تحليل تقليدي:... اختلفت تفسيرات أزمة الهبوط المدوي لليرة التركية، ولم تخرج القراءات الاقتصادية السياسية عن تحليل السبب في طبيعة السياسات الاقتصادية التركية الجديدة، وتزامنت تلك السياسات مع اضطرابات سياسية تجتاح تركيا والإقليم المحيط بها. وهناك من ارتاح لنظرية المؤامرة التي تتربص بتركيا لأسباب هي امتداد للاضطرابات السياسية في المنطقة. وثمة تقارير أخرى لا تستبعد أن تكون الأزمة الاقتصادية «مسرحية أردوغانية»، تهدف إلى تغيير مراكز رؤوس الأموال من المراكز التقليدية المتعددة، إلى مراكز جديدة تتميز بأنها تمركزات «أردوغانية» فقط.
«المذهل»!!.. هبة جميع فروع التنظيم الإخواني لإنقاذ الليرة التركية من السقوط وإيقاف تدهورها. حيث فوجئنا بخروج أغلب منظري التنظيم «العتاة» وتبنيهم قضية الليرة التركية بوصفها «قضية الأمة الإسلامية الأولى». ودعوتهم كل الغيورين على الإسلام وعلى الكرامة باستثمار أموالهم في تركيا وإيداع أموالهم في البنوك التركية وقصر سياحتهم على تركيا. وتبنيهم المطلق لنظرية المؤامرة على الاقتصاد التركي، وعلى الدولة التركية، وعلى الرئيس التركي تحديداً.
وقبلها.. كان المتوثبون للدفاع عن الليرة التركية هم أنفسهم رأس الحربة في تدمير الاقتصادات العربية، بل وتدمير الدول العربية، تحت ذريعة التغيير، والثورات، والإصلاح السياسي. وحين تعرض الجنيه المصري للأزمة ذاتها، كان أحد الأسباب سلوك بعض تجار العملة من التنظيم الإخواني في السوق السوداء التي أضرت بالجنيه. وبدل أن يدعو التنظيم لدعم الاقتصاد المصري والاستثمار في مصر. كانت الدعوات تتجه نحو تحويل الجنيهات للدولارات واليورو، وتحويلها إلى بنوك خارجية!!
حاليّاً.. نحن ندرك أن تركيا بلد كبير وعظيم وغني بثرواته الطبيعية والبشرية، وأنها سبقت الوطن العربي كثيراً في الولوج إلى الحداثة، نتيجة سياسات الخلافة العثمانية التي دعمت عاصمة الخلافة في إسطنبول بالعلم والحضارة والفن، وضربت حصاراً ثقافياً على الأقاليم العربية التابعة لها، وتعاملت معها باعتبارها حظائر اقتصادية فقط، تأخذ منها الجباية وعمال السُخرة، إلا من تمكن من الانفكاك عن القبضة العثمانية مثل مصر محمد علي باشا. ونحن ندرك أن تطور النهضة الحالية لتركيا هي سليلة تلك الحداثة القديمة، وليس حدثاً طارئاً أو قفزة بهلوانية في الهواء. أما الطفرة المفاجأة التي تعيشها تركيا حالياً، ففي جزء كبير منها هي نتيجة شراكة النظام التركي في حلف «الناتو» الذي خطط للخراب العربي ابتداء من مطلع عام 2011. واستثمار كل الأزمات الاقتصادية التي تكبدها الوطن العربي نتيجة انهيار الأنظمة العربية أو تخلخل دولها. فقد عملت تركيا على استقطاب كل رؤوس الأموال الهاربة من نيران الصراعات المسلحة في الوطن العربي، وتمكنت من جذب السياح العرب إليها بعد أن عدلوا عن السياحة إلى البلدان العربية. فضلاً عما يرويه السوريون من توغل تركي عسكري إبان احتلال «داعش» لحلب وسرقة المصانع التركية الحلبية بأكملها ونقلها إلى تركيا، ثم استيراد العمال السوريين لإنتاج ما صار يعرف بـ «الصناعة السورية في تركيا». ناهيك عن الدور الذي قام به حزب النهضة التونسي إبان سيطرته على الرئاسة وعلى مجلس النواب بسن قوانين وتشريعات تعطل الزراعة والصناعات التونسية المحلية، من أجل فتح المجال للاستيراد التركي الذي أغرقت منتجاته الغذائية والصناعية السوق التونسية. أليس كل ذلك دعماً إخوانياً لدولة تركيا الشقيقة؟!
