المجتمع البحريني أصبح ناضجاً سياسياً وواعياً من أن يكون طعماً أو كرة يلعب بها أصحاب الأجندات، وهو ليس بالسهل لاستدراجه إلى دائرة معينة أو أن ينزل إلى مستوى معين لكل من يريد أن يصعد على أكتاف الضعفاء والبسطاء، فمع الاستحقاق النيابي لا بد من أن يرافقه بعض الأساليب الملتوية لبعض المترشحين فقد باتت هذه الحيل معروفة وبضاعة رخيصة قد يتبعها البعض في ظل المنافسات للفوز في انتخابات المجلس النيابي. نقطتان مهمتان أود أن أتطرق لهما في مقالي، الأمر الأول، هي مسألة شراء الأصوات وبيعها، فبعض المترشحين يلجأ إلى شراء أصوات أهالي منطقته بالمال أو مقابل شراء بعض المستلزمات المنزلية من مكيفات أو برادات ماء أو حتى «ماجلة البيت البسيطة» التي لا تدوم لمدة أسبوع واحد، هذه الصورة لا تقل عن وصفها صفقة بين الراشي والمرتشي والضحية هو المجتمع، حفنة من المال مقابل وصول مترشح غير جدير بالمقعد البرلماني هي تجارة لن تحقق من الآمال والإنجازات شيئاً غير أنها طريقة غير شريفة لضياع كل الجهود وتشتيت لتشريعات في غاية الأهمية قد تصب في صالح الوطن والمواطن، وبمقدور من يبيع صوته مقابل المال بأن يعيش حياة كريمة نظير صدق التمثيل والنوايا ومساعٍ لأن تكون يده هي العليا بدلاً من أن تكون السفلى أو يرضى بالقليل، ذلك كله بفضل اختياره الصحيح لصوت الشعب الذي بالتأكيد سيسعى من أجل جودة وقوة التشريعات التي تنهض بالمجتمع بأسره. لا يخفى على الناس بأن هناك الكثيرين يستفيدون من المترشحين من خلال بعض الخدمات التي يقدمها المترشح لأهالي منطقته من توصيات كثيرة خصوصاً عندما يكون المترشح «مقتدراً مادياً» أو شخصية معروفة وله مكانته في المجتمع، وبالطبع من يرضى بأن يبني وطنه بقشة هشة فلن يصمد بنيانه أمام الريح أو أي عارض يمر أمامه، ولن ينفع بعدها طوال السنوات الأربع بأن يتذمر أو يشكو من هشاشة هذا البنيان لأن الاختيار كان في المتناول ولكن آثر بأن يكون صوته مقابل مكيف أو «خيشة عيش».. مؤلم جداً.

الآمر الآخر هو ما يتلاعب به بعض المترشحين أو أصحاب الأجندات حول سمعة المتنافسين في البرلمان ونشر الشائعات المغرضة وهي صور من الدناءة والأساليب غير الشريفة يلعب بها البعض من أجل أن يصل إلى مبتغاه على حساب سمعة الناس وأعراضهم، معارك الانتخابات يجب أن تكون على أرضية شريفة حدودها الإنجازات وإمكانية تنفيذ البرنامج الانتخابي والإصلاحات والتنمية وتطوير المجتمع والوطن فقط، يجب ألا تتعدى المعارك أو التنافس بين المترشحين إلى أبعد من ذلك لتشمل أفراد الأسرة والحسب والنسب والتفاخر بالمال والمكانة الاجتماعية، لذلك المجتمع واعٍ من أن يكون بوقاً ينشر الأكاذيب أو يحمل وزر القذف ونشر الفتن بين الناس، لنرتقي بنظرتنا للديمقراطية والاستحقاق النيابي بأنها عملية مهمة يتشارك بها جميع المواطنين من مترشحين وناخبين من أجل الارتقاء بالوطن من أجل الوطن.

يجب أن ينظر إلى الانتخابات النيابية على أنها قناة تفعل من خلالها جميع الأدوات المتاحة من أجل البحريني وغير ذلك لا يهم من يصل، المهم أن تصل الكفاءة، ومن يستحق أن يتحمل عبء صوت الشعب وإلا سنكون «حصوات» تتعثر بها العملية الديمقراطية ونفشل جميعاً في تحقيق ما نستحقه من عيش كريم ورفاهية موعودة.