا يمكن أن يتم ذلك بمعزل عن الناس وبناء على مطالباتهم ولا بمعزل عن التواصل معهم، وترك الأمور الهامشية أهم، لأنها تضيع الوقت والجهد، وفوق ذلك ضرورة استيعاب أن كثرة «تفريخ» الاقتراحات لا يعني جهداً وراءه إنجازاً، طالما أن هذه الاقتراحات لا ترى النور، ولا تتضمن أموراً حقيقية تهم الناس.
* اتجاه معاكس:
نقطة إيجابية نسجلها لمجلس النواب في جلسته الأخيرة، حينما أحال للحكومة بصفة الاستعجال مقترحاً لزيادة الاعتمادات المالية لدعم وتطوير القوة البشرية في وزارة الداخلية.
أقول إيجابية لأنها تصب في دعم زيادة جهوزية منظومة الأمن لدينا، وفي دعم عمل وزارة الداخلية البحرينية التي تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة في الحفاظ على أمن البلاد والناس ومواجهة المخططات الآثمة التي تزايدت في الآونة الأخيرة.
وإن كان من شيء يحسب ليكون عاملاً مساعداً على زيادة الموازنة هنا، فإن إنجازات الداخلية الكثيرة في الفترة الأخيرة بحد ذاتها تستوجب تقدير هذا الجهاز المتفوق بقدرات أفراده وتفانيهم.
تعزيز الأمن من الأولويات التي يجب أن نذكر بها دوماً، فلا بناء وتقدم وتطور دونما أمن واستقرار.
الحراك الذي نشهده طيباً، من ناحية تكثيف طرح المواضيع، لكن هنا التمحيص واجب، فالفكرة ليست بـ «الكم» الذي يطرح، ولا بعدد المقترحات التي يمكن بسهولة أن يصل لرقم خرافي، أو يحطم الأرقام القياسية السابقة، الفكرة في «الكيف»، وما الذي يمكن تحقيقه؟!
الناس بعد تجربة لا بأس بها ستصل إلى عقدين من الزمان، باتوا يعرفون كيفية تصنيف التصريحات النيابية والمقترحات بأنواعها وغيرها من تحركات، باتوا يعرفون كيف يصنفون ما يمر عليهم.
هناك مقترحات فيها الجدية واضحة، وفيها من النجاعة الشيء الكبير، وهي أمور ستجدون يا نواب أن الناس توافقكم عليه وستشد على يدكم. لكن في المقابل هناك مقترحات تتناول أموراً هامشية، مجرد طرحها يستجلب حالة التندر في الشارع، ويقود ذلك لانتقادات لا تتوقف من الشارع، والتي هي حق أصيل من حقوقه، بأن ينتقد أداء من صوت لهم وأوصلهم للبرلمان، وواجب عليهم أن يكونوا صوتاً له.
البعد عن القشور والتركيز على اللب، هو الأصل في الممارسة النيابية، وما نعنيه بأن ينأى النواب بأنفسهم عن الالتهاء بأمور حتى لو تحققت لن يعيرها الناس أي اهتمام، ولن يحسبوها لهم في خانة الإنجازات.
حينما تريد أن تعمل وتنجز وتحقق، لابد وأن يكون عملك ممحوراً حول مصلحة الوطن والناس، وبطريقة يتم فيها ترتيب الأولويات، بحيث تبدأ برنامج عملك ببنائه على مطالب الناس التي تساعد على تحديد الأولويات، وبناء على تشخيصك للوضع العام بحيث تقف على ما تحتاجه المنظومات الحكومية من تطوير في الخدمات والتشريعات، هنا يكون عملك منظماً وممنهجاً، ومبنياً على الأولوية.
هناك ملفات جادة طرحت ركز عليها الناس، وانتظروا من النواب مواقف تتوافق مع رغبات الناس، إذ طرحت ملفات في الإسكان وزيادة الرواتب ومحاربة الفساد، وكلها أمور طرحها إيجابي، لكن أيضاً يرتهن الحكم عليها بتحويلها إلى أفعال تفضي إلى تصحيح المسارات وتعديل المعوج.
كما أسلفت، الفكرة ليست بطرح مقترحات أو بدء تحركات والتكثيف منها، بل الفكرة بأن يكون لهذا التحرك نتيجة مفيدة، ويكون لذاك المقترح فعالية ويحقق الفائدة للناخب.
الآن لو نأتي للقيام بعملية «فلترة» لكثير من المقترحات التي تغنى بها بعض النواب واعتبروها نقطة تفوق على سابقيهم، سنجد أننا أمام عدد كبير من الأفكار لا يمثل أولوية للناس، بل على العكس يدفع الناس للإعلان عن السخط على النواب، باعتبار أن «الفوكس» ضاع منهم، واتجهوا لكماليات أو ثانويات لا علاقة لها بالأولويات.
من بين هذا الكم سنجد قليلاً تلك الأمور التي استقطبت اهتمام الناس، كونها معنية بالفعل بمطالبهم، وكونها مرتبطة ببعض الشعارات الانتخابية التي طرحت بواقعية. وبين النوعين نسبة وتناسب تكشف حجم التباين المخيف.
ما أريد قوله هنا، بأنكم يا نواب من الممكن أن تشغلوا أنفسكم طوال العام بكثير من الأمور، يمكن لكم من خلال الإعلام أن تنشروا يومياً عشرات الصفحات التي تبين أنكم تعملون وتشتغلون، لكن الواقع يختلف تماماً، إذ الناس تنظر للنتائج المتحققة، تنظر للمحصلة النهائية، باختصار الناس لا تريد «جعجعة» بل تريد «طحينا» ناتجاً عن جعجعة الطحن.
ترتيب الأولويات مهم، ولا يمكن أن يتم ذلك بمعزل عن الناس وبناء على مطالباتهم ولا بمعزل عن التواصل معهم، وترك الأمور الهامشية أهم، لأنها تضيع الوقت والجهد، وفوق ذلك ضرورة استيعاب أن كثرة «تفريخ» الاقتراحات لا يعني جهداً وراءه إنجازاً، طالما أن هذه الاقتراحات لا ترى النور، ولا تتضمن أموراً حقيقية تهم الناس.
* اتجاه معاكس:
نقطة إيجابية نسجلها لمجلس النواب في جلسته الأخيرة، حينما أحال للحكومة بصفة الاستعجال مقترحاً لزيادة الاعتمادات المالية لدعم وتطوير القوة البشرية في وزارة الداخلية.
أقول إيجابية لأنها تصب في دعم زيادة جهوزية منظومة الأمن لدينا، وفي دعم عمل وزارة الداخلية البحرينية التي تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة في الحفاظ على أمن البلاد والناس ومواجهة المخططات الآثمة التي تزايدت في الآونة الأخيرة.
وإن كان من شيء يحسب ليكون عاملاً مساعداً على زيادة الموازنة هنا، فإن إنجازات الداخلية الكثيرة في الفترة الأخيرة بحد ذاتها تستوجب تقدير هذا الجهاز المتفوق بقدرات أفراده وتفانيهم.
تعزيز الأمن من الأولويات التي يجب أن نذكر بها دوماً، فلا بناء وتقدم وتطور دونما أمن واستقرار.