ما زلنا نتذكر ردود فعل المواطنين والضجة والاستياء الذي صدر منهم في بداية الثمانينات حينما أصدرت البلديات قراراً يلزم جميع المواطنين والمقيمين باستخدام الأكياس السوداء للتخلص من القمامة المنزلية، وذلك عن طريق إضافة سعر الأكياس لفاتورة الكهرباء، على أن يستلم المواطن الأكياس بعد تسديد الفاتورة من بلدية المنطقة، وما زلنا نتذكر الحملات التوعوية والجهود التي قامت بها البلديات آنذاك لتوعية المواطنين حول أهمية استخدام أكياس القمامة، فهي تحافظ على نظافة المنطقة وصحة المواطنين، عن طريق الحفاظ على المدن والقرى نظيفة خالية من الأوبئة والأمراض، وتلك مسؤولية تقع على عاتق الجميع، وتحتاج لتكاتف جهود الأهالي، فهي وسيلة لعلاج مشكلة مشاهداتنا للأوساخ المنتشرة بعشوائية أمام منازلنا حيث تتبعثر القمامة من بقايا طعام، وأوراق، وأكياس أمام منازلنا وفي الشوارع، وهي علاج لمشكلة انتشار القطط والحيوانات والقوارض والحشرات والتي كانت تعتمد في تغذيتها على القمامة، ومن ثم تسرح وتمرح وتدخل بالمنازل من أضيق الفتحات والنوافذ.
استجاب المواطنون والمقيمون لهذه الحملات، والتزموا حتى أصبح وضع القمامة في أكياس سلوكا حضاريا يلتزم به جميع المواطنين والمقيمين، وفي تقديري أن قصة النجاح للقائمين على البلديات آنذاك تكمن في تغير سلوك المواطنين والتزامهم بسلوكيات النظافة، وحرصهم عليه، فهو يدخل في باب حرص المواطن على نظافة مدينته وقريته، فعلا جهد تشكر عليه البلديات وتحية لجهود الجيل الذي كان يعمل بالبلديات في الثمانينات.
الغريب اننا نعيش الزمان الذي انقلبت فيه الآية، حيث يطالب المواطنون بلديات مناطقهم بتسليم أكياس القمامة، ولا يجدون تعاوناً والتزاماً من البلدية مع أن ثمن الأكياس ما زال يضاف في فاتورة الكهرباء، إلا أن المواطن يضطر أن يراجع بلدية منطقته عدة مرات ليتمكن من الحصول على تلك الأكياس والمحظوظ منهم من يحصل على مخصصاته من الأكياس، ففي كل مرة يراجع فيه المواطن البلديات يصطدم بإجابة الموظف المعني «الأكياس غير متوفرة!!! جرب مرة أخرى !!!» أو أن الموظف المعني يريح نفسه من معاناة الاعتذار للمواطن واستقبال رد فعله الغاضب ليضع نفس العبارة على الجدار ويكتفي بالإشارة للعبارة محتمياً بالصمت من غضب المواطن، وتجد المواطن يراجع البلدية مرات عدة ليستمع لنفس الإجابة، وليقرأ على الجدران العبارة ذاتها، أو أنه يقرأ في صحيفة ما رد المسؤولين المعنيين عن سبب عدم توفر الأكياس أن مناقصة شراء تلك الأكياس ما زالت قيد الإجراء، وعليه أن ينتظر الفرج، وبعد فترة طويلة من الانتظار تصرف البلديات تلك الأكياس السوداء، ولكن لا توفر جميع المخصصات لجميع الأشهر، وفر البعض على نفسه تلك المعاناة مضطراً واتجه لشراء الأكياس من المحلات التجارية، فهم آثروا عدم اللجوء بتاتاً للبلدية لاستلام الأكياس السوداء، والبعض قرر أن يصمد ويكرر المراجعة بلا يأس، ولكنه لن يستلم كامل مخصصاته من الأكياس لجميع الأشهر، وسيضطر حتماً للشراء من المحلات التجارية لتغطية احتياجاته عن بعض الأشهر، والعجب كل العجب أن البلديات لا تصرف أكياس القمامة لمن لم يدفع فاتورة الكهرباء، ولكن الهدف الذي قد وضعته البلديات في الثمانينات وهو نشر سلوك صحي لدى المواطن باستخدام تلك الأكياس قد غاب من خطط البلديات في زماننا هذا، وتحول الهدف مجرد توزيع الأكياس، عجبي من تغير الزمان، وانقلاب الآية، فالمواطن يحرص على السلوك الصحي ويطالب الجهة المختصة بالتعاون معه!! وعجبي أننا نقرأ في بعض الصحف شكاوى من بعض المواطنين أن بعض الأسواق التجارية تقوم ببيع أكياس القمامة التي توجد عليها إشارة تفيد بأنها تتبع للبلدية!! في وسط هذه الزوابع حول توفير مخصصات المواطنين من الأكياس السوداء، تعلو الأصوات، أين موقف المجالس البلدية، هل عجزوا عن حل مشكلة بسيطة كهذه «مشكلة أكياس»، فكيف بهم في حل مشاكل أكبر واحتياجات أهم، مثل المطالبة بتوفير الخدمات والمرافق كالحدائق ورصف الشوارع، أو صيانة مرافق قديمة في المنطقة، أو غيرها، فهل خابت آمال المواطنين في مرشحيهم من المجالس البلدية؟ لا أعتقد ذلك بتاتاً لأن البحرينيين بطبيعتهم متفائلين.
