تسعى واشنطن بكل ما أوتيت من قوة إلى تصفية القضية الفلسطينية، بالضغط على أصحابها الأصليين، بوسائل عدة، لعل آخرها، ما أعلنته السبت الماضي بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بذريعة أنها «منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه»، ما تسبب في أن تواجه الوكالة الأممية الدولية أكبر أزمة مالية في تاريخها، فيما يتم تمويل «الأونروا» بشكل كامل من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ولعل ما يشعرنا بالفخر أنه في الوقت الذي يفتقر فيه سلوك واشنطن للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي تجاه اللاجئين الفلسطينيين، تأتي السعودية في قائمة أكثر الدول المانحة لـ «الأونروا».
وفي يناير 2018، قلصت واشنطن مساهمتها المالية في ميزانية «الأونروا»، حيث خفّضت مساعداتها إلى 60 مليون دولار فقط، فيما بلغت المساعدات الأمريكية لـ «الأونروا» نحو 370 مليون دولار في عام 2017، الأمر الذي اضطر الوكالة الأممية الدولية إلى تسريح أكثر من 250 موظفاً منذ ذلك الوقت. لذلك تواجه «الأونروا» عجزاً قيمته 446 مليون دولار منذ بداية 2018، وهو ما دفع الأردن إلى الإعلان عن تنظيم مؤتمر دولي في 27 سبتمبر الجاري في نيويورك لدعم الوكالة بنحو 200 مليون دولار لمواجهة العجز المالي وهي قيمة المبالغ التي تستطيع معها الوكالة الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين حتى نهاية العام الجاري.
ووفقاً لإحصائيات فلسطينية، أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، يدرس في مدارس «الأونروا» أكثر من 530 ألف طالب، وفي حال عدم توفير الوكالة الدعم المالي الكافي، ربما يكون مصير نحو نصف مليون طالب فلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها على المحك. واستبقت أمريكا قرارها بشأن «الأونروا»، بإعلان إلغاء أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين وهي المبالغ التي تعادل كل الأموال المخصصة للفلسطينيين للسنة المالية 2018. ولا يوجد تفسير منطقي لما تقوم به إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الفلسطينيين سوى إجبارهم على الرضوخ أمام الكيان المحتل والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تل أبيب، بيد أن الفلسطينيين لم يتخذوا هذا الموقف تجاه إدارة ترامب وقراراهم تجميد العلاقات مع واشنطن هباء، لكن كان السبب الرئيس في ذلك، الإعلان المشؤوم الذي أطلقه ترامب في ديسمبر 2017، باعترافه رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة في مايو الماضي، الأمر الذي شعر معه الفلسطينيون بأن واشنطن وسيط غير نزيه، وهذا ما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وصف الأمريكيين بأنهم «كذابون»، مشدداً على أن «السلطة الفلسطينية ستحارب ما بات يعرف بـ «صفقة القرن» التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
وقبل يومين كشفت صحيفة «هآرتس» اليسارية الإسرائيلية عن ملامح «صفقة ترامب» أو «صفقة القرن»، معتبرة أن «وقف واشنطن لتمويل «الأونروا» هو بداية تنفيذ خطة السلام الأمريكية الجديدة». وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن «الخطوط العريضة للخطة أصبحت واضحة وتبدأ بزيادة البناء في المستوطنات، ووجود مخطط استيطاني إسرائيلي يفصل مدينة القدس بشكل نهائي وكامل عن امتدادها الفلسطيني، وذلك لدفن فكرة قيام دولة فلسطينية ذات تواصل إقليمي في الضفة الغربية». ورأت الصحيفة أن الخطوة الثانية في خطة ترامب هي «إعلان القدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس». وتبدو الخطوتان وقد نفذتا على أرض الواقع، بيد أنه يبقى في الخطة الامريكية محاولة القضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما بدا واضحا من استهداف الأمريكيين لـ «الأونروا»، خاصة وأن الوكالة الأممية الدولية التي تأسست في ديسمبر 1949 بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في أعقاب حرب 1948 بين العرب والاحتلال الإسرائيلي غداة إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني، تعد الضامن الدولي والأممي للاجئين الفلسطينيين، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة لاسيما في أوقات النزاع المسلح.
ويبدو جلياً أن واشنطن تسعى لإنهاء مبدأ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما يؤكده الفلسطينيون أنفسهم، وقد فسرته الصحيفة الإسرائيلية بشكل أوسع حينما ذكرت أنه «من وجهة نظر إسرائيلية وأمريكية، قامت «الأونروا» بترسيخ مشكلة اللاجئين، والحفاظ على وضعهم في الضفة الغربية وغزة، وسمحت للبلدان التي استوعبتهم بالامتناع عن توطينهم، لذلك فإنه وفق هذا المفهوم، فإن تقليص قوة «الأونروا» وتغيير تفويضها، ومن ثم إغلاقها، سيضطر اللاجئين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، والبلدان المضيفة لإيجاد حلول».
وفعليا، تقدم الوكالة الأممية الدولية المساعدة لأكثر من 3 ملايين لاجئ فلسطيني من أصل 5 ملايين مسجلين كلاجئين، من خلال المدارس التعليمية والمراكز الصحية التابعة لها داخل فلسطين المحتلة وفي لبنان والأردن وسوريا، حيث تقدم خدمات تعليمية وصحية لنحو 61 مخيماً للاجئين الفلسطينيين بواقع 8 مخيمات في غزة، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و10 مخيمات في الأردن، و12 مخيماً في لبنان، و12 مخيماً في سوريا.
