جاءت الرؤية الاقتصادية 2030 لكي تضع مملكتنا الحبيبة في مصاف الدول التي تسعي لتهيئة ظروف الحياة لمواطنيها لينعموا بالعيش الكريم في ظل المتغيرات العالمية، وقد اهتمت هذه الرؤية بتنمية وتنويع مصادر الدخل القومي بما يضمن استدامة الاقتصاد الوطني وتحقيق الرخاء. وكما يعلم الكثير منا أنه لا يمكننا تحقيق مثل هذه الرؤية الطموحة دون أن نربطها بشكل وثيق بمبدأ الاقتصاد القائم على المعرفة «Knowledge Based Economy»، حيث إن هذا المبدأ يهدف إلى غرس روح الريادة والتميز مما يساعد على خلق بيئة إبداعية تبنى وتنمى فيها الكفاءات الوطنية التي ستتولى مستقبلاً تحريك عجلة التطور والازدهار.
لننتقل الآن عزيزي القارئ إلى المتحدثين في الشأن العام، والذين أسهبوا في التطرق إلى جانب مهم جداً يؤكد عدم توافق هذا المبدأ -مبدأ الاقتصاد القائم على المعرفة- مع تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، إذا لم تكن هناك مقومات تدعم العدالة. وهنا يؤسفني القول إن الكثير منا يبني قناعاته على افتراض التوافق بين المبدأين من دون وجود ما يثبت صحة ذلك، حيث إن الافتراض الذي بنوا عليه قناعاتهم هو «أنه سيكون هناك مستوى عالٍ من الرضا المتبادل بين الدولة والشعب بمجرد تحضير المواطنين بما يتطلبه سوق العمل وتوفير فرص العمل للأفراد بشكل عام». إلا أن الواقع المأمول من تطبيق مبدأ الاقتصاد القائم على المعرفة كما بينه الباحثان بودن ونديفا في ورقتهم العليمة المنشورة عام «2010» يتمحور أساساً حول تجهيز المواطنين ليكونوا منتجين اقتصادياً بالمرتبة الأولى «economic citizens»، وقد أشار الباحثان أيضاً إلى أن هذا لا يعني تأهيل المواطنين بطريقة تتناسب مع احتياجاته الفردية وطموحاته وقدراته.
بالعودة إلى وثيقة الرؤية الاقتصادية 2030 فإننا نجدها لم تتجاهل مبدأ الرفاه والعدالة الاجتماعية، حيث وضحت أهمية الموضوع من خلال النقطة 3.3 التي تدعو إلى تطوير النظم التعليمية التي تتيح الفرص لكل مواطن بما يتناسب مع احتياجاته الفردية وطموحاته وقدراته، وتلبية احتياجات مملكة البحرين اقتصادياً، كما وضحت أهمية تواؤم تلك الفرص مع أعلى معايير الجودة في مجال التعليم. لكن الوثيقة لم تذكر المبادرات التي يمكن من خلالها أن يتحقق المبدأ المعني بتوفير الفرص المناسبة لاحتياجات وطموحات كل فرد، ولعل ذلك كان أمراً مدروساً لفتح الأبواب أمام أهل الاختصاص من أكاديميين وتربويين لوضع المبادرات التي تناسب كل مرحلة ولصياغة الخطط الاستراتيجية وتحديد خطط العمل التي بها يمكن تطبيق المبادرات وتحقيق هذا المبدأ. لذلك يجب أن نعي أن مبدأ العدلة يحتاج إلى وسط ثقافي غني يسهم في تغير الكثير من المفاهيم والمبادئ الأمر الذي سيؤدي لإعادة صياغة الكثير من القوانين واللوائح وإعادة النظر في العديد من القرارات، وأن يكون كل ذلك متزامناً مع إعادة هيكلة نظام التعليم كما نصت علية وثيقة الرؤية الاقتصادية 2030.
في اعتقادي الشخصي إننا حالياً نتقدم في خطى متوقعة وواضحة في اتجاه تحقيق الرؤية، وهذا ما انتهجته الكثير من الدول التي سبقتنا في بناء اقتصادها القائم على مبدأ الاقتصاد المعرفي، كما أننا نبقى في موضع قوة عن الغير وذلك عن طريق الاستفادة من تجاربهم ومشاكلهم التي مروا بها لتحقيق رؤيتهم الاقتصادية. فعلى سبيل المثال يمكننا أن نستفيد من منهجية التعلم الفردي Individualized Learning المتمحورة حول قدرات الفرد وبناء هذه القدرات بما يتناسب مع إمكانياته، كذلك يمكننا أن نستفيد من آلية التخطيط للتنمية الذاتية Personal Developmental Planning والتي تهدف إلى متابعة الفرد منذ انخراطه في نظام التعليم حتى تخرجه. وبما أننا نعيش هذه الأيام في مرحلة وضع برنامج عمل الحكومة الجديد 2019-2022 فيجب علينا الأخذ بهذه الملاحظات لكي نصل إلى أهداف الرؤية بشكل شامل لتحقيق الازدهار والرخاء لوطننا الغالي ولشعب البحرين العزيز بإذن الله.
