خرج أحد المسؤولين الكبار بوزارة التربية والتعليم بعد انتهاء امتحانات «المنتصف» ليؤكد بشكل متسرِّع للرأي العام بعد امتعاض الطلبة وأولياء أمورهم بسبب طريقة التصحيح المركزي غير العادلة حين أكد «بأن التصحيح المركزي ناجح بكل المقاييس». لا نعرف كيف بات ناجحاً ونتائج الثانوية العامة كلها مخيبة للآمال!

يتناقل بعضهم أن أحد المسؤولين -من أصول عربية- بوزارة التربية والتعليم أخبر أحد المعلمات التي أعطته مبلغاً يقدر بحوالي 1700 دينار كمبالغ للتظلمات التي رفعها الطلبة في تلكم المدرسة بطريقة غاضبة «بأن هذا المبلغ غير كافٍ» فردت عليه المسؤولة عن ملف التظلمات بتلك المدرسة أن عدد الطلبة في مدرستها ليس بالعدد الكبير. تؤكد هذه المسؤولة التربوية بعد خروجها من الوزارة من أن الهدف الحقيقي من وراء فتح باب التظلمات ليس في طريقة إعادة تصحيح نتائج امتحانات الطلبة بقدر ما هو جمع أموال التظلمات التي ربما تقدر بمئات الآلاف من الدنانير لصالح الوزارة، والنتيجة «لا شيء».

كان بإمكان المسؤول الذي صرح بمثاليَّة التصحيح المركزي أن يتريث قليلاً قبل أن يُصرح، وكان بإمكانه أن يجامل أولياء الأمور وحتى أن يجاملنا كإعلاميين ليقول لنا على أقل تقدير بأن الوزارة سوف تناقش وتحقق في مدى صلاحية التصحيح المركزي قبل أن يصفه بالتصحيح المثالي والناجح. ليست هذه كل المشكلة، بل إن الطامة الكبرى أن يكون الهدف من فتح باب التظلمات للطلبة هو أن يكون بوابة لدخل مادي جديد ستعتمده وزارة التربية والتعليم في الأعوام القادمة مع الأسف الشديد، أمَّا المشكلة الحقيقية التي تتمثل بفشل التصحيح المركزي فإن الوزارة لن تتطرق إليها أبداً لأن المسؤول استبق الجميع وصرح بنجاح «الفشل».

مبالغ طائلة ضاعت هباء منثوراً من طرف الكثير من الأسر الضعيفة ومتوسطة الدخل على تظلمات لأبنائها لن تعود بالنفع على الطلبة، وبدل أن تقوم الوزارة بتصحيح موقفها من التصحيح المركزي أخذت بفتح باب «التبرعات» والتي نسميها تأدباً «بالتظلمات». إن فشل التصحيح المركزي ليس وجهة نظر، بل هي آراء كافة الطلبة وغالبية المعلمين -حسب ما التمسناه منهم- ولهذا فإن موقف التربية هو موقف آحادي الجانب لا يمثل الطلبة ولا أولياء الأمور ولا الكادر التعليمي.

إن من أخطر ما يواجه الكثير من مؤسسات الدولة أحياناً هو الاعتماد الكلي والمطلق على مستشارين أجانب دون الرجوع للخبرات الوطنية التي تستوعب طريقة العمل الصحيح مع مراعاة الظروف الموضوعية للمجتمع البحريني التي تحتم علينا قوانيننا فهم طبيعته وطريقة تفكيره وأسلوبه في الحياة. أمَّا أن تُفرض قوانين أجنبية تناسب مجتمع المستشار دون النظر إلى خصوصية مجتمعنا فهذه كارثة، وما «التصحيح المركزي» إلا أنموذج لاستنساخ تجارب فاشلة في مجتمع تعليمي ناجح.