وأرى أن نختصر كل هذه المعاناة والجهود لتوفير مخصصات أكياس القمامة بمنح المواطنين كوبونات لاستلام تلك الأكياس من عدد من المحلات التجارية، فذلك يوفر الجهد على موظفي البلديات والمتمثلة في إجراءات المناقصات، ورصد الموازنات، وتخزين تلك الأكياس، وتوزيعها، ومواجهة الجمهور، وغيرها من الجهود، ويكتفي بالتنسيق مع المورد، والمحلات التجارية لتوفير المطلوب واعتماد الكوبونات، وفي نفس الوقت تصون ماء وجه المواطن من تكرار مراجعة البلدية ورجاءه للموظف أن يسلمه ما دفع قيمته من أكياس، وتوفر تذمره.
ولا أملك أخيراً إلا أن أقول للمواطنين، شكراً لإصراركم على الالتزام باستخدام أكياس القمامة حفاظاً على نظافة مناطقكم رغم كل هذه المعاناة، فلم نجد قط مواطن قد رمى القمامة مباشرة دون أكياس في القمامة، فكم نعتز أن أصبح السلوك الصحي السليم سلوكاً أصيلاً ثابتاً لا يتغير.
وأقول شكراً للقائمين على البلديات في جيل الثمانينات الذين بدؤوا بالتجربة لأنهم نجحوا في نشر سلوك صحي سليم بين المواطنين حتى أنهم أصبحوا متمسكين بهذا السلوك رغم الصعوبات والتحديات، فتغير ثقافة المجتمعات تعتبر قصة نجاح تستحق الاعتزاز.
وأقول للبلديات وللمجالس البلدية في زمننا هذا دمتم سالمين وأتمنى لكم (....) عذرا أيها القارئ استسمحك أن تكمل بدلاً عني ما سأقوله، وتكمل الفراغ في الجملة السابقة.
استجاب المواطنون والمقيمون لهذه الحملات، والتزموا حتى أصبح وضع القمامة في أكياس سلوكا حضاريا يلتزم به جميع المواطنين والمقيمين، وفي تقديري أن قصة النجاح للقائمين على البلديات آنذاك تكمن في تغير سلوك المواطنين والتزامهم بسلوكيات النظافة، وحرصهم عليه، فهو يدخل في باب حرص المواطن على نظافة مدينته وقريته، فعلا جهد تشكر عليه البلديات وتحية لجهود الجيل الذي كان يعمل بالبلديات في الثمانينات.
