كلنا يعرف ما هي مهمة لجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة، اللجنة ذات الصفة القضائية المشكلة بموجب المرسوم رقم "14" لسنة 2015. هذه اللجنة التي أنجزت حتى هذه اللحظة الكثير من المسؤوليات والإنجازات مع المطورين العقاريين المتقدين الجدد فيما يخص العقارات المتعثرة. جاء ذلك بعد تعثر بعض المشاريع العقارية لأسباب مختلفة لعل على رأسها الأزمة المالية التي ضربت هذا القطاع وغيره من القطاعات الأخرى حتى أثرت فيه سلباً بشكل مباشر.
كنَّا نتمنى لو أن تم عمل لجنة موازية للجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية تختص بمتابعة ومساعدة المعسرين من التجار الصغار والمتوسطين وحتى الكبار. فالتاجر البحريني الذي قضى عمره لأجل خدمة هذا البلد وتدعيم قواعده الاقتصادية لا يجب أن يهمل أو يرمى خارج حسابات الوطن، فهو أولى في الحقيقة من دعم مشروع إسمنتي هنا ومشروع آخر هناك، فدعم المعسر في الحقيقة يعتبر دعماً للإنسان المواطن الذي أجبرته الظروف الاقتصادية إعلان إفلاسه مرغما، ولهذا يجب مساعدته ومساندته بكل ما يمكننا به للنهوض بهذه الشريحة مرة أخرى لأجل البناء ومواصلة مسيرة التنمية.
المعْسَرون يرون أنفسهم خارج نطاق التغطية الرسمية، وأنهم لم يعاملوا بعد تعثرهم بالطريقة المناسبة، خاصة للذين لم يثبت تقصيرهم أو استهتارهم في القضايا المالية وغيرها وإنما ساقتهم الظروف القاهرة سوقاً لمنطقة اقتصادية لم يرغبوا أبداً بدخولها أو حتى الاقتراب منها. فهم بالإضافة لإفلاسهم وتعثرهم لم يجدوا من يسأل عنهم فضلاً عمن يأخذ بيدهم لطريق النجاة، ولهذا فبدل معالجة قضاياهم بسبب عسرهم تم إيداع بعضهم الحبس وفق القانون لأنهم لم يوفوا بالتزاماتهم المالية تجاه المصارف والمؤسسات المالية وحتى الأشخاص.
إن الإفلاس غير المقصود من طرف التجار وغيرهم من المستثمرين يحدث في كل أنحاء العالم، وفي بعض البلدان الشقيقة المجاورة حين يتعارض مجموعة من التجار لمثل هذه الانكسارات فتأخذهم الأحكام القضائية إلى الحبس تتدخل الحكومات هناك في كثير من الأحيان لحلحة قضاياهم المالية وانتشالهم من مستنقع الإفلاس ومساعدتهم للعودة للسوق من جديد، وهذا ما كنا نصبوا إليه في حديثنا هذا منذ البداية، وهو مساعدة المعسرين وإعطائهم أكثر من فرصة حقيقة لتصحيح أوضاعهم.
بكل تأكيد فإن حديثنا هذا لا يشمل المستهترين والنصابين والغشاشين ومن يتاجرون في الاستثمارات الوهمية وغيرها من التجارة غير المشروعة التي يخدعون بها الناس، وإنما كل حديثنا يخص ويشمل فئة بعينها قادتها الظروف القاهرة للإفلاس، هم تجارنا الأعزاء.