سابقًا... حين كان الحديث عن التنسيق الاقتصادي العربي، وضرورة استثمار الثروات والموارد العربية، ودعم حركة الاستيراد العربي، واتساع الاعتماد العربي على العمالة العربية، وصولاً إلى التكامل الاقتصادي العربي، الذي يعد ركناً خطيراً في قضية الأمن القومي، إذ يحمي الدول العربية من أي ابتزاز أو تهديد، كان «رؤوس حربة» الليرة التركية يتندرون بهذه الرومانسية العربية، وبسذاجتها، وفي أحسن أحوالها يتهكمون من استحالتها لوقوف الأنظمة عائقاً دونها، وعجز رأس المال العربي الخاص عن فهم قضية «الأمن القومي» وتبنيها. فما بال الأمر تغير، والحال تبدل، وأصبح بإمكان الأموال الشعبية أن تتحول إلى قوة عابرة لتوجهات الأنظمة السياسية وتفعل الأفاعيل والمعجزات وتغير موازين القوى الاقتصادية بتغريدات على منصة «تويتر» فقط، لا غير؟!
الوطنية.. منذ عام 2011، تكشفت للمراقب الحصيف أن الأزمة في الوطن العربي هي أزمة «وطنية» بالدرجة الأولى. فكل الذين تورطوا في خراب الوطن العربي من «أنظمة سياسية فاسدة، ومعارضات مرتبطة بالخارج، ومثقفين مأجورين»، كانوا يعانون من نقص حاد في الوطنية، وطفرة في البرغماتية، أدت بهم إلى أن يسحقوا بأقدامهم الشعوب العربية المسكينة ويتكسبوا على حساب أشلائها. وأن تفتح عينيك يوماً شاخصاً على دعوات زاعقة وحارقة لدعم الليرة التركية، ممن حاربوا المشروع القومي لعقود طويلة، ورفضوا فكرة التكامل العربي بكل صوره وبأدنى أشكاله، وممن وقفوا ضد أوطانهم بذريعة العداء مع الأنظمة السياسية الفاسدة، وحرضوا على بعض الدول العربية بحجة مساندة شعوبها المظلومة.. إنه يوم تكتمل فيه استدارة ولاء التنظيم الإخواني لنفسه ولقياداته ولمراكزه، على حساب أوطان أعضائه وشعوبهم واقتصادهم. ولا أسف إلا على من يشرب من نخب تلك الادعاءات، وعلى الذين مازالوا صدى صوت أجوف لتلك الدعوات الحزبية.
{{ article.visit_count }}
«المذهل»!!.. هبة جميع فروع التنظيم الإخواني لإنقاذ الليرة التركية من السقوط وإيقاف تدهورها. حيث فوجئنا بخروج أغلب منظري التنظيم «العتاة» وتبنيهم قضية الليرة التركية بوصفها «قضية الأمة الإسلامية الأولى». ودعوتهم كل الغيورين على الإسلام وعلى الكرامة باستثمار أموالهم في تركيا وإيداع أموالهم في البنوك التركية وقصر سياحتهم على تركيا. وتبنيهم المطلق لنظرية المؤامرة على الاقتصاد التركي، وعلى الدولة التركية، وعلى الرئيس التركي تحديداً.
وقبلها.. كان المتوثبون للدفاع عن الليرة التركية هم أنفسهم رأس الحربة في تدمير الاقتصادات العربية، بل وتدمير الدول العربية، تحت ذريعة التغيير، والثورات، والإصلاح السياسي. وحين تعرض الجنيه المصري للأزمة ذاتها، كان أحد الأسباب سلوك بعض تجار العملة من التنظيم الإخواني في السوق السوداء التي أضرت بالجنيه. وبدل أن يدعو التنظيم لدعم الاقتصاد المصري والاستثمار في مصر. كانت الدعوات تتجه نحو تحويل الجنيهات للدولارات واليورو، وتحويلها إلى بنوك خارجية!!
