أتذكرون ذلك الماضي القريب، يوم أن كانت قيمة المخالفات المرورية في حدود دخل وإمكانية المواطن، يوم أن كان السائق يشعر أنه إجراء تأديبي، ولا أكثر من ذلك، فلا يشكل له مبلغ المخالفة مشكلة تؤثر على ميزانية أسرته، لذا كم كان من السهل بناء علاقة إيجابية بين السائق وشرطي المرور، أذكر عندما يسلم شرطي المرور ورقة المخالفة للسائقين المخالفين ويقدم لهم معها النصح والإرشاد، كان السائق يتقبل النصح حتى لو كان الشرطي في مقام ابنه، ففي كثير من الأحيان يكلم الشرطي بلغة أبوية ويمازحه، فهو يتقبل المخالفة والنصح بأريحية، فدفع قيمة المخالفة لا يؤثر على ميزانية أسرته، ولا ترهقها.
كلنا نشهد بجهود المعنيين بتنظيم المرور بالبحرين منذ عشرات السنوات ولعلنا من أفضل دول الخليج في احترام قوانين المرور، ولعل البحرين مثل يحتذى به في هذا المجال، تلك مرحلة يجب أن نشهد لها ونقدر جهود المعنيين بإدارة المرور لصناعة هذا الواقع وهي شوارع آمنة منظمة، ووعي لدى السواق بالالتزام بالأنظمة والقوانين، كلنا نذكر الحملات التثقيفية المرورية التي كانت تقوم بها إدارة المرور على مر عشرات السنوات، أذكر منها حملات التوعية في أسبوع المرور، وأذكر زيارات شرطة المرور للمدارس وجهودهم لتثقيف الطلبة، والمعارض الفنية التوعوية التي يحتضنونها، روضة المرور بحديقة عذاري التي توعي أطفال البحرين بقوانين المرور منذ نعومة أظافرهم، ناهيك عن برامج التلفزيون والإذاعة وأشهر برنامج "بوحجي" الصباحي الذي أحبه الجمهور لأسلوبه المرح البسيط والمؤثر في نفس الوقت، فكم كان الناس يحرصون على أن يبدؤوا يومهم بسماع إرشاداته مع أبنائهم وهم في طريقهم للمدرسة، وكم ناقش المعلمون طلابهم هذه الإرشادات، كل هذه الجهود أثمرت ثمرات يشهد ويشيد بها سواق وشعوب دول الخليج الذين تعج بهم شوارع البحرين كسواح، وأخوة وضيوف وأحبة تستضيفهم شوارع البحرين ليقضوا إجازاتهم في بلدهم الثاني، نعم تحققت كل هذه الإنجازات دون الحاجة لأساليب رادعة قاسية على جيوب المواطن وعلى أعصابهم.
أما اليوم فأصبحت قيمة المخالفات المرورية تفوق قيمة الدخل الشهري في بعض من الأحيان. قال لي أحدهم إنه قد يضطر للاقتراض لأجل دفع هذه "الإتاوات"، "عذراً"، أقصد الغرامات المرورية، أنا لن أتحدث عن مدى دقتها، أو صحتها، أو مدى صحة تخطيط الشوارع وقدرتها على استيعاب العدد الكبير من السيارات وقلة فرص الاعتماد على النقل الجماعي، ومدى كفاية مواقف السيارات خاصة في سوق المحرق وما شابه، ولن أتحدث عن سلامة التخطيط عندما تكون المنطقة سكنية وتجارية في آن واحد، ويحتار السائق في البحث عن مواقف للسيارات، كل هذا ليس موضوع حديثي، لكن موضوع حديثي فقط على ما أصبحت أمراً واقعاً. وأصبح الأسلوب الرادع للجميع سواء شباب طائشين أو رجال ونساء متزنين فجميعنا تحت طائلة العقوبات.
