لعل من أبرز الدول الأفريقية والعربية التي نجحت في تقويض التحريض العلني لانضمام إلى «داعش» هي الجمهورية الجزائرية، إذ إنها استطاعت على الرغم من كل الظروف الإقليمية والمحلية وحتى الظروف التاريخية القريبة أن تكبح المد الإرهابي من أن يصل لشباب الجزائر، وذلك في مقارنة فارقة مع بقية الدول الأفريقية. في هذا الخصوص أكد السفير المستشار المكلف بقضايا الأمن الدولي بالخارجية الجزائرية «الحواس رياش» أن «الجزائر تصدت للإرهاب وتغلبت عليه بمفردها بفضل مقاربة متعددة القطاعات منسجمة لم تقتصر على البعد الأمني فقط»، مضيفاً أن نحو «13 ألف مقاتل من دول شمال أفريقيا التحقوا بتنظيم الدولة «داعش»». من جانبها، أشارت المكلفة بالبحث الرئيس بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، «كيم كراغين» بشكل مطول إلى هذه الخبرة»، مضيفة أن «الجزائر نجحت في قلب الموازين في مجال التجنيد الإرهابي». ورأت المتخصصة في مكافحة الإرهاب أنه «في الوقت الذي تشهد فيه هذه الظاهرة تفاقماً ببلدان شمال أفريقيا فإنها تسجل في الجزائر تراجعاً أكثر فأكثر»، موضحة أن «الجزائر ستكون البلد الأقل تأثراً بعودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب». وبحسب قولها فإن «7500 إرهابي ينحدرون من 5 بلدان بشمال أفريقيا التحقوا بتنظيم «داعش» حسب أرقام رسمية، غير أن مراكز البحث تشير إلى أرقام أكبر تتراوح ما بين 10 آلاف و13 ألف مقاتل». تقول الأرقام الرسيمة الجزائرية إن 170 جزائرياً فقط يقاتلون في صفوف «داعش»، وهذا الرقم يظل صغيراً جداً مقارنة بوضع الجزائر كجمهورية عانت ما عانت من الإرهاب ومقارنة أخرى بعدد سكانها ناهيك لو تمت مقارنتها بالعدد الإجمالي للمنضوين تحت راية «داعش» من دول شمال أفريقيا.

من المهم للدول العربية وحتى الغربية منها الاستفادة من التجربة الجزائرية في محاصرة ومحاربة كل أشكال الإرهاب في دولة تعتبر من أكبر الدول العربية مساحة، ولأن التجربة الجزائرية في هذا المجال مهمة فإن الاستفادة منها تعتبر حاجة ملحة لدول كثيرة عانت ومازالت تعاني من قضايا الإرهاب، وهذا ما أكد عليه المستشار المكلف بقضايا الأمن الدولي بالخارجية الجزائرية حين أكد أن «الإرهاب انهزم في الجزائر بفضل مجموعة من السياسات والاستراتيجيات العسكرية والسياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية في آن واحد». وهذا يعني أن محاربة الإرهاب لا تتطلب جهد دولة بمفردها ولا مجتمع بمفرده ولا جماعة أو منظمة تعمل «لوحدها» وإنما هو عمل متكامل يقوم به أفراد مجتمع ومؤسسات دولة. أعجبتنا التجربة الجزائرية الصارمة في محاربة الإرهاب، ولهذا لم نسمع خلال الـ 7 أعوام الماضية أي عمل إرهابي كبير حدث في الجزائر أثر بشكل مباشر على أمنها واستقرارها وتماسكها وقوتها كدولة حين نأت بنفسها-حكومة وشعباً- من الدخول في أجواء «الربيع العربي» فكانت مضرب الأمثال.