ما أكثر حملة شهادة الدكتوراه في دولنا النامية. فمنذ أن أعلنت الحرب على الأمية والناس تهرول نحو أعلى الشهادات وتقضي سنوات في الدراسة لتحصل عليها. لكن فور ما يسبق حرف «الدال» اسم الباحث حتى نراه يسارع في ترك البحث العلمي والدراسات مكتفياً برسالة الدكتوراه التي تبقى عادة حبيسة الأدراج.
الكثير، اتجه نحو تجميع الشهادات ليس حباً في العلم و المعرفة والرغبة في إضافة أبحاث علمية أو فكرية تخدم فيها مجتمعاتها بل كي تحصل على وظائف عليا في الدولة أو كي تفوز بمكانة اجتماعية بين أهلها وأصدقائها ومحيطها الصغير.
وقد ساهم المجتمع -خاصة بين أبناء الطبقة العادية والمتوسطة- في تكوين هالة حول كل من يحمل الدكتوراه وأعطاهم مكانة عالية مقارنة بغيرهم مما دفع الكثيرون إلى التسابق نحو الدكتوراه، وفي كثير من الأحيان أي دكتوراه، فقط للحصول على هذه المكانة المغرية. واستغربت كثيراً عندما جمعني مؤخراً لقاء مع بعض ممن قرروا الحصول على الشهادة العلمية العليا هذه حينما علمت أن الحصول على «الدال» بالنسبة لهم أهم بكثير من الغوص في أدق تفاصيل العلم ونشر البحوث والمساهمة في تطوير مجالهم العلمي وهي الدوافع الفعلية للحصول على الدكتوراه في الدول المتقدمة.
الحصول على «الدال» أصبح غاية وليس وسيلة. فالبعض وصل به الحال أن يدرس تخصصاً بعيداً كل البعد عن اهتماماته ومساره العلمي وحتى الوظيفي في محاولة مستميتة للحصول على أي «دال» وبأي طريقة. لا يهم إذا كانت الدكتوراه تساهم في التطور والتقدم ولا يهم إذا كانت ستضيف إضافة علمية مفيدة لكن الأهم أن تكون بوابة لوجاهة اجتماعية أو منصب كبير.
لذلك نجد أن البحث العلمي لدينا ضعيف جداً وإنتاجنا من البحوث والدراسات يكاد لا يذكر عندما نطلع على مؤشرات البحث العلمي العالمية. فبدلاً من أن يقضي حملة الدكتوراه لدينا وقتهم في المختبرات أو في تنظيم الدراسات الميدانية ومن ثم نشرها في المجلات العلمية المتخصصة وغيرها نجدهم مثلهم مثل غيرهم يسعون إلى كرسي إداري مرموق.
لا أعلم صراحة من الملام في هذا الفهم المنقوص لشهادة الدكتوراه لدينا. فهل المجتمع بتضخيمه لمميزات الدكتوراه هو الذي ساهم في ذلك؟ أم الدولة التي لم تدعم البحث العلمي بشكل كافٍ حيث أجبرت أصحاب الشهادات على ترك شهاداتهم وعلمهم ليصبحوا مطورين عقاريين أو أصحاب مطاعم مثلاً لأن مدخولها مجزٍ أكثر؟ أم الطالب والباحث نفسه الذي يحصل على الدكتوراه لأغراض لا علاقة لها بالبحث العلمي؟
القطاع الخاص عندنا، أثبت أن حامل شهادة الدكتوراه هو آخر ما يبحث عنه. فهذا القطاع يغطي الثغرات العلمية لديه من خلال تكثيف التدريب العملي لموظفيه ويواكب المستجدات في مجاله من خلال حضور المؤتمرات والمعارض. ولا يستعين بالبحث العلمي عادة إلا من خلال اشتراكه في نشرات مراكز الدراسات والبحوث العالمية. والمؤسسات الحكومية استوعبت أن من يحمل شهادة الدكتوراه ليس بالضروري أن يؤدي العمل أفضل من غيره.
لم يتبق فعلياً لحملة شهادة الدكتوراه سوى الجامعات ومراكز البحوث فهذه المواقع هي الأنسب لهم. وإذا أرادوا مساراً غير ذلك فعلينا أن نذكرهم أننا كبلدان نامية نسعى إلى أن نلحق بركب التقدم ونحتاجهم أكثر في عمل الدراسات والاهتمام بالبحوث. وإذا شعروا بضيق الحال، فعلينا أن نذكرهم أن البحث العلمي لم يكن أبداً طريقاً لجني المال فمن يريد المال عليه أن يشتغل في التجارة أو الاستثمار. ومن يريد المنصب العالي في وزارة أو مؤسسة فعلينا أن ننبهه إلى أن هذا الزمن ولى وراح، فلم تعد شهادة الدكتوراه مفتاحاً لأبواب المكاتب الكبيرة والكراسي الجلدية الفاخرة كما كان الحال في ماض قريب.
نحن بأمس الحاجة إلى تكثيف البحوث والنشر والاستفادة من المهارات التي اكتسبها أصحاب الدكتوراه في عمل الدراسات العلمية التي تعود بالنفع على العلم والمجتمع، خاصة وأن أغلب الدراسات التي تصلنا مستوردة ولا تنطبق على مجتمعاتنا بل أنه آن الأوان أن يكون لنا حصتنا من الإنتاج العلمي. في الختام، ذهبت أجيال وجاءت أجيال والبحث العلمي محلك سر.
