نواصل حديثنا عن دور المحكمة الدستورية في حماية الحقوق والحريات العامة. مارست المحكمة دورها في حماية الحقوق والحريات في حكم حديث صدر لها بتاريخ 2 يوليو 2014 بشأن الإحالة الملكية لمشروع قانون المرور قبل إصداره لتقرير مدى مطابقة المادة «20» منه للدستور التي تنص على أن «مع عدم الإخلال بالشروط الواجب توافرها في المادة السابقة، لا يجوز للأجانب المقيمين في مملكة البحرين، من غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، الحصول على رخصة قيادة أو قيادة مركبة آلية إلا إذا كانت طبيعة عملهم تقتضي ذلك، وتحدد اللائحة التنفيذية طبيعة الأعمال الأخرى التي تمنح بموجبها رخص القيادة للأجانب أو يسمح لهم بقيادة مركبة آلية في مملكة البحرين».
وأكدت المحكمة الدستورية في هذا الحكم أن تنظيم المشرع للحقوق والحريات العامة مقيد بعدم المساس بجوهرها أو الانتقاص منها، وعدت الانتقاص من الحقوق والحريات أمراً مخالفاً للدستور، فجاء في حكمها أن «وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة «31» من الدستور، إذ اقتضت الآتي «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه.
ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية»، وقد دل ذلك على أن جوهر سلطة المشرع في تنظيم الحقوق يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم موازناً بينها ومرجحاً ما يراه أنسبها لمضمونها وأجدرها بتحقيق مصالح الجماعة واختيار أصلحها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله التنظيم. إلا أن ممارسة هذه السلطة مقيدة بضوابط الدستور وحدوده والتي تعد سياجاً لا يجوز اقتحامه أو تخطيه، فإذا ما عهد الدستور إلى أي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية بتنظيم موضوع معين، كان لزاماً على القواعد القانونية التي تصدر عن أي منهما في هذا النطاق ألا تنال من جوهر الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور، سواء بنقضها من أساسها، أو بانتقاصها من أطرافها. وإلا كان ذلك بمثابة عدوان على مجالاتها الحيوية.
وحيث نصت المادة «19» من دستور مملكة البحرين لسنة 2002، في البند «أ» منها على أن «الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون».
كما أوردت المحكمة في حيثيات حكمها أن «وحيث إن مملكة البحرين قد انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للأمم المتحدة، وتم التصديق على انضمامها بتاريخ 12 أغسطس 2006، وصدر بشأن ذلك القانون رقم «56» لسنة 2006 ونشر في الجريدة الرسمية في العدد «2752» بتاريخ 16 أغسطس 2006»، وقد نصت المادة «12/1» من هذا العهد على أن: «لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه...». كما نصت المادة «26» منه على أن «الناس جميعاً سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساوٍ في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب». وإنه لمن نافل القول الإلماع إلى أن عبارتي «فرد» و«الناس» الواردتين تباعاً في كل من المادتين «12» و«26» آنفتي البيان، إنما تستغرقان الناس كافة ولا تنصرفان فقط إلى من انعقدت له صفة المواطن.
وحيث إنه استصحاباً لهذه المعايير، وتوكيداً لضرورة العمل بمقتضاها، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأربعين قرارها رقم 40/144 المؤرخ 13/12/1985 متضمناً إعلانها في شأن «حقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه»، مقرراً سريان أحكامه في شأن كل فرد يوجد في إحدى الدول ولا يكون من رعاياها، ومنوهاً بضرورة أن تتقيد الدول في كل تشريعاتها التي تنظم بها دخول غير مواطنيها إليها، وشروط إقامتهم فيها، وما يمكن أن يقوم بينهم وبين رعاياها من الفروق، بالحدود التي رسمتها التزاماتها الدولية، بما في ذلك ما يتعلق منها بحقوق الإنسان.
ومبيناً في المادة «3» منه حقهم في حرية التنقل صوناً لحريتهم الشخصية التي لا يجوز الإخلال بها إلا وفقاً للقانون، مما ينبغي أن يكون مكفولاً بقوانينها المحلية، ودون إخلال بالتزاماتها الدولية المتصلة بها. وذلك كله -لا مشاحة- وفق القيود التي يجوز أن تفرضها الدول الديمقراطية في مجتمعاتها لأغراض محددة، يندرج تحتها حماية أمنها القومي، ودعم نظامها العام، وصون أخلاقها، مع ضمان حقوق الآخرين، وبما لا يخل بغيرها من الحقوق المنصوص عليها في هذا الإعلان، وكذلك تلك التي قررتها المواثيق الدولية التي تنظمها.
