البارانويا مرض نفسي عقلي قديم له أوجه متعددة، وله أعراض كثيرة ومتناقضة.
فهو في أحد أوجهه مرض يشعر فيه المرء بالخوف والقلق والرغبة في الانعزال، وفي وجه آخر يشعر بالقوة المفرطة والقدرة على التأثير والتميز والتفوق.
إنه أحد أمراض «اتزان الذات الشخصية»، الذات التي لم تتمكن من تقدير موقعها الصحيح في محيطها وفي واقعها وفي مواجهتها للحياة.
تشير الدراسات النفسية إلى أن أغلب أسباب الأمراض النفسية يعود لخلل كيميائي ما يطرأ على تركيبة الدماغ، فيزيد أو ينقص مكون معين أو تركيبة معينة في الدماغ على حساب غيرها، وفي كلتا الحالتين يدخل الإنسان في حالة عدم اتزان عقلي أو نفسي يؤثر على سلوكه ومعاملاته واستجابته لمواقف الحياة، غير أن ثمة أسباباً عديدة أخرى لم يغفلها العلم ذات صلة وثيقة بحدوث خلل اتزاني انفعالي عند الفرد يعود أغلبها إلى كيفية التنشئة في الطفولة، سواء أكانت تنشئة عنيفة يشوبها الاضطهاد والتمييز، أم كانت تنشئة مفرطة في الدلال.
وللبيئة الاجتماعية المحيطة دور مهم في هذا الصدد، فاستقرار البيئة أو اضطرابها، ووجود إحساس جمعي وموقف جمعي أو تفكك الجماعة، وطبيعة الأفكار والمعتقدات السائدة، كلها تؤثر على رؤية الإنسان لنفسه والآخرين والواقع والمستقبل.
والبارانويا في وجهها «المنكسر» يغلب على المريض اعتقاد بأن من حوله يتآمرون عليه، وأن كل همسة أو كلمة هو معني بها ومقصود فيها لذاته.
فهو يشعر بأنه مراقب في أقواله وأفعاله، وأن كل سلوك يأتي به مرصود وسوف يحاسب عليه أو تحاك ضده مؤامرة.
ولا تخلو تلك الهواجس من الخوف من المرض والشعور بكمون مرض عضال ما يفسد على الجسد حيويته وراحته في نومه ويسبب شعوراً «متوهماً» بالألم والإعياء.
وقد يتطرف شعور المريض بالبارانويا «المنكسرة» ليظن أنه سبب المشكلات الحاصلة والكوارث البيئية والطبيعية، أو على الأقل، أن من حوله سوف يحملونه هو سبب كل أزمة ومشكلة، لذلك عليه دائماً الحذر من الناس والانعزال تجنباً لأي مشكلة قد يثيرها أو يتهم بها.
أما وجه «العظمة» للبارانويا، فيشعر فيه المريض بالتميز والتفوق عن الآخرين وامتلاك قدرات كبيرة واستثنائية، مما يجر عليه الحسد والحقد ويخلق له المشكلات مع الآخرين.
ومن مظاهر جنون العظمة في البارانويا أن يتصور المريض أن جذوره تنتمي لعائلة عريقة حاكمة أو مقدسة، وأنه ذو مواهب استثنائية في مجاله، سواء في الأدب أو الاقتصاد أو السياسة...، وأنه يملك حلولاً سحرية للمشكلات وأفكاراً عبقرية، وأنه شخص نزيه وشريف.
وفي حالات التطرف قد يدعي بعض مصابي هذا المرض النبوة أو الإمامة، أو... الزعامة الوطنية.
وفي مقولة طريفة، غير علمية، يقال: إن كل مرض نفسي أو عقلي هو تضخم لاضطرابات نفسية بسيطة يمكن أن يمر بها كل إنسان.
وفي تحليل تركيبة الإنسان العربي الذي يمر اليوم بخلل في شخصيته عبر التاريخ، ستجد أن عند العربي اعتقاداً جازماً بالتفوق الحضاري والعرقي والإنساني والديني عن باقي الإثنيات الإنسانية، ولديه اعتقاد جازم أن لديه أفكاراً إبداعية خلاقة وحلولاً نموذجية لمشكلات الكرة الأرضية.
والعربي في الوقت نفسه، وبحكم التسلط الأسري والاجتماعي والسياسي، هو شخصية مرتابة يخاف التعبير الكامل عن أفكاره وآرائه، ويشعر أنه مراقب من الأهل والمجتمع والدولة، ويخشى أن يتورط بما لا يعرف.
والعربي يفسر مشكلاته بأنه مستهدف من القوى الدولية، وأحياناً الميتافيزيقية، لذلك فهو يعتزل كل شيء اعتزاله للفتنة، ويربي أبناءه على الخوف والحذر والصمت.
إذن... ثمة مشكلة اتزان في الشخصية العربية الحديثة بين تصورات العربي عن نفسه وإمكاناته، وحقيقة واقعه المعاش وتعامله مع أزماته الكبرى وقضاياه المصيرية.
وحين تتمكن الشخصية العربية الحديثة من تحديد موقعها الصحيح وتقدير إمكاناتها الواقعية ورصد احتياجاتها الآنية، قد... تتخلص شخصيتنا التاريخية من مرض البارانويا العربي.