* وقفة:
لن يتوقف ابتزاز واشنطن للفلسطينيين بشأن قضيتهم عند حد التخلي عن الواجب الأخلاقي تجاه اللاجئين الفلسطينيين بإنهاء مشروع حق العودة بل يتجاوز ذلك إلى الضغط لإقامة دولة كونفيدرالية أردنية فلسطينية!!
{{ article.visit_count }}
ولعل ما يشعرنا بالفخر أنه في الوقت الذي يفتقر فيه سلوك واشنطن للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي تجاه اللاجئين الفلسطينيين، تأتي السعودية في قائمة أكثر الدول المانحة لـ «الأونروا».
وفي يناير 2018، قلصت واشنطن مساهمتها المالية في ميزانية «الأونروا»، حيث خفّضت مساعداتها إلى 60 مليون دولار فقط، فيما بلغت المساعدات الأمريكية لـ «الأونروا» نحو 370 مليون دولار في عام 2017، الأمر الذي اضطر الوكالة الأممية الدولية إلى تسريح أكثر من 250 موظفاً منذ ذلك الوقت. لذلك تواجه «الأونروا» عجزاً قيمته 446 مليون دولار منذ بداية 2018، وهو ما دفع الأردن إلى الإعلان عن تنظيم مؤتمر دولي في 27 سبتمبر الجاري في نيويورك لدعم الوكالة بنحو 200 مليون دولار لمواجهة العجز المالي وهي قيمة المبالغ التي تستطيع معها الوكالة الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين حتى نهاية العام الجاري.
ووفقاً لإحصائيات فلسطينية، أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، يدرس في مدارس «الأونروا» أكثر من 530 ألف طالب، وفي حال عدم توفير الوكالة الدعم المالي الكافي، ربما يكون مصير نحو نصف مليون طالب فلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها على المحك. واستبقت أمريكا قرارها بشأن «الأونروا»، بإعلان إلغاء أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين وهي المبالغ التي تعادل كل الأموال المخصصة للفلسطينيين للسنة المالية 2018. ولا يوجد تفسير منطقي لما تقوم به إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الفلسطينيين سوى إجبارهم على الرضوخ أمام الكيان المحتل والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تل أبيب، بيد أن الفلسطينيين لم يتخذوا هذا الموقف تجاه إدارة ترامب وقراراهم تجميد العلاقات مع واشنطن هباء، لكن كان السبب الرئيس في ذلك، الإعلان المشؤوم الذي أطلقه ترامب في ديسمبر 2017، باعترافه رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة في مايو الماضي، الأمر الذي شعر معه الفلسطينيون بأن واشنطن وسيط غير نزيه، وهذا ما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وصف الأمريكيين بأنهم «كذابون»، مشدداً على أن «السلطة الفلسطينية ستحارب ما بات يعرف بـ «صفقة القرن» التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
وقبل يومين كشفت صحيفة «هآرتس» اليسارية الإسرائيلية عن ملامح «صفقة ترامب» أو «صفقة القرن»، معتبرة أن «وقف واشنطن لتمويل «الأونروا» هو بداية تنفيذ خطة السلام الأمريكية الجديدة». وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن «الخطوط العريضة للخطة أصبحت واضحة وتبدأ بزيادة البناء في المستوطنات، ووجود مخطط استيطاني إسرائيلي يفصل مدينة القدس بشكل نهائي وكامل عن امتدادها الفلسطيني، وذلك لدفن فكرة قيام دولة فلسطينية ذات تواصل إقليمي في الضفة الغربية». ورأت الصحيفة أن الخطوة الثانية في خطة ترامب هي «إعلان القدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس». وتبدو الخطوتان وقد نفذتا على أرض الواقع، بيد أنه يبقى في الخطة الامريكية محاولة القضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما بدا واضحا من استهداف الأمريكيين لـ «الأونروا»، خاصة وأن الوكالة الأممية الدولية التي تأسست في ديسمبر 1949 بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في أعقاب حرب 1948 بين العرب والاحتلال الإسرائيلي غداة إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني، تعد الضامن الدولي والأممي للاجئين الفلسطينيين، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة لاسيما في أوقات النزاع المسلح.
ويبدو جلياً أن واشنطن تسعى لإنهاء مبدأ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما يؤكده الفلسطينيون أنفسهم، وقد فسرته الصحيفة الإسرائيلية بشكل أوسع حينما ذكرت أنه «من وجهة نظر إسرائيلية وأمريكية، قامت «الأونروا» بترسيخ مشكلة اللاجئين، والحفاظ على وضعهم في الضفة الغربية وغزة، وسمحت للبلدان التي استوعبتهم بالامتناع عن توطينهم، لذلك فإنه وفق هذا المفهوم، فإن تقليص قوة «الأونروا» وتغيير تفويضها، ومن ثم إغلاقها، سيضطر اللاجئين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، والبلدان المضيفة لإيجاد حلول».
وفعليا، تقدم الوكالة الأممية الدولية المساعدة لأكثر من 3 ملايين لاجئ فلسطيني من أصل 5 ملايين مسجلين كلاجئين، من خلال المدارس التعليمية والمراكز الصحية التابعة لها داخل فلسطين المحتلة وفي لبنان والأردن وسوريا، حيث تقدم خدمات تعليمية وصحية لنحو 61 مخيماً للاجئين الفلسطينيين بواقع 8 مخيمات في غزة، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و10 مخيمات في الأردن، و12 مخيماً في لبنان، و12 مخيماً في سوريا.
* وقفة:
لن يتوقف ابتزاز واشنطن للفلسطينيين بشأن قضيتهم عند حد التخلي عن الواجب الأخلاقي تجاه اللاجئين الفلسطينيين بإنهاء مشروع حق العودة بل يتجاوز ذلك إلى الضغط لإقامة دولة كونفيدرالية أردنية فلسطينية!!