لا أحد يستطيع أن ينكر مستوى الازدحامات المرورية اليومية المؤذية في البحرين، ولا أحد يستطيع أن يجد الحل الأمثل للضغط الحاصل على كل مناطق وشوارع وجسور وحتى أزقة البلد بسبب كثافة السيارات التي تَسْتَخدم الطرق العامة بشكل يومي. وبما أن مساحة البحرين صغيرة جداً جداً وأعداد السيارات الجديدة التي تنزل الشارع إضافة "للموجودة" قد تكاد تنفجر بها شوارعنا، وسيكون الحل في نظر بعضهم لمشكلة الاختناقات المرورية هو توسعة الشوارع وبناء جسور وأنفاق جديدة. ونحن نؤكد أن هذا الأمر التقليدي لن يحل المشكلة على المدى الطويل، بل ستكون كل الحلول التي تصب في هذا الاتجاه تعتبر حلولاً مؤقتة لمشكلة مستمرة.
إذاً ما هو الحل؟ نحن ومنذ زمن بعيد تبنينا فكرة إنشاء شبكة مواصلات متطورة وعميقة وممتدة في كل أرجاء هذا الوطن، وحينها يمكن لكل منا أن يستغنى عن سيارته الشخصية توفيراً للوقت والمال والوقود، هذه الأشياء التي نصرف عليها كل ما نملك من أجل أن نصل إلى وجهتنا المطلوبة في الوقت المحدد لكن دون جدوى. إن إصرار المواطن والمقيم وحتى الزائر بامتلاك سياراتهم الخاصة ليس أمراً اعتباطياً أو من أجل الترفيه والتباهي، بل إصرارهم على شراء سيارة قد تكلفهم الكثير هو لأنهم لا يملكون خياراً "مواصلاتياً" آخر يمكن أن يحل محل السيارة الخاصة. بمعنى، لو كانت هناك شبكة مواصلات متطورة وشاملة في البحرين فإن غالبية الناس هنا لن يكلفوا أنفسهم عناء اقتناء سيارة ربما تكلفهم الكثير من المال، بل سيستخدمون حينها وسيلة النقل التي يمكن أن تحل محل السيارات "كالمترو" والقطارات كما هو الحال في كل الدول الآسيوية والأوروبية وبعض الدول العربية التي تعتمد شعوبها على هذه الوسائل السريعة والاقتصادية والعملية.
على "طاري" المترو، فقد نقلت صحف محلية قبل أيام بأن هناك مشروع "لمترو البحرين" قيد الدراسة يستوعب 43000 مسافر في الساعة ويمر على 20 محطة مختلفة، وسواء صدقنا مثل هذا الخبر أو لم نصدقه فإنه يعتبر الحل الأمثل لمشكلة أزمة المواصلات الداخلية في مملكة البحرين. ربما يقول البعض بأن هذا المشروع جاء في وقت متأخر، ونحن نقول "أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً". فلندعم الفكرة ونروج لها ونضغط باتجاه العمل بها وتنفيذها، أفضل من أن نرميها بالحجارة قبل أن ترى النور أو "نتحلطم" على مجيئها في الوقت المتأخر.
نعم لمترو البحرين، نعم لشبكة مواصلات حديثة وناجزة ومتطورة يمكن أن توفر لنا الكثير من المال والكثير من فرص العمل والأهم من كل ذلك توفر علينا ملايين الساعات المهمة جداً والمهدرة جداً التي نقضيها في شوارعنا الشبيهة بمقابر السيارات. "فمترو" البحرين قد يدخلنا في قائمة الدول المتحضرة والذي بسببه سينتعش اقتصادنا وتزدهر سياحتنا وتهدأ أعصابنا.