لا حظر على أحد في البحرين فيما يخص التعبير عن رأيه والدعوة إلى ما يعبر عن قناعاته ويعتقد أن نفعه يعود على الوطن والمجتمع، فالدستور يكفل ذلك للجميع، لكن الرأي والدعوة إن لم يكونا واقعيين ويتبين أن صاحبهما ينظر إلى الأمور من زاوية ضيقة فالأكيد أن التجاوب معهما يكون سالباً، والأكيد أنه يتعرض بسبب ذلك للنقد الشديد.
هذا بالضبط هو الذي حدث مع البيان الذي أصدره عبد الله الغريفي وآخرون بمناسبة تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، بتخفيف عقوبة الإعدام الصادرة بحق المدانين باغتيال القائد العام إلى السجن المؤبد، فالبيان كان ملغوماً وعمد أصحابه إلى ترويج مزاعم مفادها أن الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن على مدى السنوات السبع التي تلت محاولة تخريب الوطن مظلومون وأنهم يستحقون العفو وأن ذلك يمكن أن يكون البداية لمرحلة جديدة ينسى فيها الجميع كل ما حدث من تجاوزات واعتداءات على الثوابت.
وهذا هو الذي دفع إلى الرد عليه من قبل الكثيرين، وببيان صدر عن وكيل وزارة العدل والأوقاف للشؤون الإسلامية الدكتور فريد المفتاح ووصف ما احتواه بيان الغريفي بالقفز على ما اقترفه المحكومون من جرائم إرهابية خطيرة، والتنبيه إلى أن أصحاب البيان المذكور عمدوا إلى «استغلال الإعلان عن التصديق الملكي بتخفيض العقوبة كفرصة للدس بالمطالبة بالعفو عن الجميع وتطلعهم إلى عدم بقاء أي سجين»، لهذا كان رد الجميع هو نفسه الذي رد به المفتاح وملخصه أنه «كان يجب أن يصدر منهم «الغريفي ومجموعته»، ما يحرم أفعال هؤلاء الجناة، أو يساند الإجراءات المتخذة بحقهم» ووصف التصريح أو البيان بأنه «أعور يغض الطرف عما اقترفه هؤلاء المجرمون».
الدعوة إلى «تبريد» الساحة وإلى فتح صفحة جديدة وإلى تجاوز المرحلة دعوة طيبة ولا يقف أحد ضدها، لكن استغلال مناسبة تنازل القائد العام عن حقه والطلب من جلالة الملك تخفيف العقوبة واستجابة جلالة الملك للطلب، استغلالها في الترويج لفكرة سالبة يقرأ بين سطورها ما يفيد بأن الأحكام التي صدرت ضد كل أولئك كانت أحكاماً سياسية وأنهم لا يستحقونها وأن الواجب يستدعي إلغاءها واعتبار كأنه لم يحدث شيء فالأكيد أنه مرفوض ولا يمكن الترحيب به، ومن الطبيعي وصف البيان بالملغوم وأن المراد منه الترويج لفكرة لا مصداقية لها وغير واقعية، فالذين يقضون عقوبات بالسجن والذين عوقبوا بأخرى صدرت في حقهم أحكام من محاكم توفرت لهم فيها كل الحقوق ونطق بها قضاة يعرفون الله سبحانه وتعالى ويعرفون القانون ويعملون بروحه قبل نصوصه.
لو أن الأمر يستوعب العفو لما تأخر صاحب الجلالة عنه، ولو أن القانون يتيح لمن تورط في الجرائم إلغاء العقوبة الصادرة ضده لهذا السبب أو ذاك لما تأخر المعنيون بالقانون عن إلغائها، ولو أن الأمر يمكن أن ينتهي بإصدار عفو عام لما تأخرت القيادة عن إصداره حتى وهي ترى نتائج المرات التي تم فيها إصدار عفو عام في السنين الماضية.
للأسف إن ما مرت به البحرين في السنوات السبع الماضية قلل من خيارات المصالحة وجعل العفو العام أمراً صعب التصور، وليس من منصف في العالم يوافق على اعتبار ما جرى غلطة لن تتكرر وتستوجب السماح، وليس في العالم عاقل يمكن أن يقول بأن ما جرى لن يتكرر، فالذين باعوا وطنهم وضعوا بيضهم في سلة النظام الإيراني ولا يمكنهم استردادها منه، فهذا النظام المستبد لن يجد فرصة أفضل من هذه التي حصل عليها ولا يمكن أن يقبل بتراجع من اختار الجلوس في حضنه، وهذا أمر تدركه البحرين جيداً ولهذا فإنها لا تثق في «الدعوات البريئة».