كل ما أردت طرحه هو كيف نتعامل مع دفع كلفة عقوبات قانون المرور، فهل نلجأ لشركات التأمين، فهي تؤمن على حوادث السيارات؟ ذلك لأن كلفة تصليح السيارات عالية قد يعجز عن تحملها مالك السيارة، واليوم أصبحت كلفة عقوبات المرور أيضاً عالية قد يعجز عن دفعها الكثير، فهل ستطرح شركات التأمين خدمة التأمين على المخالفات المرورية على غرار التأمين على أخطاء الطيارين وغيرهم. فقد يكون للتأمين مخرج من تلك الأزمة التي ترهق جيوب المواطنين، مجرد سؤال أطرحه لجميع الأطراف واترك تكملة باقي المقال لكم أيها السائقون، ودمتم إخواني السواق سالمين.
{{ article.visit_count }}
كلنا نشهد بجهود المعنيين بتنظيم المرور بالبحرين منذ عشرات السنوات ولعلنا من أفضل دول الخليج في احترام قوانين المرور، ولعل البحرين مثل يحتذى به في هذا المجال، تلك مرحلة يجب أن نشهد لها ونقدر جهود المعنيين بإدارة المرور لصناعة هذا الواقع وهي شوارع آمنة منظمة، ووعي لدى السواق بالالتزام بالأنظمة والقوانين، كلنا نذكر الحملات التثقيفية المرورية التي كانت تقوم بها إدارة المرور على مر عشرات السنوات، أذكر منها حملات التوعية في أسبوع المرور، وأذكر زيارات شرطة المرور للمدارس وجهودهم لتثقيف الطلبة، والمعارض الفنية التوعوية التي يحتضنونها، روضة المرور بحديقة عذاري التي توعي أطفال البحرين بقوانين المرور منذ نعومة أظافرهم، ناهيك عن برامج التلفزيون والإذاعة وأشهر برنامج "بوحجي" الصباحي الذي أحبه الجمهور لأسلوبه المرح البسيط والمؤثر في نفس الوقت، فكم كان الناس يحرصون على أن يبدؤوا يومهم بسماع إرشاداته مع أبنائهم وهم في طريقهم للمدرسة، وكم ناقش المعلمون طلابهم هذه الإرشادات، كل هذه الجهود أثمرت ثمرات يشهد ويشيد بها سواق وشعوب دول الخليج الذين تعج بهم شوارع البحرين كسواح، وأخوة وضيوف وأحبة تستضيفهم شوارع البحرين ليقضوا إجازاتهم في بلدهم الثاني، نعم تحققت كل هذه الإنجازات دون الحاجة لأساليب رادعة قاسية على جيوب المواطن وعلى أعصابهم.
أما اليوم فأصبحت قيمة المخالفات المرورية تفوق قيمة الدخل الشهري في بعض من الأحيان. قال لي أحدهم إنه قد يضطر للاقتراض لأجل دفع هذه "الإتاوات"، "عذراً"، أقصد الغرامات المرورية، أنا لن أتحدث عن مدى دقتها، أو صحتها، أو مدى صحة تخطيط الشوارع وقدرتها على استيعاب العدد الكبير من السيارات وقلة فرص الاعتماد على النقل الجماعي، ومدى كفاية مواقف السيارات خاصة في سوق المحرق وما شابه، ولن أتحدث عن سلامة التخطيط عندما تكون المنطقة سكنية وتجارية في آن واحد، ويحتار السائق في البحث عن مواقف للسيارات، كل هذا ليس موضوع حديثي، لكن موضوع حديثي فقط على ما أصبحت أمراً واقعاً. وأصبح الأسلوب الرادع للجميع سواء شباب طائشين أو رجال ونساء متزنين فجميعنا تحت طائلة العقوبات.
كل ما أردت طرحه هو كيف نتعامل مع دفع كلفة عقوبات قانون المرور، فهل نلجأ لشركات التأمين، فهي تؤمن على حوادث السيارات؟ ذلك لأن كلفة تصليح السيارات عالية قد يعجز عن تحملها مالك السيارة، واليوم أصبحت كلفة عقوبات المرور أيضاً عالية قد يعجز عن دفعها الكثير، فهل ستطرح شركات التأمين خدمة التأمين على المخالفات المرورية على غرار التأمين على أخطاء الطيارين وغيرهم. فقد يكون للتأمين مخرج من تلك الأزمة التي ترهق جيوب المواطنين، مجرد سؤال أطرحه لجميع الأطراف واترك تكملة باقي المقال لكم أيها السائقون، ودمتم إخواني السواق سالمين.