فهو في أحد أوجهه مرض يشعر فيه المرء بالخوف والقلق والرغبة في الانعزال، وفي وجه آخر يشعر بالقوة المفرطة والقدرة على التأثير والتميز والتفوق.
إنه أحد أمراض «اتزان الذات الشخصية»، الذات التي لم تتمكن من تقدير موقعها الصحيح في محيطها وفي واقعها وفي مواجهتها للحياة.
تشير الدراسات النفسية إلى أن أغلب أسباب الأمراض النفسية يعود لخلل كيميائي ما يطرأ على تركيبة الدماغ، فيزيد أو ينقص مكون معين أو تركيبة معينة في الدماغ على حساب غيرها، وفي كلتا الحالتين يدخل الإنسان في حالة عدم اتزان عقلي أو نفسي يؤثر على سلوكه ومعاملاته واستجابته لمواقف الحياة، غير أن ثمة أسباباً عديدة أخرى لم يغفلها العلم ذات صلة وثيقة بحدوث خلل اتزاني انفعالي عند الفرد يعود أغلبها إلى كيفية التنشئة في الطفولة، سواء أكانت تنشئة عنيفة يشوبها الاضطهاد والتمييز، أم كانت تنشئة مفرطة في الدلال.
وللبيئة الاجتماعية المحيطة دور مهم في هذا الصدد، فاستقرار البيئة أو اضطرابها، ووجود إحساس جمعي وموقف جمعي أو تفكك الجماعة، وطبيعة الأفكار والمعتقدات السائدة، كلها تؤثر على رؤية الإنسان لنفسه والآخرين والواقع والمستقبل.
والبارانويا في وجهها «المنكسر» يغلب على المريض اعتقاد بأن من حوله يتآمرون عليه، وأن كل همسة أو كلمة هو معني بها ومقصود فيها لذاته.
فهو يشعر بأنه مراقب في أقواله وأفعاله، وأن كل سلوك يأتي به مرصود وسوف يحاسب عليه أو تحاك ضده مؤامرة.
ولا تخلو تلك الهواجس من الخوف من المرض والشعور بكمون مرض عضال ما يفسد على الجسد حيويته وراحته في نومه ويسبب شعوراً «متوهماً» بالألم والإعياء.
وقد يتطرف شعور المريض بالبارانويا «المنكسرة» ليظن أنه سبب المشكلات الحاصلة والكوارث البيئية والطبيعية، أو على الأقل، أن من حوله سوف يحملونه هو سبب كل أزمة ومشكلة، لذلك عليه دائماً الحذر من الناس والانعزال تجنباً لأي مشكلة قد يثيرها أو يتهم بها.
أما وجه «العظمة» للبارانويا، فيشعر فيه المريض بالتميز والتفوق عن الآخرين وامتلاك قدرات كبيرة واستثنائية، مما يجر عليه الحسد والحقد ويخلق له المشكلات مع الآخرين.
ومن مظاهر جنون العظمة في البارانويا أن يتصور المريض أن جذوره تنتمي لعائلة عريقة حاكمة أو مقدسة، وأنه ذو مواهب استثنائية في مجاله، سواء في الأدب أو الاقتصاد أو السياسة...، وأنه يملك حلولاً سحرية للمشكلات وأفكاراً عبقرية، وأنه شخص نزيه وشريف.
وفي حالات التطرف قد يدعي بعض مصابي هذا المرض النبوة أو الإمامة، أو... الزعامة الوطنية.
وفي مقولة طريفة، غير علمية، يقال: إن كل مرض نفسي أو عقلي هو تضخم لاضطرابات نفسية بسيطة يمكن أن يمر بها كل إنسان.
وفي تحليل تركيبة الإنسان العربي الذي يمر اليوم بخلل في شخصيته عبر التاريخ، ستجد أن عند العربي اعتقاداً جازماً بالتفوق الحضاري والعرقي والإنساني والديني عن باقي الإثنيات الإنسانية، ولديه اعتقاد جازم أن لديه أفكاراً إبداعية خلاقة وحلولاً نموذجية لمشكلات الكرة الأرضية.
والعربي في الوقت نفسه، وبحكم التسلط الأسري والاجتماعي والسياسي، هو شخصية مرتابة يخاف التعبير الكامل عن أفكاره وآرائه، ويشعر أنه مراقب من الأهل والمجتمع والدولة، ويخشى أن يتورط بما لا يعرف.
والعربي يفسر مشكلاته بأنه مستهدف من القوى الدولية، وأحياناً الميتافيزيقية، لذلك فهو يعتزل كل شيء اعتزاله للفتنة، ويربي أبناءه على الخوف والحذر والصمت.
إذن... ثمة مشكلة اتزان في الشخصية العربية الحديثة بين تصورات العربي عن نفسه وإمكاناته، وحقيقة واقعه المعاش وتعامله مع أزماته الكبرى وقضاياه المصيرية.
وحين تتمكن الشخصية العربية الحديثة من تحديد موقعها الصحيح وتقدير إمكاناتها الواقعية ورصد احتياجاتها الآنية، قد... تتخلص شخصيتنا التاريخية من مرض البارانويا العربي.