تحي منظمة الصحة العالمية في الخامس والعشرين من أبريل، اليوم العالمي للملاريا، وتعتبر هذه فرصة لتسليط الضوء على هذا المرض الذي ارتفعت نسبة الإصابة به بسبب الحروب والأوضاع الصحية والاجتماعية السيئة التي يشهدها العالم. ووفقا لأحدث تقديرات منظمة الصحة العالمية والتي صدرت في ديسمبر 2016، بلغت حالات الإصابة بالملاريا 212 مليون إصابة و429 ألف حالة وفاة. والملاريا مرض فتاك ينتقل عن طريق لدغات البعوض من جنس الأنوفيلة الحامله لطفيلي البلازموديوم. تضع إناث البعوض بيوضها التي تفقس إلى يرقات في الماء وتتحول في نهاية الأمر إلى بعوض بالغ. وتتغذى إناث البعوض على الدم فيتسلل الطفيلي إلى كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان ويدمرها، ومن أهم أعراضه الحمى، وتضخم الطحال، وفقر الدم. ومن الحقائق التي يجب ذكرها أن كريات الدم المنجلية تقي من الإصابة بالملاريا وذلك لأن الخلل في تركيب الهيموجلوبين الذي يؤدي إلى الشكل المنجلي لخلايا الدم الحمراء يجعلها قابلة للتكسر والموت بسرعة «نقص فترة الحياة»، مما يحول دون إكمال طفيلي الملاريا من دورة حياته وبالك تكون الإصابة إن حدثت أقل شدة من المرضى الذين يمتلكون كريات دم طبيعية.
إن علاج مرض الملاريا «الأرتيميسينين» المستخلص من نبات الشيح الحلو الذي ينمو في الصين وفيتنام وشرق أفريقيا والذي يعالج ملايين الأشخاص في العالم هو مصدر فخر للصين. ففي ستينيات القرن الماضي شهدت المنطقة حرباً كانت الصين حليفة لأحد أطرافها وكان مرض الملاريا منتشراً في المنطقة وتذكر المصادر أن الخسائر البشرية بسبب الملاريا كانت أكبر من الخسائر بسبب الأسلحة. فبدأت الصين أبحاثها وقرر الزعيم الصيني ماوتسي تونغ إطلاق مشروع سري بهدف اكتشاف علاج للملاريا كان يعرف برقم 523 وهو تاريخ إطلاقه في 23 مايو عام 1967. جرب مئات العلماء آلاف المركبات والمواد دون التوصل إلى أي نتيجة، لكن العالمة الصينية يويو تو و3 مساعدين بذلوا مجهودا خرافيا حيث درسوا أكثر من ألفي وصفة شعبية صينية للعلاج كتبت قبل 1600 سنة. وقاموا باستخراج 380 نوعاً من المواد وجربوها على الفئران. ثم لاحظوا أن مركباً واحداً نجح في تقليل عدد طفيليات الملاريا في الدم ثم قامت يويو تو بتجريب الدواء على نفسها. ويذكر أن السلطات الصينية لم تشر إلى عمل يويوتو انطلاقاً من أن أي إنجاز يحققه الكل من أجل الكل، إلا أنها حصلت في عام 2011 على أهم جائزة طبية في الولايات المتحدة وهي جائزة لاسكر وعلى جائزة نوبل للطب لعام 2015 بالمشاركة مع عالمين آخرين. ويويو تو هي المرأة رقم 12 التي تحصل على جائزة نوبل للطب على مدى تاريخ الجائزة.
إن الوقاية من مرض الملاريا يعتبر أفضل الطرق للقضاء عليه، وتوصي منظمة الصحة العالمية بتوفير الحماية لجميع الأشخاص المعرضين لمخاطر المرض من خلال المكافحة الفعالة لنواقل الملاريا عن طريق الناموسيات أو رش المبيدات داخل المباني كما يتم استخدام الأدوية المضادة بالجرع التي توصي بها الجهات الطبية عند السفر للدول الموبوءة بالمرض، كما إن اللقاح ضد الملاريا أصبح في طور التجريب. وتسهم زيادة تدابير الوقاية من الملاريا ومكافحتها، بقدر كبير حالياً، في الحد من عبء هذا المرض في مناطق عديدة. وقد وضعت منظمة الصحة العالمية في مايو 2015 استراتيجية للمنظمة المعنية بالملاريا 2016-2030 لجميع البلدان التي تستوطن بها الملاريا. والغرض من هذه الاستراتيجية هو توحيد الجهود والبرامج الإقليمية والمحلية لمكافحة الملاريا والقضاء عليها.
وتصبح البلدان مؤهلة لطلب الإشهاد على التخلص من الملاريا من منظمة الصحة العالمية إذا لم تسجل أي حالة إصابة بالملاريا محلياً لمدة 3 سنوات على التوالي، وقد حصلت 7 دول في السنوات القليلة الماضية على شهادة المنظمة بالتخلص من الملاريا، وهي: الإمارات العربية المتحدة «2007»، والمغرب «2010»، وتركمانستان «2010»، وأرمينيا «2011»، والمالديف «2015»، وسري لانكا «2016»، وقيرغيزستان «2016».