حاليّاً.. نحن ندرك أن تركيا بلد كبير وعظيم وغني بثرواته الطبيعية والبشرية، وأنها سبقت الوطن العربي كثيراً في الولوج إلى الحداثة، نتيجة سياسات الخلافة العثمانية التي دعمت عاصمة الخلافة في إسطنبول بالعلم والحضارة والفن، وضربت حصاراً ثقافياً على الأقاليم العربية التابعة لها، وتعاملت معها باعتبارها حظائر اقتصادية فقط، تأخذ منها الجباية وعمال السُخرة، إلا من تمكن من الانفكاك عن القبضة العثمانية مثل مصر محمد علي باشا. ونحن ندرك أن تطور النهضة الحالية لتركيا هي سليلة تلك الحداثة القديمة، وليس حدثاً طارئاً أو قفزة بهلوانية في الهواء. أما الطفرة المفاجأة التي تعيشها تركيا حالياً، ففي جزء كبير منها هي نتيجة شراكة النظام التركي في حلف «الناتو» الذي خطط للخراب العربي ابتداء من مطلع عام 2011. واستثمار كل الأزمات الاقتصادية التي تكبدها الوطن العربي نتيجة انهيار الأنظمة العربية أو تخلخل دولها. فقد عملت تركيا على استقطاب كل رؤوس الأموال الهاربة من نيران الصراعات المسلحة في الوطن العربي، وتمكنت من جذب السياح العرب إليها بعد أن عدلوا عن السياحة إلى البلدان العربية. فضلاً عما يرويه السوريون من توغل تركي عسكري إبان احتلال «داعش» لحلب وسرقة المصانع التركية الحلبية بأكملها ونقلها إلى تركيا، ثم استيراد العمال السوريين لإنتاج ما صار يعرف بـ «الصناعة السورية في تركيا». ناهيك عن الدور الذي قام به حزب النهضة التونسي إبان سيطرته على الرئاسة وعلى مجلس النواب بسن قوانين وتشريعات تعطل الزراعة والصناعات التونسية المحلية، من أجل فتح المجال للاستيراد التركي الذي أغرقت منتجاته الغذائية والصناعية السوق التونسية. أليس كل ذلك دعماً إخوانياً لدولة تركيا الشقيقة؟!
سابقًا... حين كان الحديث عن التنسيق الاقتصادي العربي، وضرورة استثمار الثروات والموارد العربية، ودعم حركة الاستيراد العربي، واتساع الاعتماد العربي على العمالة العربية، وصولاً إلى التكامل الاقتصادي العربي، الذي يعد ركناً خطيراً في قضية الأمن القومي، إذ يحمي الدول العربية من أي ابتزاز أو تهديد، كان «رؤوس حربة» الليرة التركية يتندرون بهذه الرومانسية العربية، وبسذاجتها، وفي أحسن أحوالها يتهكمون من استحالتها لوقوف الأنظمة عائقاً دونها، وعجز رأس المال العربي الخاص عن فهم قضية «الأمن القومي» وتبنيها. فما بال الأمر تغير، والحال تبدل، وأصبح بإمكان الأموال الشعبية أن تتحول إلى قوة عابرة لتوجهات الأنظمة السياسية وتفعل الأفاعيل والمعجزات وتغير موازين القوى الاقتصادية بتغريدات على منصة «تويتر» فقط، لا غير؟!
الوطنية.. منذ عام 2011، تكشفت للمراقب الحصيف أن الأزمة في الوطن العربي هي أزمة «وطنية» بالدرجة الأولى. فكل الذين تورطوا في خراب الوطن العربي من «أنظمة سياسية فاسدة، ومعارضات مرتبطة بالخارج، ومثقفين مأجورين»، كانوا يعانون من نقص حاد في الوطنية، وطفرة في البرغماتية، أدت بهم إلى أن يسحقوا بأقدامهم الشعوب العربية المسكينة ويتكسبوا على حساب أشلائها. وأن تفتح عينيك يوماً شاخصاً على دعوات زاعقة وحارقة لدعم الليرة التركية، ممن حاربوا المشروع القومي لعقود طويلة، ورفضوا فكرة التكامل العربي بكل صوره وبأدنى أشكاله، وممن وقفوا ضد أوطانهم بذريعة العداء مع الأنظمة السياسية الفاسدة، وحرضوا على بعض الدول العربية بحجة مساندة شعوبها المظلومة.. إنه يوم تكتمل فيه استدارة ولاء التنظيم الإخواني لنفسه ولقياداته ولمراكزه، على حساب أوطان أعضائه وشعوبهم واقتصادهم. ولا أسف إلا على من يشرب من نخب تلك الادعاءات، وعلى الذين مازالوا صدى صوت أجوف لتلك الدعوات الحزبية.