هل خرج ملف مجاميع العاطلين عن العمل أو الذين نسميهم بمسمى آخر تجنباً للحرج بالباحثين عن العمل عن الكونترول/السيطرة؟ هل يأست الجهات المعنية بمعالجة هذا الملف من وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لمعالجة حالات البطالة التي تشهدها مملكة البحرين خاصة مع تخرج آلاف الخريجين سنوياً من كافة التخصصات؟ وقبل كل ذلك وللعدالة نتساءل، هل أزمة البطالة هي أزمة محلية أو أنها أزمة إقليمية وعالمية؟ وهل للأزمة المالية الدور البارز في تكدَّس جيوش العاطلين في كافة أنحاء ودول العالم ومن ضمنها البحرين؟

نحن نقر بأن المشكلة ليست بالمشكلة الصغيرة أو البسيطة أو العابرة، فهي وصلت لمستوى "الأزمة" المعقَّدة، لكن الفرق بين الدول المتقدمة وبين دولنا فيما يتعلق بهذا الملف هو اعتراف الدول المتقدمة بالمشكلة باعتبارها أزمة يجب معالجتها والقضاء عليها بكل شكل من الأشكال، والأهم من كل ذلك هو تعامل هذه الدول بشفافية مع ملف العاطلين عبر نشر إحصاءات دقيقة ونزيهة وصادقة لهم، مع الاعتراف الكامل بأنهم أمام أزمة فعلية يجب معالجتها وليس النظر إليها فقط. بينما نحن لا نعترف بوجود أزمة عاطلين، فنبدأ بتزيين المُفردة فنسميهم بالباحثين، ثم نصر على أنها مشكلة بسيطة سيتم معالجتها "على البركة". أمَّا فيما يتعلق بالأرقام والإحصاءات الخاصة بأعداد العاطلين عن العمل عندنا فإننا لا نملك الدليل على تكذيبها لكننا في نفس الوقت لا نملك الدليل على تصديقها كذلك لما يقع بين أيدينا من وقائع وملاحظات ربما أخيرها وليس أولها هو تمديد معرض التوظيف العام قبل أيام في بهو وزارة العمل الذي اكتظ بالمراجعين العاطلين داخل الوزارة وخارجها مما دعا وزير العمل تمديد وقت المعرض. هذا هو الفرق بين نظرتنا لملف العاطلين عن العمل وبين نظرة الدول المتقدمة.

إن ملف الباحثين عن العمل في البحرين بدأ يتضخم يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، وفي كل مرَّة وللأسف الشديد تصدر تصريحات "تخديرية" وتجميلية من طرف بعض المسؤولين فيما يتعلق بملف العاطلين محاولين أن يقولوا للرأي العام بأن "أمورنا كلها طيبة" وهي ليست كذلك. نعم، نحن نقدر الجهود التي تبذلها كل الجهات لتخفيف هذه الأزمة وعلى رأسهم وزارة العمل ووزيرها الفاضل معالي السيد جميل حميدان، ونقدر إخلاصهم ومواقفهم الوطنية لتجاوز هذه القضية لكننا لم نجد أن الحل بدأ يرتقي لمستوى الإقناع المطلوب.

في عصر الشفافية والمعلومة يجب مواجهة الواقع حتى ولو كان موجِعاً بصدق وشفافية، فأولى خطوات الحل هو الاعتراف بالمشكلة، حيث إنها ليست مشكلة بحرينية حتى نخاف من الحديث عنها، وإنما هي أزمة عالمية ضربت وتضرب كل دول العالم. يجب طرح الأرقام الحقيقية، وطرح المعوقات، وطرح المقترحات، ومن ثم طرح الحلول، فليس عيباً أن نعترف بوجود بطالة كبيرة في البحرين، بل العيب هو في تجميلها ونفيها أو الحديث عنها كأنها لا تشكل أي مشكلة على كاهل هذا الوطن. نرجو من السادة المسؤولين في الدولة ونخص بالذكر الوزراء الأفاضل وكذلك ديوان الخدمة المدنية وبقية مؤسسات وهيئات الدولة من وضع استراتيجيات وطنية كبيرة لمعالجة ملف العاطلين عن العمل بالطرق الصحيحة والعلمية والجريئة، وبعدها وبكل تأكيد سنكون معهم كأول المساندين لهم في مهمتهم الوطنية للقضاء على البطالة.