مما لاشك فيه أن قوة النظام الصحي الوطني، ومستوى الاستثمار في مكافحة الأمراض الانتقالية كالملاريا وغيرها، هي أحد المؤشرات لمعدل التقدم في أي بلد. ومثلما تؤثر المحددات البيولوجية، والبيئة، والواقع الاجتماعي والديمغرافي والسياسي والاقتصادي على تقدم البلدان، فهناك حاجة ماسة إلى نظم أقوى لترصد الأمراض الانتقالية بغية اتخاذ استجابة فعالة في الوقت المناسب، وتتبع واستمرار التقدم المحرز في القضاء على تلك الأمراض.
* أخصائية طب مجتمع
{{ article.visit_count }}
إن علاج مرض الملاريا «الأرتيميسينين» المستخلص من نبات الشيح الحلو الذي ينمو في الصين وفيتنام وشرق أفريقيا والذي يعالج ملايين الأشخاص في العالم هو مصدر فخر للصين. ففي ستينيات القرن الماضي شهدت المنطقة حرباً كانت الصين حليفة لأحد أطرافها وكان مرض الملاريا منتشراً في المنطقة وتذكر المصادر أن الخسائر البشرية بسبب الملاريا كانت أكبر من الخسائر بسبب الأسلحة. فبدأت الصين أبحاثها وقرر الزعيم الصيني ماوتسي تونغ إطلاق مشروع سري بهدف اكتشاف علاج للملاريا كان يعرف برقم 523 وهو تاريخ إطلاقه في 23 مايو عام 1967. جرب مئات العلماء آلاف المركبات والمواد دون التوصل إلى أي نتيجة، لكن العالمة الصينية يويو تو و3 مساعدين بذلوا مجهودا خرافيا حيث درسوا أكثر من ألفي وصفة شعبية صينية للعلاج كتبت قبل 1600 سنة. وقاموا باستخراج 380 نوعاً من المواد وجربوها على الفئران. ثم لاحظوا أن مركباً واحداً نجح في تقليل عدد طفيليات الملاريا في الدم ثم قامت يويو تو بتجريب الدواء على نفسها. ويذكر أن السلطات الصينية لم تشر إلى عمل يويوتو انطلاقاً من أن أي إنجاز يحققه الكل من أجل الكل، إلا أنها حصلت في عام 2011 على أهم جائزة طبية في الولايات المتحدة وهي جائزة لاسكر وعلى جائزة نوبل للطب لعام 2015 بالمشاركة مع عالمين آخرين. ويويو تو هي المرأة رقم 12 التي تحصل على جائزة نوبل للطب على مدى تاريخ الجائزة.
إن الوقاية من مرض الملاريا يعتبر أفضل الطرق للقضاء عليه، وتوصي منظمة الصحة العالمية بتوفير الحماية لجميع الأشخاص المعرضين لمخاطر المرض من خلال المكافحة الفعالة لنواقل الملاريا عن طريق الناموسيات أو رش المبيدات داخل المباني كما يتم استخدام الأدوية المضادة بالجرع التي توصي بها الجهات الطبية عند السفر للدول الموبوءة بالمرض، كما إن اللقاح ضد الملاريا أصبح في طور التجريب. وتسهم زيادة تدابير الوقاية من الملاريا ومكافحتها، بقدر كبير حالياً، في الحد من عبء هذا المرض في مناطق عديدة. وقد وضعت منظمة الصحة العالمية في مايو 2015 استراتيجية للمنظمة المعنية بالملاريا 2016-2030 لجميع البلدان التي تستوطن بها الملاريا. والغرض من هذه الاستراتيجية هو توحيد الجهود والبرامج الإقليمية والمحلية لمكافحة الملاريا والقضاء عليها.
وتصبح البلدان مؤهلة لطلب الإشهاد على التخلص من الملاريا من منظمة الصحة العالمية إذا لم تسجل أي حالة إصابة بالملاريا محلياً لمدة 3 سنوات على التوالي، وقد حصلت 7 دول في السنوات القليلة الماضية على شهادة المنظمة بالتخلص من الملاريا، وهي: الإمارات العربية المتحدة «2007»، والمغرب «2010»، وتركمانستان «2010»، وأرمينيا «2011»، والمالديف «2015»، وسري لانكا «2016»، وقيرغيزستان «2016».
مما لاشك فيه أن قوة النظام الصحي الوطني، ومستوى الاستثمار في مكافحة الأمراض الانتقالية كالملاريا وغيرها، هي أحد المؤشرات لمعدل التقدم في أي بلد. ومثلما تؤثر المحددات البيولوجية، والبيئة، والواقع الاجتماعي والديمغرافي والسياسي والاقتصادي على تقدم البلدان، فهناك حاجة ماسة إلى نظم أقوى لترصد الأمراض الانتقالية بغية اتخاذ استجابة فعالة في الوقت المناسب، وتتبع واستمرار التقدم المحرز في القضاء على تلك الأمراض.
* أخصائية طب مجتمع