أحد الكتب الإدارية يورد كاتبها فيه قصة، يسردها كالآتي:
تعود رئيس إحدى الشركات أن يتجول دائماً في المكاتب وأروقة المصنع بشكل دوري، وهدفه من ذلك مراقبة الموظفين والتأكد من أنهم يعملون، ومن يجده لا يعمل «يفصله» فوراً.
هذا الرئيس المعروف بعصبيته وغضبه، وخلال تجوله في المصنع ذات يوم، رأى عاملاً يستند إلى أحد الجدران. تقدم منه وسأله بغضب: متى آخر مرة عملت فيها؟! فأجابه العامل بهدوء شديد واضحة فيه اللامبالة: منذ عشر ساعات تقريباً!
استشاط الرئيس غضباً، ووضع يده في جيبه وأخرج 60 دولاراً وأعطاها للعامل وقال: خذ نقودك لليوم، واذهب أنت مفصول.
أخذ العامل النقود ووضعها في جيبه، ومضى خارجاً من المصنع وهو يصفر. استغرب المدير من فعله، فسأل مسؤول المصنع: في أي قسم كان يعمل هذا الشخص؟! فأجابه: هذا ليس عاملاً في الشركة، هو يعمل في شركة أخرى، وجاء هنا لإيصال إحدى الطلبيات!
قد تكون مرت عليكم هذه القصة، لكن الشاهد فيها بأن بعض المسؤولين يظن أن الإدارة الصحيحة، لابد وأن تقترن بالعصبية والغضب و«تخويف» الموظفين، وإيقاع عقاب فوري بحقهم، دون التأني ودراسة الموقف ومعرفة تفاصيل المسألة، وما إذا كان سيوقع «ظلماً» بحق هذا الموظف، أو أن قراره قد لا يكون مصيباً.
كما نكرر دائماً، الإدارة فن، وليست عصبية أو نرفزة أو قوة أو وصولاً لمرحلة التغطرس والتلذذ بكسر الناس من الموظفين. وللأسف الشديد هنا، قد تكونون وجدتم وشهدتم في موقع ما، سواء اجتماع عمل، أو تجمعاً مهنياً، أساليب «فوقية» من بعض المسؤولين، وتمادى لبعضهم في التعامل مع الموظفين، سواء أكانوا مخطئين أو برغبة لفرض السطوة والنفوذ عبر استخدام الترهيب.
يحكي لي أحد الموظفين ذات مرة، أنه تفاجأ في خلال وجوده بأحد الاجتماعات التي تضم مسؤولين، بأن المسؤول الكبير أخذ يصرخ فيهم، ويعنفهم بصيغة الجمع، ووصل لمرحلة خيل له بأنهم كما الأطفال الصغار الذين يصرخ عليهم والدهم ويعنفهم بسبب خطأ وقعوا فيه.
هذا التصرف مرفوض تماماً، خاصة وأن التهامس بين حاضري الاجتماع كان يرتكز على الاستياء من هذا التصرف غير المسؤول والذي لا يمت للإدارة بشيء، ولا فيه احترام لكيانات الحاضرين، وبعضهم أصحاب سن كبيرة وأرباب أسر وأولياء أمور، وفي جانب آخر، الرفض من أن يمارس عليهم أسلوب فوقي من مسؤول نسي بأن هذا القطاع حكومي، وليس شركة خاصة يملكها.
أحياناً بعض المسؤولين يتسرعون في الحكم على الأمور من ظواهرها، مثلما فعل رئيس الشركة، يخطؤون حينما يتخذون قراراً فورياً سريعاً، ظناً بأن هذه هي الإدارة الصحيحة، والأخطر ينسون في لحظة سطوة إدارية، بأن هذا القطاع يخضع لقوانين تحفظ للموظف كرامته أولاً، وأن أساليب المعاقبة تحددها ضوابط وأطر ولوائح، وليست تطبيقاً لأهواء شخصية وأمزجة متقلبة.
إن كنت مسؤولاً عن قطاع ما، ومؤتمناً على مصالح عامة، وكذلك بيدك قرار بشر تحتك هم موظفون يعملون «معك» ولا يعملون «عندك»، فاحرص أشد الحرص على التحقق من كافة الأمور، بحيث لا تظلم أحداً، ولا تنطلي عليك خدع آخرين يكيدون لزملائهم بنقل الكلام والشائعات. تحقق بنفسك، خذ وقتك ولا تتسرع، وحينما تتأكد، خذ الإجراء بناء على الضوابط والقوانين، لا بناء على مزاجك الشخصي، ومع كل ذلك، احرص أشد الحرص بألا تنال من كرامة موظف أو تهينه، حتى وإن كان مخطئاً.