{{ article.visit_count }}
هذا بالضبط هو الذي حدث مع البيان الذي أصدره عبد الله الغريفي وآخرون بمناسبة تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، بتخفيف عقوبة الإعدام الصادرة بحق المدانين باغتيال القائد العام إلى السجن المؤبد، فالبيان كان ملغوماً وعمد أصحابه إلى ترويج مزاعم مفادها أن الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن على مدى السنوات السبع التي تلت محاولة تخريب الوطن مظلومون وأنهم يستحقون العفو وأن ذلك يمكن أن يكون البداية لمرحلة جديدة ينسى فيها الجميع كل ما حدث من تجاوزات واعتداءات على الثوابت.
وهذا هو الذي دفع إلى الرد عليه من قبل الكثيرين، وببيان صدر عن وكيل وزارة العدل والأوقاف للشؤون الإسلامية الدكتور فريد المفتاح ووصف ما احتواه بيان الغريفي بالقفز على ما اقترفه المحكومون من جرائم إرهابية خطيرة، والتنبيه إلى أن أصحاب البيان المذكور عمدوا إلى «استغلال الإعلان عن التصديق الملكي بتخفيض العقوبة كفرصة للدس بالمطالبة بالعفو عن الجميع وتطلعهم إلى عدم بقاء أي سجين»، لهذا كان رد الجميع هو نفسه الذي رد به المفتاح وملخصه أنه «كان يجب أن يصدر منهم «الغريفي ومجموعته»، ما يحرم أفعال هؤلاء الجناة، أو يساند الإجراءات المتخذة بحقهم» ووصف التصريح أو البيان بأنه «أعور يغض الطرف عما اقترفه هؤلاء المجرمون».
الدعوة إلى «تبريد» الساحة وإلى فتح صفحة جديدة وإلى تجاوز المرحلة دعوة طيبة ولا يقف أحد ضدها، لكن استغلال مناسبة تنازل القائد العام عن حقه والطلب من جلالة الملك تخفيف العقوبة واستجابة جلالة الملك للطلب، استغلالها في الترويج لفكرة سالبة يقرأ بين سطورها ما يفيد بأن الأحكام التي صدرت ضد كل أولئك كانت أحكاماً سياسية وأنهم لا يستحقونها وأن الواجب يستدعي إلغاءها واعتبار كأنه لم يحدث شيء فالأكيد أنه مرفوض ولا يمكن الترحيب به، ومن الطبيعي وصف البيان بالملغوم وأن المراد منه الترويج لفكرة لا مصداقية لها وغير واقعية، فالذين يقضون عقوبات بالسجن والذين عوقبوا بأخرى صدرت في حقهم أحكام من محاكم توفرت لهم فيها كل الحقوق ونطق بها قضاة يعرفون الله سبحانه وتعالى ويعرفون القانون ويعملون بروحه قبل نصوصه.
لو أن الأمر يستوعب العفو لما تأخر صاحب الجلالة عنه، ولو أن القانون يتيح لمن تورط في الجرائم إلغاء العقوبة الصادرة ضده لهذا السبب أو ذاك لما تأخر المعنيون بالقانون عن إلغائها، ولو أن الأمر يمكن أن ينتهي بإصدار عفو عام لما تأخرت القيادة عن إصداره حتى وهي ترى نتائج المرات التي تم فيها إصدار عفو عام في السنين الماضية.
للأسف إن ما مرت به البحرين في السنوات السبع الماضية قلل من خيارات المصالحة وجعل العفو العام أمراً صعب التصور، وليس من منصف في العالم يوافق على اعتبار ما جرى غلطة لن تتكرر وتستوجب السماح، وليس في العالم عاقل يمكن أن يقول بأن ما جرى لن يتكرر، فالذين باعوا وطنهم وضعوا بيضهم في سلة النظام الإيراني ولا يمكنهم استردادها منه، فهذا النظام المستبد لن يجد فرصة أفضل من هذه التي حصل عليها ولا يمكن أن يقبل بتراجع من اختار الجلوس في حضنه، وهذا أمر تدركه البحرين جيداً ولهذا فإنها لا تثق في «الدعوات البريئة».