إن أكثر ما كان يقلق الحكومة والشعب معاً في الآونة الأخيرة هو عدم استقرار التوازن المالي في مملكة البحرين لأسباب وظروف يطول شرحها، ولهذا وقبل أيام حين حضرنا الإعلان عن مبادرات برنامج التوازن المالي في قصر القضيبية لإطلاعنا على ما سيكون عليه شكل الاقتصاد في المستقبل أعلنتْ وقتها اللجنة الوزارية لشؤون المالية وضبط الإنفاق برئاسة معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء عن «تفاصيل برنامجٍ حكوميٍ يهدف لتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول عام 2022 تحت مسمى «برنامج التوازن المالي» والذي سيتضمن مجموعة من المبادرات لخفض المصروفات وزيادة الإيرادات الحكومية واستمرارية التنمية ومواصلة استقطاب الاستثمارات». أيضاً شكر معاليه «كافة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، على دعمهم المستمر لمملكة البحرين عبر مختلف المحطات، انطلاقاً من أسس وحدة المصير المشترك، وقوة ومتانة الروابط الأخوية الجامعة، وعلى ما أبدته هذه الدول الشقيقة من دعم تعزيز استقرار المالية العامة ومواصلة تحفيز النمو الاقتصادي المحلي من خلال دعمها التام لتنفيذ هذا البرنامج. كما أعرب عن شكره لأعضاء اللجنة الوزارية للشؤون المالية وضبط الإنفاق، ولكل من أعد وساهم في إعداد هذا البرنامج من الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة وصندوق النقد العربي».

إن أكثر ما يمكن تسليط الضوء عليه هنا ليس مسألة الدعم -على الرغم من أهميته في هذه المرحلة- وإنما وقوف الأشقاء من دول وحكومات وشعوب الخليج العربي بشكل لافت مع مملكة البحرين في ظل الظروف التي نمر بها بصورة عامة. هذه الوقفة الأخوية والإنسانية التي لا يمكن تغافلها أو تجاهلها تعبر عن روح المحبة والجيرة والدم بين دول هذه المنطقة، وفي إظهار المعدن الحقيقي وقت الشدائد وليس وقت الرخاء فقط، ولهذا كان عطاء دول الخليج ليس من منطلق «المَنّ» بقدر ما هو تقديم المساعدات المستحقة للبحرين بطريقة أخوية وحضارية، وهذا ينم عن قوة التاريخ العريق بين الأشقاء وليس كأي علاقة عابرة أوطارئة في تاريخ الدول.

إن التوازن المالي مطلوب للمرحلة القادمة، عبر ضبط المصروفات بشكل جيد جداً، كما يجب التركيز هنا على نقطتين مهمتين للغاية، الأولى تتمثل في عدم المساس قدر المستطاع بجيب المواطنين أو برفع الدعم عن السلع وما شاكل، أمَّا النقطة الثانية التي في كل مناسبة نحاول الوقوف على تحققها بطريقة مباشرة هو تفعيل ومتابعة ما يرد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من كل عام، وإلا في حال لم نحقق الإنتصار للتقرير فإننا سوف نظل «ننفخ في جربة مقضوضة» من الناحية المالية والإدارية، وإذا لم تعالج الخروقات وتجاوزات التقرير بمحاسبة كل فاسد فإن كل المليارات التي سنحصل عليها كدعم من الأشقاء الأعزاء لن تجدي نفعاً في حال لم تسدّ الدولة عندنا أماكن تسرب الفساد المالي. هذه قاعدة اقتصادية وأخلاقية يجب العمل على تحقيقها بشكل حَرْفِي، وذلك بتطبيق أقصى العقوبات على كل متجاوز أو فاسد أو سارق للمال العام ورد أو سيرد إسمه في تقرير ديوان الرقابة المالية من الآن وصاعداً.