هل تأملت المحصلة النهائية لتشكيلة علاقاتك؟ خلاصة أصدقائك؟ صفوة المقربين منك؟ المسافرون في هذه الحياة الذين انتهوا معك في القطار نفسه في هذه الحياة ؟ ثم هل دققت في العابرين صدفة في طريق حياتك الجانبي؟ وكيف جمعتكم محطة واحدة دون سابق تخطيط أو تقدير؟ وبمقارنة بسيطة مع الأشخاص الذين نستطيع أن نطلق عليهم تسمية متاع زائد في الحياة أو عابرين سريعين تم تجاوزهم، فإننا سنجد أن الذين أحببناهم عبر الزمن أو بالمصادفة هم الذين يشبهوننا في أشيائنا البسيطة، وربما لا علاقة لها بباقي مجالات حياتنا المعقدة.

الذين يشبهوننا قد لا يكونون من نفس فئتنا الاجتماعية والتعليمية. ربما لا يحملون نفس هوياتنا وجنسياتنا. والغريب.. أنهم ليسوا، بالضرورة، من أقربائنا في الدم والجينات. ومن الممكن أن يخالفونا في أفكارنا الجوهرية وتوجهاتنا العامة!! ولكنهم يشبهوننا في الروح والمزاج والنظرة «الخام» في للحياة.

أنت لا تحتاج للتكلف عند لقاء من يشبهك. المكان ووقت اللقاء لا يعنيان الكثير. والتدقيق في مظهرك لا يبدو مربكاً لك. لا تحتاج إلى ترتيب أفكارك مع المشابهين لك. نحن عفويون، معهم تلقائيون، متحمسون كما ينبغي لنا أن نكون عند طرح همومنا وطموحنا وأفراحنا وأحزاننا، وكل ما له علاقة بخصوصياتنا.

ونحن نضع أنفسنا في ورطة حين نحاول أن نجعل بعض من نحبهم يشبهوننا كي نشعر أننا نخلق تفاهماً وهمياً، ونعيش حياة افتراضية. في هذه الورطة نعمل على تعريفهم على ذوقنا الخاص وأسلوبنا في الحياة، ونحاول شيئاً فشيئاً تطويعهم وتمرينهم عليه. نحن في دهاليز لا وعينا نعلم أن عربون العلاقات الطويلة والناجحة تعدد أوجه الشبه، فنفتعل آليات انتقالية للوصول إلى المشابهة. وغالباً.. يكون نصيبنا الفشل الذريع. فمعادلة الحب والتفاهم مع المختلفين هي معادلة معقدة الشفرة صعبة التركيب والفك والتفسير والتحسين والتطوير.

الذين يشبهوننا يأتون دون أن نبحث عنهم. ودون أن نفحصهم للتأكد من نسبة الشبه معهم. شبه الأرواح والإدراك والنفوس يدرك ذاته كما ندرك ذواتنا أمام المرآة. وفي الجانب القصي من حياتنا البسيطة نحن لا نحتاج للكثير. نحتاج من يسمعنا دون تذمر أو وصاية، نحتاج من يضحك معنا دون تبرير موضوعي ومنطقي لمنهج الضحك. لمن يمكنه ألا يبالي بمتناقض مضحك في سلوكك كأن تتناول قطعة آيس كريم. ثم تطلب بعدها فنجان قهوة!