سأختصر جميع التحليلات السياسية حول وضع العقوبات الأمريكية على إيران، بأن تلك العقوبات "تقصم ظهر البعير"، ولا يمكن لأي دولة بأن تصمد على هذه العقوبات ما لم يكن لها مخزون استراتيجي من العملات الصعبة أو التحالفات القوية التي ستقف معها، فأمريكا عملت في الأيام الماضية على تفكيك تلك التحالفات عبر إيصال رسالة لحلفائها بأن من يتعامل مع إيران فهو عدو لها.
ملخص تلك العقوبات يمكن اختصاره هو السقوط الحتمي لنظام الملالي، وأن مقاومة النظام الإيراني الحالي ومكابرته لن تنفعه، فأمريكا بثقلها تدخل الملف الإيراني بحزمة إجراءات قد تكون هي الأقوى على مر التاريخ، وأن المعاصرين والمؤرخين سيشهدون نقطة تحول كبيرة جداً في حال عاندت الإدارة الإيرانية وقبلت بتلك العقوبات من دون أن تحرك ساكناً.
فالتحرك الإيراني أن كان ميدانياً عبر إطلاق تهديدات على مستوى إغلاق مضيق هرمز أو تحريك مليشيا الحوثي لزعزعة استقرار باب المندب قد يجبر الولايات المتحدة الأمريكية بأن تواجه الأمر بصرامة حادة جداً، لأن الإدارة بواشنطن لن تسمح بأن يهدد أي كيان مصالحه بالمنطقة، فالإدارة الأمريكية السابقة قد فشلت في سياستها بالمنطقة وكلفها ذلك المليارات.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى ومن خلال استراتيجيته بالتعامل مع قضايا الشرق الأوسط أن إيران هي السبب الرئيس في الفوضى، وأن عدم انسياقها مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب والتطرف وامتلاكها للسلاح النووي سيجعل المصالح الأمريكية مهددة باستمرار، وأن القيام بمحاربة إيران هو أمر حتمي وليس اختياراً.
ومن هنا يتضح لنا أن تعامل الدول المتضررة من إيران حول الملف كان إيجابياً، فالسياسة الخارجية لتلك الدول بقيادة المملكة العربية السعودية قد أحاطت إدارة واشنطن بمجمل التحركات والتدخلات الإيرانية بالمنطقة، مع حيثيات تؤكد تورط النظام الملالي في جعل المصالح الأمريكية مهددة، وأن الصمت عنها يعبر عن تخلي أمريكا عن عمقها الاستراتيجي في المنطقة وهذا ما يعني أن البقعة التي تستورد العالم منها الطاقة ستكون في نزاع حاد وسيؤثر ذلك على أسعار النفط والذهب ووصولاً إلى الدولار مما قد يحدث فوضى عارمة باقتصاديات العالم وعلى رأسها بورصة نيويورك.
فالأيام المقبلة ستكشف لنا مدى ثبات الموقف الأمريكي من جراء فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، ومدى تجاوب نظام الملالي مع تلك العقوبات والتي قبل أن تفرض بدأ الشعب الإيراني في الظهور في الشوارع بعد شح الدولار الأمريكي وضيق المعيشة واستنزاف أموالهم من قبل نظامه، فالصمود الإيراني لن يطول كثيراً ومن يدرس سيكولوجية النظام الملالي سيعلم بأنه سيخضع للشروط الأمريكية وأن النظام سينتظر تغيير الإدارة الأمريكية بالانتخابات القادمة ليعاود نشاطه من جديد، ومن هنا يأتي دور الأنظمة الخليجية في توحيد الرؤى بشأن الخطوات القادمة للتعامل مع إيران، والسعي لتضييق الخناق على الخلايا التابعة لنظام الملالي وكشفها وإدراجها ضمن الكيانات الإرهابية.