جُوبِهَ القرار الذي أصدرته الحكومة السعودية تحت عنوان "برامج سعودة القطاعات المعلنة" والموصي بضرورة توطين الكثير من الوظائف بالترحيب من طرف الشعب السعودي، فمثل هذه القرارات ترسل رسائل إيجابية للجميع بأن المستقبل يجب أن يكون بالدرجة الأولى للمواطن السعودي، وعليه تم تحديد المزيد من الوظائف التي يجب أن تكون الغلبة فيها للسعوديين. وأكد القرار "أنه في حال كان إجمالي العاملين في المنشأة شخصاً واحداً غير سعودي، فإن على صاحب المنشأة توظيف سعودي مقابله، وفي حال كانت المنشأة تستوعب 5 عاملين، فيشترط توظيف 3 سعوديين، وإذا بلغ إجمالي العاملين في منشأة ما 100 فرد، فيشترط ألا يقل عدد السعوديين عن 70 عاملاً". هذا القرار غير قابل للنقاش وغير قابل للتحايل عليه بأي طريقة غير قانونية.
في دولة الكويت، أعلن رئيس ديوان الخدمة المدنية الكويتي أحمد الجسار، أن الديوان جمد 3 آلاف و140 عقداً للموظفين غير الكويتيين "الوافدين" في الجهات الحكومية، اعتباراً من مطلع يوليو الجاري، وأن الديوان انتهى من الدراسة السنوية الخاصة بـ"التكويت" وفقاً للقرار الصادر بهذا الشأن، والذي يلزم الجهات الحكومية المخاطبة، بتخفيض عدد موظفيها غير الكويتيين سنوياً، حتى الوصول بعد 5 سنوات إلى النسب التي حددها الديوان.
مع استمرار الأزمة المالية ومع وقوف الدول الخليجية على رجليها منذ أمد بعيد لا حل للدول الخليجية سوى توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص وعلى وجه التحديد القطاع الحكومي العام. فعشرات الآلاف من الموظفين والمهندسين والأطباء والمستشارين والاستشاريين الأجانب يستنزفون ميزانية دولنا الخليجية بشكل خرافي جداً وحان وقت توطين شعوبنا في وظائف تليق بهم.
البحرين كغيرها من دول الخليج العربي معنية كذلك ببحرنة الوظائف بشكل جاد في القطاعين، فالكثير من الكفاءات من أبناء البلد مازالوا عاطلين عن العمل، أمَّا من يعمل منهم فإنهم يلاقون مضايقات عدَّة في أماكن عملهم -تحديداً في القطاع الخاص- حين يكون فوقهم أو يترأسهم أحد المسؤولين الأجانب. في المؤسسات والشركات الوطنية مازال هناك مئات المسؤولين الأجانب الذين يتقاضون رواتب فلكية ويمارسون أبشع أنواع العنصرية ضد الموظفين البحرينيين لأنهم فقط من "المدراء الكبار" الذين خوَّل لهم صاحب المؤسسة كل الصلاحيات الفعلية كتوظيف أهاليهم وأصحابهم وتهميش كل بحريني. هذا الوضع يجب أن ينتهي من مؤسساتنا البحرينية فوراً يا معالي وزير العمل، وأن يكون توطين الوظائف وبحرنتها منهجكم الجديد نحو مستقبل زاهر لكل البحرينيين، وألا تكون "البحرنة" مجرد شعارات رنانة تدغدغ المشاعر لكنها على أرض الواقع تعتبر متوفاة سريرياً. البحرنة هي توظيف البحريني قبل الأجنبي، وسحب كل الامتيازات من الأجانب الذين يستطيعون بما أعطُوا من صلاحيات كبيرة "تفنيش" كل البحرينيين أو في أحسن الأحوال تطفيشهم من أعمالهم ليحل محلهم الأجنبي. نعم للبحرنة الحقيقية، هذا ما أردنا قوله.