أسهل شيء هذه الأيام أن تكتب متماهياً مع دوامة صمت تظهر أو أريد لها أن تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة التفاعل الغاضب مع قرار ترامب عن القدس فتغدو عند بعض الناس بطلاً حتى إن لم تكن تستخدم إلا لغة السب واللعن بلغة مللنا تكرارها 70 عاماً من قبيل «وينكم يا عرب؟!» و»وين صواريخكم يا أنظمة؟!». والأصعب أن توصف الأمور كما هي حتى إن لم يكن لهذا التوصيف «شعبية عربية».
نعم للقدس رمزيتها التي تحرك الوجدان كمدينة تقدسها الأديان وواقعة تحت الاحتلال، ومن حقنا أن نغضب وأن نجترح كل الوسائل الممكنة لمواجهة هذا الواقع، لكن أن تجير قضية القدس برمزيتها للنيل من السعودية فهذا ليس من الحقيقة أو المنطق أو الحكمة في شيء.
امتلأت بعض الشاشات ووسائل التواصل الأيام الماضية بحلقات و»أخبار» وبرامج ساخرة موجهة توجيهاً مباشراً ومكروراً ضد السعودية حتى ليظن المتابع في بعض المواقف أن ربانها واحد رغم اختلاف تمويلها وأهدافها وأصحابها.
وكررت هذه البرامج مقولات دعائية اعتبرتها حقيقة وروجتها بانية عليها آليات هجومها ملامسة مشاعر الغضب التي تكتوي في صدور الناس الذين يغضبهم احتلال القدس وأغضبهم بالتأكيد قرار ترامب.
بل ووسعت الدائرة لتشمل كل ملفات المنطقة من سوريا إلى اليمن إلى العراق.
ورغم أن دوافع هذه القنوات الإعلامية التابعة لإيران أو لقطر معروفة، فإنها تلقى تفاعلاً من بعض المحسوبين على المثقفين وقادة الرأي، على اختلاف دوافعهم وأحقادهم أحياناً للأسف، ما هدد بشرخ حتى بين الشعوب نفسها.
واستخدمت في ذلك ألفاظ وصفات متدنية في مستواها الأخلاقي والمعرفي والقيمي طالت حتى الشخصية الخليجية وزي الخليجيين، واستنهضت فيها همم الشعوب دفاعاً عن «شرفها» تجاه حادثة عابرة لمذيعة تلفزيونية مثلاً.
يجري الهجوم على السعودية وتحميلها مسؤولية كل شيء، منذ احتلال فلسطين إلى حرب لبنان إلى سقوط بغداد إلى قرار نقل السفارة الأمريكية.
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1965، والثوار الفلسطينيون وقادتهم يتعرضون للقمع والملاحقة والاغتيال من الأنظمة المحسوبة على «الممانعة» اليوم. مخيمات لبنان تشهد، وخطب أبو عمار وأبو إياد وأبو جهاد. فيما كانت السعودية أقل الدول خلافاً مع ما يقرره الفلسطينيون. ولا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي لعبه المال الخليجي الشعبي والرسمي إلى جانب الفلسطينيين سواء في فتح سابقاً أو حماس لاحقاً.
نعم السعودية حليفة للولايات المتحدة، لكن هذا لم يمنعها دائماً من الاختلاف مع سياسة أمريكا فيما يخص فلسطين وآخرها قرار ترامب الذي أعطت المملكة موقفاً واضحاً تجاهه.
لكن الحقيقة الآن أيضاً أن الخطر الأكبر الذي يتهدد السعودية ومنطقتنا كلها هو المشروع الإيراني، وعلى الذين يريدون أن يقنعوننا ليل نهار بأننا نبالغ في تكبير «البعبع» الإيراني أن ينظروا حولهم فقط ويحصوا المآسي التي خلفها هذا المشروع في كل منطقة حل بها.
يتهمون السعودية بالتدخل في كل الملفات لكن لا يفوتهم أن يصروا على ترويج فشلها المزعوم. يتهمونها بتسليم العراق لإيران. ويكررون ذلك حتى ليظن المستمع أن الطائرات التي قصفت العراق في 2003 كانت سعودية. هل حقاً كان بإمكان السعودية أن تمنع الغزو الأمريكي للعراق؟! هل من عاقل يقول ذلك؟! كثيرون يقول ذلك بدهاء وكثيرون يصدقونهم.