{{ article.visit_count }}
تعود رئيس إحدى الشركات أن يتجول دائماً في المكاتب وأروقة المصنع بشكل دوري، وهدفه من ذلك مراقبة الموظفين والتأكد من أنهم يعملون، ومن يجده لا يعمل «يفصله» فوراً.
هذا الرئيس المعروف بعصبيته وغضبه، وخلال تجوله في المصنع ذات يوم، رأى عاملاً يستند إلى أحد الجدران. تقدم منه وسأله بغضب: متى آخر مرة عملت فيها؟! فأجابه العامل بهدوء شديد واضحة فيه اللامبالة: منذ عشر ساعات تقريباً!
استشاط الرئيس غضباً، ووضع يده في جيبه وأخرج 60 دولاراً وأعطاها للعامل وقال: خذ نقودك لليوم، واذهب أنت مفصول.
أخذ العامل النقود ووضعها في جيبه، ومضى خارجاً من المصنع وهو يصفر. استغرب المدير من فعله، فسأل مسؤول المصنع: في أي قسم كان يعمل هذا الشخص؟! فأجابه: هذا ليس عاملاً في الشركة، هو يعمل في شركة أخرى، وجاء هنا لإيصال إحدى الطلبيات!
قد تكون مرت عليكم هذه القصة، لكن الشاهد فيها بأن بعض المسؤولين يظن أن الإدارة الصحيحة، لابد وأن تقترن بالعصبية والغضب و«تخويف» الموظفين، وإيقاع عقاب فوري بحقهم، دون التأني ودراسة الموقف ومعرفة تفاصيل المسألة، وما إذا كان سيوقع «ظلماً» بحق هذا الموظف، أو أن قراره قد لا يكون مصيباً.
كما نكرر دائماً، الإدارة فن، وليست عصبية أو نرفزة أو قوة أو وصولاً لمرحلة التغطرس والتلذذ بكسر الناس من الموظفين. وللأسف الشديد هنا، قد تكونون وجدتم وشهدتم في موقع ما، سواء اجتماع عمل، أو تجمعاً مهنياً، أساليب «فوقية» من بعض المسؤولين، وتمادى لبعضهم في التعامل مع الموظفين، سواء أكانوا مخطئين أو برغبة لفرض السطوة والنفوذ عبر استخدام الترهيب.
يحكي لي أحد الموظفين ذات مرة، أنه تفاجأ في خلال وجوده بأحد الاجتماعات التي تضم مسؤولين، بأن المسؤول الكبير أخذ يصرخ فيهم، ويعنفهم بصيغة الجمع، ووصل لمرحلة خيل له بأنهم كما الأطفال الصغار الذين يصرخ عليهم والدهم ويعنفهم بسبب خطأ وقعوا فيه.
هذا التصرف مرفوض تماماً، خاصة وأن التهامس بين حاضري الاجتماع كان يرتكز على الاستياء من هذا التصرف غير المسؤول والذي لا يمت للإدارة بشيء، ولا فيه احترام لكيانات الحاضرين، وبعضهم أصحاب سن كبيرة وأرباب أسر وأولياء أمور، وفي جانب آخر، الرفض من أن يمارس عليهم أسلوب فوقي من مسؤول نسي بأن هذا القطاع حكومي، وليس شركة خاصة يملكها.
أحياناً بعض المسؤولين يتسرعون في الحكم على الأمور من ظواهرها، مثلما فعل رئيس الشركة، يخطؤون حينما يتخذون قراراً فورياً سريعاً، ظناً بأن هذه هي الإدارة الصحيحة، والأخطر ينسون في لحظة سطوة إدارية، بأن هذا القطاع يخضع لقوانين تحفظ للموظف كرامته أولاً، وأن أساليب المعاقبة تحددها ضوابط وأطر ولوائح، وليست تطبيقاً لأهواء شخصية وأمزجة متقلبة.
إن كنت مسؤولاً عن قطاع ما، ومؤتمناً على مصالح عامة، وكذلك بيدك قرار بشر تحتك هم موظفون يعملون «معك» ولا يعملون «عندك»، فاحرص أشد الحرص على التحقق من كافة الأمور، بحيث لا تظلم أحداً، ولا تنطلي عليك خدع آخرين يكيدون لزملائهم بنقل الكلام والشائعات. تحقق بنفسك، خذ وقتك ولا تتسرع، وحينما تتأكد، خذ الإجراء بناء على الضوابط والقوانين، لا بناء على مزاجك الشخصي، ومع كل ذلك، احرص أشد الحرص بألا تنال من كرامة موظف أو تهينه، حتى وإن كان مخطئاً.