* باحثة ومديرة التطوير الأكاديمي - بوليتكنك البحرين
لننتقل الآن عزيزي القارئ إلى المتحدثين في الشأن العام، والذين أسهبوا في التطرق إلى جانب مهم جداً يؤكد عدم توافق هذا المبدأ -مبدأ الاقتصاد القائم على المعرفة- مع تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، إذا لم تكن هناك مقومات تدعم العدالة. وهنا يؤسفني القول إن الكثير منا يبني قناعاته على افتراض التوافق بين المبدأين من دون وجود ما يثبت صحة ذلك، حيث إن الافتراض الذي بنوا عليه قناعاتهم هو «أنه سيكون هناك مستوى عالٍ من الرضا المتبادل بين الدولة والشعب بمجرد تحضير المواطنين بما يتطلبه سوق العمل وتوفير فرص العمل للأفراد بشكل عام». إلا أن الواقع المأمول من تطبيق مبدأ الاقتصاد القائم على المعرفة كما بينه الباحثان بودن ونديفا في ورقتهم العليمة المنشورة عام «2010» يتمحور أساساً حول تجهيز المواطنين ليكونوا منتجين اقتصادياً بالمرتبة الأولى «economic citizens»، وقد أشار الباحثان أيضاً إلى أن هذا لا يعني تأهيل المواطنين بطريقة تتناسب مع احتياجاته الفردية وطموحاته وقدراته.
بالعودة إلى وثيقة الرؤية الاقتصادية 2030 فإننا نجدها لم تتجاهل مبدأ الرفاه والعدالة الاجتماعية، حيث وضحت أهمية الموضوع من خلال النقطة 3.3 التي تدعو إلى تطوير النظم التعليمية التي تتيح الفرص لكل مواطن بما يتناسب مع احتياجاته الفردية وطموحاته وقدراته، وتلبية احتياجات مملكة البحرين اقتصادياً، كما وضحت أهمية تواؤم تلك الفرص مع أعلى معايير الجودة في مجال التعليم. لكن الوثيقة لم تذكر المبادرات التي يمكن من خلالها أن يتحقق المبدأ المعني بتوفير الفرص المناسبة لاحتياجات وطموحات كل فرد، ولعل ذلك كان أمراً مدروساً لفتح الأبواب أمام أهل الاختصاص من أكاديميين وتربويين لوضع المبادرات التي تناسب كل مرحلة ولصياغة الخطط الاستراتيجية وتحديد خطط العمل التي بها يمكن تطبيق المبادرات وتحقيق هذا المبدأ. لذلك يجب أن نعي أن مبدأ العدلة يحتاج إلى وسط ثقافي غني يسهم في تغير الكثير من المفاهيم والمبادئ الأمر الذي سيؤدي لإعادة صياغة الكثير من القوانين واللوائح وإعادة النظر في العديد من القرارات، وأن يكون كل ذلك متزامناً مع إعادة هيكلة نظام التعليم كما نصت علية وثيقة الرؤية الاقتصادية 2030.
في اعتقادي الشخصي إننا حالياً نتقدم في خطى متوقعة وواضحة في اتجاه تحقيق الرؤية، وهذا ما انتهجته الكثير من الدول التي سبقتنا في بناء اقتصادها القائم على مبدأ الاقتصاد المعرفي، كما أننا نبقى في موضع قوة عن الغير وذلك عن طريق الاستفادة من تجاربهم ومشاكلهم التي مروا بها لتحقيق رؤيتهم الاقتصادية. فعلى سبيل المثال يمكننا أن نستفيد من منهجية التعلم الفردي Individualized Learning المتمحورة حول قدرات الفرد وبناء هذه القدرات بما يتناسب مع إمكانياته، كذلك يمكننا أن نستفيد من آلية التخطيط للتنمية الذاتية Personal Developmental Planning والتي تهدف إلى متابعة الفرد منذ انخراطه في نظام التعليم حتى تخرجه. وبما أننا نعيش هذه الأيام في مرحلة وضع برنامج عمل الحكومة الجديد 2019-2022 فيجب علينا الأخذ بهذه الملاحظات لكي نصل إلى أهداف الرؤية بشكل شامل لتحقيق الازدهار والرخاء لوطننا الغالي ولشعب البحرين العزيز بإذن الله.
* باحثة ومديرة التطوير الأكاديمي - بوليتكنك البحرين