الغريب اننا نعيش الزمان الذي انقلبت فيه الآية، حيث يطالب المواطنون بلديات مناطقهم بتسليم أكياس القمامة، ولا يجدون تعاوناً والتزاماً من البلدية مع أن ثمن الأكياس ما زال يضاف في فاتورة الكهرباء، إلا أن المواطن يضطر أن يراجع بلدية منطقته عدة مرات ليتمكن من الحصول على تلك الأكياس والمحظوظ منهم من يحصل على مخصصاته من الأكياس، ففي كل مرة يراجع فيه المواطن البلديات يصطدم بإجابة الموظف المعني «الأكياس غير متوفرة!!! جرب مرة أخرى !!!» أو أن الموظف المعني يريح نفسه من معاناة الاعتذار للمواطن واستقبال رد فعله الغاضب ليضع نفس العبارة على الجدار ويكتفي بالإشارة للعبارة محتمياً بالصمت من غضب المواطن، وتجد المواطن يراجع البلدية مرات عدة ليستمع لنفس الإجابة، وليقرأ على الجدران العبارة ذاتها، أو أنه يقرأ في صحيفة ما رد المسؤولين المعنيين عن سبب عدم توفر الأكياس أن مناقصة شراء تلك الأكياس ما زالت قيد الإجراء، وعليه أن ينتظر الفرج، وبعد فترة طويلة من الانتظار تصرف البلديات تلك الأكياس السوداء، ولكن لا توفر جميع المخصصات لجميع الأشهر، وفر البعض على نفسه تلك المعاناة مضطراً واتجه لشراء الأكياس من المحلات التجارية، فهم آثروا عدم اللجوء بتاتاً للبلدية لاستلام الأكياس السوداء، والبعض قرر أن يصمد ويكرر المراجعة بلا يأس، ولكنه لن يستلم كامل مخصصاته من الأكياس لجميع الأشهر، وسيضطر حتماً للشراء من المحلات التجارية لتغطية احتياجاته عن بعض الأشهر، والعجب كل العجب أن البلديات لا تصرف أكياس القمامة لمن لم يدفع فاتورة الكهرباء، ولكن الهدف الذي قد وضعته البلديات في الثمانينات وهو نشر سلوك صحي لدى المواطن باستخدام تلك الأكياس قد غاب من خطط البلديات في زماننا هذا، وتحول الهدف مجرد توزيع الأكياس، عجبي من تغير الزمان، وانقلاب الآية، فالمواطن يحرص على السلوك الصحي ويطالب الجهة المختصة بالتعاون معه!! وعجبي أننا نقرأ في بعض الصحف شكاوى من بعض المواطنين أن بعض الأسواق التجارية تقوم ببيع أكياس القمامة التي توجد عليها إشارة تفيد بأنها تتبع للبلدية!! في وسط هذه الزوابع حول توفير مخصصات المواطنين من الأكياس السوداء، تعلو الأصوات، أين موقف المجالس البلدية، هل عجزوا عن حل مشكلة بسيطة كهذه «مشكلة أكياس»، فكيف بهم في حل مشاكل أكبر واحتياجات أهم، مثل المطالبة بتوفير الخدمات والمرافق كالحدائق ورصف الشوارع، أو صيانة مرافق قديمة في المنطقة، أو غيرها، فهل خابت آمال المواطنين في مرشحيهم من المجالس البلدية؟ لا أعتقد ذلك بتاتاً لأن البحرينيين بطبيعتهم متفائلين.
وأرى أن نختصر كل هذه المعاناة والجهود لتوفير مخصصات أكياس القمامة بمنح المواطنين كوبونات لاستلام تلك الأكياس من عدد من المحلات التجارية، فذلك يوفر الجهد على موظفي البلديات والمتمثلة في إجراءات المناقصات، ورصد الموازنات، وتخزين تلك الأكياس، وتوزيعها، ومواجهة الجمهور، وغيرها من الجهود، ويكتفي بالتنسيق مع المورد، والمحلات التجارية لتوفير المطلوب واعتماد الكوبونات، وفي نفس الوقت تصون ماء وجه المواطن من تكرار مراجعة البلدية ورجاءه للموظف أن يسلمه ما دفع قيمته من أكياس، وتوفر تذمره.
ولا أملك أخيراً إلا أن أقول للمواطنين، شكراً لإصراركم على الالتزام باستخدام أكياس القمامة حفاظاً على نظافة مناطقكم رغم كل هذه المعاناة، فلم نجد قط مواطن قد رمى القمامة مباشرة دون أكياس في القمامة، فكم نعتز أن أصبح السلوك الصحي السليم سلوكاً أصيلاً ثابتاً لا يتغير.
وأقول شكراً للقائمين على البلديات في جيل الثمانينات الذين بدؤوا بالتجربة لأنهم نجحوا في نشر سلوك صحي سليم بين المواطنين حتى أنهم أصبحوا متمسكين بهذا السلوك رغم الصعوبات والتحديات، فتغير ثقافة المجتمعات تعتبر قصة نجاح تستحق الاعتزاز.
وأقول للبلديات وللمجالس البلدية في زمننا هذا دمتم سالمين وأتمنى لكم (....) عذرا أيها القارئ استسمحك أن تكمل بدلاً عني ما سأقوله، وتكمل الفراغ في الجملة السابقة.