اقل من 48 ساعة على صفارة الحكم ليعلن انطلاق المباراة الختامية لكأس العالم... استندت على مقعدي لأكتب مقالي الأسبوعي والذي كان يتناول أحد أحداث الساعة... حاولت أن أصرف انتباهي عما أسمعه من كلام الناس والتنبؤ لاسم البلد الذي سيفوز... وبالرغم من المواقف العديدة التي صارت وحدثت فترة كأس العالم لكرة القدم 2018 والتي بلا شك تستحق الكتابة عنها ولكنني عزفت ألا أكتب ... تاركة هذا الأمر لأربابه، إلا أن أمرا واحدا كان كفيلا ان يقلب الموازين ويغير اتجاه عقارب الساعة من اليسار إلى اليمين.
فالأغلبية من حولي يهتفون باسم كرواتيا.... وكنت أقول لنفسي... مَن بالله عليكم – كرواتيا؟! لا لا هذا غير معقول!! إحدى دول الاتحاد اليوغسلافي سابقا والتي وقفت ضد المسلمين في البوسنة والهرسك وكان لها الدور الأبرز في إذكاء الانقسامات العرقية واندلاع الحروب الدامية!! الظاهر أن الناس نسوا ما صار وجرى... ومع الوقت اتضح أنهم يشجعون كرواتيا ليس للعب الفريق وتميزه فحسب وإنما للام الروحية للفريق ورأس هرم الدولة (كاليندا جاربار) والتي أشغلت العالم كله بتواضعها غير المسبوق المبني على الحكمة والوعي الفكري الكبير.
برامج التواصل الاجتماعي تضج باسمها وأفعالها والتي أصبحت عملة منقرضة في يومنا هذا. لعل ما أشارككم به من معلومات قد سبق ومرّ عليكم، ولكننا أحيانا كثيرة بحاجة أن نعيد ونتذكر الأمور غير الاعتيادية علنا نأخذ مها درسا أو عبرة ونطبقها.
هذه السيدة تمكنت من صنع ورقة بيضاء تسطر عليها أمجادا تكتب بماء الذهب.
يتم تصنيفها على إنها إمرأة بملايين الرجال (الذكور) الذين فضلوا البطن على الوطن..!!؟ باعت (الطائرة الرئاسية) الخاصة!
وباعت عدد(35) سيارة نوع (مرسيدس) لنقل الوزراء! وأودعت عوائدها لخزانة الدولة!؟
رفضت بيع وتخصيص مؤسسات القطاع العام الاستراتيجية!!
خفضت راتبها الى(30%) ليتساوى مع متوسط مرتبات عامة الناس!!
ألغت علاوات وحوافز الوزراء والسلك الدبلوماسي!!
قلصت سفارات وقنصليات وممثلات بلادها في الخارج للحد من الإسراف وتوفير العملة الصعبة!!
عندما تسافر في مهامها الخارجية تحجز في رحلات الطائرات العادية... وهذا ما فعلته تماما عندما توجهت إلى روسيا لتشجيع فريق بلادها.
خطبت في شعبها وقالت لن نقترض من البنك الدولي ولو متنا جوعا.!!
وقالت لن نستدين إلا لغرض المشاريع الربحية التي تدر دخلا لخزينة الدولة!!
ألغت الضرائب على محدودي الدخل!؟
حاربت الفساد في كل دوائر الدولة!؟
جعلت من بلدها الذي خرج منذ سنوات قليلة من حرب أهلية إلى واحد من الدول المتقدمة إقتصاديا والمستقرة والمزدهرة!!
سافرت إلى (روسيا) لتشجيع منتخب بلادها المشارك في نهائيات (كأس العالم) على (حسابها الخاص!)
وحجزت لذلك تذكرة سفر عادية ولم تحجز بتذاكر الدرجة الأولى (الفيرست كلاس)
وبعد وصولها لمدينة (سوتشي) رفضت في البداية الجلوس في (منصة كبار الضيوف) وجلست وسط الجمهور الكرواتي بتذكرة مشجعة عادية
وبعد إلحاح من (مدفيديف) رئيس الوزراء الروسي جلست في المقصورة الرئيسية!!
وشجعت منتخب بلادها وبعد الفوز على روسيا المنتخب المستضيف لنهائيات كأس العالم ذهبت الى لاعبي منتخب بلادها والطاقم الفني واحتفلت معهم بتأهلهم للدور نصف نهائي في حدث قد لا يتكرر مرة أخرى!! الحديث يطول عنها والقلم لا يمل الكتابة عنها!؟