ما قامت به الدكتورة ريما خلف «أردنية الجنسية» في قلب الأمم المتحدة يعد شجاعة حقيقية وسط جدران المنظمة التي تسيطر عليها بالدرجة الأولى الهيمنة الأمريكية لصالح إسرائيل. مواجهة ريما خلف لضغوطات سحب التقرير الخاص بالحالة الإسرائيلية الذي أكد على ممارسة إسرائيل نظام «فصل عنصري» بحق الفلسطينيين، ثم تقديمها استقالتها من منصب الأمين العام لـ«إسكوا»، يعد التزاماً مهنياً ومصداقية يصعب توافرها في أغلب أداء المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي صارت تكيف التقارير والقرارات بما يتواءم مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة العربية.
غير أن القضية التي دافعت عنها السيدة ريما خلف، في نطاق الأمم المتحدة، لا تصب في خانة «المقاومة الفلسطينية» أو دعم «نضال الشعب الفلسطيني»، بل هي قضية حديثة «مختلقة» بدأت تشق طريقها لتشتت المبادئ الأولية التي قامت عليها القضية الفلسطينية المتمثلة في استعادة كافة الأراضي الفلسطينية، من النهر إلى البحر، والاعتراف بحق العودة لكافة الشعب الفلسطيني المهجر داخل فلسطين أو خارجها. والتنازل عن أي من الحقوق المتضمنة في المبادئ السابقة يعد تفريطاً في القضية الفلسطينية وانتقاصاً للحقوق الشرعية التاريخية للعرب والفلسطينيين، وسكباً، في بحر غزة، لدماء الشهداء الفلسطينيين والعرب التي سفكت لتحرير فلسطين طوال أكثر من ستين عاماً.
الإشكالية التي تخلقها قضية مجابهة «عنصرية دولة إسرائيل» أنها بالدرجة الأولى تعترف بإسرائيل دولة وكياناً شرعياً. وأنها من جهة ثانية تدفع نحو تحسين الوضع الديمقراطي لدولة إسرائيل بحيث تقبل بحياة أفضل مع «الآخر» غير الشرعي وهم الفلسطينيون. هذا الاعتراف بالكيان الصهيوني يقضي بالتبعية إسقاط توصيف الاحتلال الذي هو عنصر بنيوي جوهري من تركيبة الكيان الصهيوني. ومن ثم جر العقلية العربية وراء كثير من الملهيات التي نجحت إسرائيل وداعموها في توريط العرب والفلسطينيين تحديداً فيها. مثل القبول بفكرة الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، ثم تأسيس دولتين فلسطينيتين في الضفة وفي غزة. ثم شغل الجميع بالتوسع الاستيطاني الذي لا ينحسر.
هذه الأمة، وهي تنجرف خلف الهوامش، هي في حقيقة الأمر تتنصل من مبادئها. وتقبل بالفتات. وتتنازل عن حقوقها. بل، وتنبري في الفضاء العام، بكل ثقة، معبرة عن دعمها للانتقاص من حقوقها وقبولها بثلاثة أرباع الحلول، التي لن تنال منها شيئاً لأنها سلكت طريق التنازل عن ثوابتها.
ويبقى موقف السيدة ريما خلف شجاعاً في مجابهة آلة الإمبريالية والعنصرية الإسرائيلية في عقر بيت لم ينصف الفلسطينيين مرة ولن ينصفهم، عن الأمم المتحدة أتحدث.
{{ article.visit_count }}
غير أن القضية التي دافعت عنها السيدة ريما خلف، في نطاق الأمم المتحدة، لا تصب في خانة «المقاومة الفلسطينية» أو دعم «نضال الشعب الفلسطيني»، بل هي قضية حديثة «مختلقة» بدأت تشق طريقها لتشتت المبادئ الأولية التي قامت عليها القضية الفلسطينية المتمثلة في استعادة كافة الأراضي الفلسطينية، من النهر إلى البحر، والاعتراف بحق العودة لكافة الشعب الفلسطيني المهجر داخل فلسطين أو خارجها. والتنازل عن أي من الحقوق المتضمنة في المبادئ السابقة يعد تفريطاً في القضية الفلسطينية وانتقاصاً للحقوق الشرعية التاريخية للعرب والفلسطينيين، وسكباً، في بحر غزة، لدماء الشهداء الفلسطينيين والعرب التي سفكت لتحرير فلسطين طوال أكثر من ستين عاماً.
الإشكالية التي تخلقها قضية مجابهة «عنصرية دولة إسرائيل» أنها بالدرجة الأولى تعترف بإسرائيل دولة وكياناً شرعياً. وأنها من جهة ثانية تدفع نحو تحسين الوضع الديمقراطي لدولة إسرائيل بحيث تقبل بحياة أفضل مع «الآخر» غير الشرعي وهم الفلسطينيون. هذا الاعتراف بالكيان الصهيوني يقضي بالتبعية إسقاط توصيف الاحتلال الذي هو عنصر بنيوي جوهري من تركيبة الكيان الصهيوني. ومن ثم جر العقلية العربية وراء كثير من الملهيات التي نجحت إسرائيل وداعموها في توريط العرب والفلسطينيين تحديداً فيها. مثل القبول بفكرة الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، ثم تأسيس دولتين فلسطينيتين في الضفة وفي غزة. ثم شغل الجميع بالتوسع الاستيطاني الذي لا ينحسر.
هذه الأمة، وهي تنجرف خلف الهوامش، هي في حقيقة الأمر تتنصل من مبادئها. وتقبل بالفتات. وتتنازل عن حقوقها. بل، وتنبري في الفضاء العام، بكل ثقة، معبرة عن دعمها للانتقاص من حقوقها وقبولها بثلاثة أرباع الحلول، التي لن تنال منها شيئاً لأنها سلكت طريق التنازل عن ثوابتها.
ويبقى موقف السيدة ريما خلف شجاعاً في مجابهة آلة الإمبريالية والعنصرية الإسرائيلية في عقر بيت لم ينصف الفلسطينيين مرة ولن ينصفهم، عن الأمم المتحدة أتحدث.