* أستاذ القانون العام المساعد في كلية الحقوق بجامعة البحرين
وأكدت المحكمة الدستورية في هذا الحكم أن تنظيم المشرع للحقوق والحريات العامة مقيد بعدم المساس بجوهرها أو الانتقاص منها، وعدت الانتقاص من الحقوق والحريات أمراً مخالفاً للدستور، فجاء في حكمها أن «وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة «31» من الدستور، إذ اقتضت الآتي «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه.
ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية»، وقد دل ذلك على أن جوهر سلطة المشرع في تنظيم الحقوق يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم موازناً بينها ومرجحاً ما يراه أنسبها لمضمونها وأجدرها بتحقيق مصالح الجماعة واختيار أصلحها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله التنظيم. إلا أن ممارسة هذه السلطة مقيدة بضوابط الدستور وحدوده والتي تعد سياجاً لا يجوز اقتحامه أو تخطيه، فإذا ما عهد الدستور إلى أي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية بتنظيم موضوع معين، كان لزاماً على القواعد القانونية التي تصدر عن أي منهما في هذا النطاق ألا تنال من جوهر الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور، سواء بنقضها من أساسها، أو بانتقاصها من أطرافها. وإلا كان ذلك بمثابة عدوان على مجالاتها الحيوية.
وحيث نصت المادة «19» من دستور مملكة البحرين لسنة 2002، في البند «أ» منها على أن «الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون».
كما أوردت المحكمة في حيثيات حكمها أن «وحيث إن مملكة البحرين قد انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للأمم المتحدة، وتم التصديق على انضمامها بتاريخ 12 أغسطس 2006، وصدر بشأن ذلك القانون رقم «56» لسنة 2006 ونشر في الجريدة الرسمية في العدد «2752» بتاريخ 16 أغسطس 2006»، وقد نصت المادة «12/1» من هذا العهد على أن: «لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه...». كما نصت المادة «26» منه على أن «الناس جميعاً سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساوٍ في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب». وإنه لمن نافل القول الإلماع إلى أن عبارتي «فرد» و«الناس» الواردتين تباعاً في كل من المادتين «12» و«26» آنفتي البيان، إنما تستغرقان الناس كافة ولا تنصرفان فقط إلى من انعقدت له صفة المواطن.
وحيث إنه استصحاباً لهذه المعايير، وتوكيداً لضرورة العمل بمقتضاها، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأربعين قرارها رقم 40/144 المؤرخ 13/12/1985 متضمناً إعلانها في شأن «حقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه»، مقرراً سريان أحكامه في شأن كل فرد يوجد في إحدى الدول ولا يكون من رعاياها، ومنوهاً بضرورة أن تتقيد الدول في كل تشريعاتها التي تنظم بها دخول غير مواطنيها إليها، وشروط إقامتهم فيها، وما يمكن أن يقوم بينهم وبين رعاياها من الفروق، بالحدود التي رسمتها التزاماتها الدولية، بما في ذلك ما يتعلق منها بحقوق الإنسان.
ومبيناً في المادة «3» منه حقهم في حرية التنقل صوناً لحريتهم الشخصية التي لا يجوز الإخلال بها إلا وفقاً للقانون، مما ينبغي أن يكون مكفولاً بقوانينها المحلية، ودون إخلال بالتزاماتها الدولية المتصلة بها. وذلك كله -لا مشاحة- وفق القيود التي يجوز أن تفرضها الدول الديمقراطية في مجتمعاتها لأغراض محددة، يندرج تحتها حماية أمنها القومي، ودعم نظامها العام، وصون أخلاقها، مع ضمان حقوق الآخرين، وبما لا يخل بغيرها من الحقوق المنصوص عليها في هذا الإعلان، وكذلك تلك التي قررتها المواثيق الدولية التي تنظمها.
* أستاذ القانون العام المساعد في كلية الحقوق بجامعة البحرين