تلام السعودية عند هؤلاء على عدم تدخلها في العراق، وعدم إغراقها الإيرانيين بسيل من التفجيرات القذرة التي تقتل المدني مع العسكري كما فعل النظام السوري حين أراد أن يفشل العملية السياسية الأمريكية في العراق «راجع تصريحات نوري المالكي في 2009».
يلومون عدم تدخلها في العراق وفي الوقت نفسه يلومون تدخلها في اليمن بعد أن كاد اليمن يتحول للنفوذ الإيراني بالكامل، والحقيقة التي لا يمكن نكرانها أن تدخل التحالف أوقف ذلك وإن طالت الحرب.
وفي لبنان، من أوقف الحرب بعد 15 عاماً دامية أكل فيها الكل الكل إلا اتفاق الطائف؟!
تستطيع أن تصف سياسة السعودية بالفشل في لبنان إذا قارنتها بسياسة إيران وسوريا، وإذا اعتبرت سياسة اغتيال كل من يخالفك وتفجير كل منطقة تعارضك نجاحاً نعم فالسعودية فشلت ولها فضل ذلك.
4 عواصم بيد إيران يريد إعلام قطر تحميل مسؤوليتها للسعودية، ويريد إعلام إيران أن يلوم السعودية على تدخلها فيها. والحقيقة أن الأمريكان سلموا بغداد للإيرانيين، والنظام السوري سلم بيروت لإيران، ودمشق أصلاً تحت النفوذ الإيراني منذ 1979، بل إن هذا النفوذ بات مكلفاً للغاية بعد 2011.
والمثير للسخرية فعلاً أن يأتي لوم السعودية من بعض «مثقفي» هذه العواصم الذين لو كانوا مثقفين حقيقيين لما سقطت العواصم ولما تشرد أهلها.
تلام سياسة السعودية إن لزمت حدودها في فترات سابقة لماذا لم تواجه، وتلام إن واجهت! تلام إن انغلقت وتوصف بالتخلف، وتلام إن انفتحت وتوصف بالابتعاد عن الدين! فالهدف إذن مهاجمة السعودية لا التعاطف مع القضايا أو العواصم العربية. والسؤال المثير هنا: إذا كانت السعودية فاشلة وغير ذات تأثير إلى هذا الحد فلماذا كل هذه الماكينات الإعلامية الضخمة للهجوم على السعودية فقط؟! حتى أنني ظننت لوهلة أن المملكة هي التي أصدرت قرار نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس وأنا الفلسطيني المكتوي بنار إيران وإسرائيل معاً.
نعم للقدس رمزيتها التي تحرك الوجدان كمدينة تقدسها الأديان وواقعة تحت الاحتلال، ومن حقنا أن نغضب وأن نجترح كل الوسائل الممكنة لمواجهة هذا الواقع، لكن أن تجير قضية القدس برمزيتها للنيل من السعودية فهذا ليس من الحقيقة أو المنطق أو الحكمة في شيء.
امتلأت بعض الشاشات ووسائل التواصل الأيام الماضية بحلقات و»أخبار» وبرامج ساخرة موجهة توجيهاً مباشراً ومكروراً ضد السعودية حتى ليظن المتابع في بعض المواقف أن ربانها واحد رغم اختلاف تمويلها وأهدافها وأصحابها.
وكررت هذه البرامج مقولات دعائية اعتبرتها حقيقة وروجتها بانية عليها آليات هجومها ملامسة مشاعر الغضب التي تكتوي في صدور الناس الذين يغضبهم احتلال القدس وأغضبهم بالتأكيد قرار ترامب.
بل ووسعت الدائرة لتشمل كل ملفات المنطقة من سوريا إلى اليمن إلى العراق.
ورغم أن دوافع هذه القنوات الإعلامية التابعة لإيران أو لقطر معروفة، فإنها تلقى تفاعلاً من بعض المحسوبين على المثقفين وقادة الرأي، على اختلاف دوافعهم وأحقادهم أحياناً للأسف، ما هدد بشرخ حتى بين الشعوب نفسها.
واستخدمت في ذلك ألفاظ وصفات متدنية في مستواها الأخلاقي والمعرفي والقيمي طالت حتى الشخصية الخليجية وزي الخليجيين، واستنهضت فيها همم الشعوب دفاعاً عن «شرفها» تجاه حادثة عابرة لمذيعة تلفزيونية مثلاً.
