من الواضح أن هنالك انزعاجاً واضحاً من قبل منظومة الاحتلال الإسرائيلي تجاه الحراك الرياضي الفلسطيني في العقد الأخير بسبب الحيوية والنشاط والنجاعة لدى الجانب الفلسطيني في خلق مساحات كانت مغلقة أمام اسم فلسطين بالعالم، حتى تعرضت حكومة الاحتلال للنقد والتهكم من قبل مجتمعها الداخلي بسبب موقع فلسطين المتقدم على سلم التصنيف العالمي بكرة القدم، والذي يتقدم على دولة الاحتلال رغم فارق الإمكانيات.

وفي هذا السياق فقط تأتي ردود الاحتلال ومحاولاته المستميتة للتصيد بعد أن تلقى صفعة كانت مؤلمة جداً حين ألغى منتخب الأرجنتين مباراته مع منتخب الكيان الاحتلالي قبيل كأس العالم بسبب الضغط الفلسطيني وأنصاره في العالم.

منظومة الاحتلال وعبر دوائر مخابراتية رسمية وأخرى تعمل بتوجيهاتها مثل مراكز مراقبة المجتمع والإعلام الفلسطيني والعربي قد عملت بكل جهد لاستمالة «الفيفا» لإصدار قرار بحق فلسطين بحجة دعوة اللواء الرجوب لمقاطعة منتخب الأرجنتين وحرق قميص ميسي في حال أقيمت مباراتهم مع الكيان المحتل في حينه.

الفيفا بقرارها إيقاع عقوبة بحق اللواء الرجوب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، والمتمثلة بالإيقاف لمدة عام وغرامة مالية، فإنها تخضع وتتساوق مع رواية الاحتلال دون حتى أن تستمع لرواية الطرف الفلسطيني، في مؤشر خطير قد يؤسس لما هو أسوأ إن لم يكن هنالك تحرك عملي وجدي تجاه «الفيفا».

ولا يمكن اختزال العقوبة والغرامة بحق اللواء الرجوب على أنها إجراء روتيني بل هي عقوبة سياسية بامتياز تجاه الحق الفلسطيني، لأن اللواء الرجوب هنا لا يمثل شخصه بل يمثل فلسطين والطموح العربي بالتواجد على الخارطة في زحمة التغول الاحتلالي على كل ما هو فلسطيني.

الاستهداف هنا هو للاستنهاض الوطني المعاصر للرياضة الفلسطينية التي ساهمت في فضح وجه الاحتلال القذر وانتهاكاته بحق المجتمع الفلسطيني بما فيه حتى الرياضة المفترض أنها محمية بقوانين تكفل لها الحياة، إلا أن «الفيفا» تعيش حالة من العور وهي تغض الطرف عن اختراق قوانينها من قبل الاحتلال وتخضع لرئيس دولته «نتنياهو» الذي سبق وطلب من رئيس» الفيفا» إنفانتينو، حذف طلب فلسطين بفرض عقوبات على 6 فرق صهيونية تلعب في المستوطنات بالضفة الغربية، من جدول أعمال مؤتمر «فيفا» الذي عقد في العاصمة البحرينية المنامة عبر مكالمة هاتفية مارس خلالها نتنياهو الضغط والترهيب، واستعان حتى بالإدارة الأمريكية للضغط على بعض الدول في إقحام واضح وصريح للسياسة في الرياضة.

وينص دستور «الفيفا» على حظر الدول التي تقوم فرق كرة قدم تابعة لها في أرض كيان سياسي آخر عضو في «الفيفا»، وإشراكها في ألعابها.

وتوجد 6 فرق إسرائيلية في مستوطنات معاليه أدوميم «شرق القدس»، وأرئيل «شمال الضفة الغربية»، وكريات أربع «جنوب الضفة»، وجفعات زئيف «القدس الشرقية»، وبكعات هيردين «شرق الضفة الغربية»، وأورانيت «شمال الضفة الغربية».

أعتقد أن المطلوب والمتأمل فلسطينياً أن تكون هناك وقفة عربية لمساندة اللواء الرجوب في معركة لن تكون سهلة وهي بالأساس سياسية بامتياز تحت غطاء قانوني مما يتطلب تحركاً من الاتحاد العربي والآسيوي لحشد الإسناد اللازم وفق التشريعات المعلنة ووفق تلك التشريعات غير المعلنة ذات العلاقة بالمصالح الانتخابية القادمة المحتاجة دوماً للصوت العربي والآسيوي في الفيفا والمحافل الرياضية الأخرى لأن العالم لا يفهم غير لغة المصالح الطاغية على كافة المحافل العالمية.

فالمتابعة وفق القوانين المرعية لن تكون كافية إن لم تكن هنالك قوة داعمة للحق الفلسطيني المهدد بمحاولات حثيثة لمعاودة السطو عليه في ظل تواطؤ «الفيفا» التي لم تتلقى حتى شكوى من الأرجنتين التي تدعي الفيفا أنها تنتصر لها بالعقوبة ضد اللواء الرجوب التي جاءت نتيجة طلب مؤسسات احتلالية.

ومن المهم أن يكون هنالك تحرك إعلامي عربي لفضح ممارسات الاحتلال وهذا التواطؤ من الفيفا الذي يؤسس لشراكة سياسية مقيتة ومبغوضة بينها وبين الاحتلال البغيض.

مازلنا نراهن هنا على عمقنا العربي وخاصة على قطاعات أهلية متمثلة بالاتحادات الرياضية والإعلامية والنقابية والحقوقية في مناصرة الحق الفلسطيني، الذي لن يضيع مادام هنالك خلفه من يسعى ويناضل في سبيله.

* كاتب وصحافي فلسطيني