الكثير، اتجه نحو تجميع الشهادات ليس حباً في العلم و المعرفة والرغبة في إضافة أبحاث علمية أو فكرية تخدم فيها مجتمعاتها بل كي تحصل على وظائف عليا في الدولة أو كي تفوز بمكانة اجتماعية بين أهلها وأصدقائها ومحيطها الصغير.
وقد ساهم المجتمع -خاصة بين أبناء الطبقة العادية والمتوسطة- في تكوين هالة حول كل من يحمل الدكتوراه وأعطاهم مكانة عالية مقارنة بغيرهم مما دفع الكثيرون إلى التسابق نحو الدكتوراه، وفي كثير من الأحيان أي دكتوراه، فقط للحصول على هذه المكانة المغرية. واستغربت كثيراً عندما جمعني مؤخراً لقاء مع بعض ممن قرروا الحصول على الشهادة العلمية العليا هذه حينما علمت أن الحصول على «الدال» بالنسبة لهم أهم بكثير من الغوص في أدق تفاصيل العلم ونشر البحوث والمساهمة في تطوير مجالهم العلمي وهي الدوافع الفعلية للحصول على الدكتوراه في الدول المتقدمة.
الحصول على «الدال» أصبح غاية وليس وسيلة. فالبعض وصل به الحال أن يدرس تخصصاً بعيداً كل البعد عن اهتماماته ومساره العلمي وحتى الوظيفي في محاولة مستميتة للحصول على أي «دال» وبأي طريقة. لا يهم إذا كانت الدكتوراه تساهم في التطور والتقدم ولا يهم إذا كانت ستضيف إضافة علمية مفيدة لكن الأهم أن تكون بوابة لوجاهة اجتماعية أو منصب كبير.
لذلك نجد أن البحث العلمي لدينا ضعيف جداً وإنتاجنا من البحوث والدراسات يكاد لا يذكر عندما نطلع على مؤشرات البحث العلمي العالمية. فبدلاً من أن يقضي حملة الدكتوراه لدينا وقتهم في المختبرات أو في تنظيم الدراسات الميدانية ومن ثم نشرها في المجلات العلمية المتخصصة وغيرها نجدهم مثلهم مثل غيرهم يسعون إلى كرسي إداري مرموق.
لا أعلم صراحة من الملام في هذا الفهم المنقوص لشهادة الدكتوراه لدينا. فهل المجتمع بتضخيمه لمميزات الدكتوراه هو الذي ساهم في ذلك؟ أم الدولة التي لم تدعم البحث العلمي بشكل كافٍ حيث أجبرت أصحاب الشهادات على ترك شهاداتهم وعلمهم ليصبحوا مطورين عقاريين أو أصحاب مطاعم مثلاً لأن مدخولها مجزٍ أكثر؟ أم الطالب والباحث نفسه الذي يحصل على الدكتوراه لأغراض لا علاقة لها بالبحث العلمي؟
القطاع الخاص عندنا، أثبت أن حامل شهادة الدكتوراه هو آخر ما يبحث عنه. فهذا القطاع يغطي الثغرات العلمية لديه من خلال تكثيف التدريب العملي لموظفيه ويواكب المستجدات في مجاله من خلال حضور المؤتمرات والمعارض. ولا يستعين بالبحث العلمي عادة إلا من خلال اشتراكه في نشرات مراكز الدراسات والبحوث العالمية. والمؤسسات الحكومية استوعبت أن من يحمل شهادة الدكتوراه ليس بالضروري أن يؤدي العمل أفضل من غيره.
لم يتبق فعلياً لحملة شهادة الدكتوراه سوى الجامعات ومراكز البحوث فهذه المواقع هي الأنسب لهم. وإذا أرادوا مساراً غير ذلك فعلينا أن نذكرهم أننا كبلدان نامية نسعى إلى أن نلحق بركب التقدم ونحتاجهم أكثر في عمل الدراسات والاهتمام بالبحوث. وإذا شعروا بضيق الحال، فعلينا أن نذكرهم أن البحث العلمي لم يكن أبداً طريقاً لجني المال فمن يريد المال عليه أن يشتغل في التجارة أو الاستثمار. ومن يريد المنصب العالي في وزارة أو مؤسسة فعلينا أن ننبهه إلى أن هذا الزمن ولى وراح، فلم تعد شهادة الدكتوراه مفتاحاً لأبواب المكاتب الكبيرة والكراسي الجلدية الفاخرة كما كان الحال في ماض قريب.
نحن بأمس الحاجة إلى تكثيف البحوث والنشر والاستفادة من المهارات التي اكتسبها أصحاب الدكتوراه في عمل الدراسات العلمية التي تعود بالنفع على العلم والمجتمع، خاصة وأن أغلب الدراسات التي تصلنا مستوردة ولا تنطبق على مجتمعاتنا بل أنه آن الأوان أن يكون لنا حصتنا من الإنتاج العلمي. في الختام، ذهبت أجيال وجاءت أجيال والبحث العلمي محلك سر.