يجري الهجوم على السعودية وتحميلها مسؤولية كل شيء، منذ احتلال فلسطين إلى حرب لبنان إلى سقوط بغداد إلى قرار نقل السفارة الأمريكية.
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1965، والثوار الفلسطينيون وقادتهم يتعرضون للقمع والملاحقة والاغتيال من الأنظمة المحسوبة على «الممانعة» اليوم. مخيمات لبنان تشهد، وخطب أبو عمار وأبو إياد وأبو جهاد. فيما كانت السعودية أقل الدول خلافاً مع ما يقرره الفلسطينيون. ولا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي لعبه المال الخليجي الشعبي والرسمي إلى جانب الفلسطينيين سواء في فتح سابقاً أو حماس لاحقاً.
نعم السعودية حليفة للولايات المتحدة، لكن هذا لم يمنعها دائماً من الاختلاف مع سياسة أمريكا فيما يخص فلسطين وآخرها قرار ترامب الذي أعطت المملكة موقفاً واضحاً تجاهه.
لكن الحقيقة الآن أيضاً أن الخطر الأكبر الذي يتهدد السعودية ومنطقتنا كلها هو المشروع الإيراني، وعلى الذين يريدون أن يقنعوننا ليل نهار بأننا نبالغ في تكبير «البعبع» الإيراني أن ينظروا حولهم فقط ويحصوا المآسي التي خلفها هذا المشروع في كل منطقة حل بها.
يتهمون السعودية بالتدخل في كل الملفات لكن لا يفوتهم أن يصروا على ترويج فشلها المزعوم. يتهمونها بتسليم العراق لإيران. ويكررون ذلك حتى ليظن المستمع أن الطائرات التي قصفت العراق في 2003 كانت سعودية. هل حقاً كان بإمكان السعودية أن تمنع الغزو الأمريكي للعراق؟! هل من عاقل يقول ذلك؟! كثيرون يقول ذلك بدهاء وكثيرون يصدقونهم.
تلام السعودية عند هؤلاء على عدم تدخلها في العراق، وعدم إغراقها الإيرانيين بسيل من التفجيرات القذرة التي تقتل المدني مع العسكري كما فعل النظام السوري حين أراد أن يفشل العملية السياسية الأمريكية في العراق «راجع تصريحات نوري المالكي في 2009».
يلومون عدم تدخلها في العراق وفي الوقت نفسه يلومون تدخلها في اليمن بعد أن كاد اليمن يتحول للنفوذ الإيراني بالكامل، والحقيقة التي لا يمكن نكرانها أن تدخل التحالف أوقف ذلك وإن طالت الحرب.
وفي لبنان، من أوقف الحرب بعد 15 عاماً دامية أكل فيها الكل الكل إلا اتفاق الطائف؟!
تستطيع أن تصف سياسة السعودية بالفشل في لبنان إذا قارنتها بسياسة إيران وسوريا، وإذا اعتبرت سياسة اغتيال كل من يخالفك وتفجير كل منطقة تعارضك نجاحاً نعم فالسعودية فشلت ولها فضل ذلك.
4 عواصم بيد إيران يريد إعلام قطر تحميل مسؤوليتها للسعودية، ويريد إعلام إيران أن يلوم السعودية على تدخلها فيها. والحقيقة أن الأمريكان سلموا بغداد للإيرانيين، والنظام السوري سلم بيروت لإيران، ودمشق أصلاً تحت النفوذ الإيراني منذ 1979، بل إن هذا النفوذ بات مكلفاً للغاية بعد 2011.
والمثير للسخرية فعلاً أن يأتي لوم السعودية من بعض «مثقفي» هذه العواصم الذين لو كانوا مثقفين حقيقيين لما سقطت العواصم ولما تشرد أهلها.
تلام سياسة السعودية إن لزمت حدودها في فترات سابقة لماذا لم تواجه، وتلام إن واجهت! تلام إن انغلقت وتوصف بالتخلف، وتلام إن انفتحت وتوصف بالابتعاد عن الدين! فالهدف إذن مهاجمة السعودية لا التعاطف مع القضايا أو العواصم العربية. والسؤال المثير هنا: إذا كانت السعودية فاشلة وغير ذات تأثير إلى هذا الحد فلماذا كل هذه الماكينات الإعلامية الضخمة للهجوم على السعودية فقط؟! حتى أنني ظننت لوهلة أن المملكة هي التي أصدرت قرار نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس وأنا الفلسطيني المكتوي بنار إيران وإسرائيل معاً.