تظهر مأساة التغلغل البدوي في معاييرنا السياسية عند الحديث عن العلاقات الخليجية الأمريكية في عهد الرئيس ترامب. حيث يتباهى بقدرته على التفاوض وعقد الصفقات، وهو يلوح بالقوة للوصول للنتائج التي يريد. كقوله: نحمي دول الخليج، ومن غيرنا لن يكونوا آمنين، ومع ذلك يواصلون رفع أسعار النفط! حينها يظهر على جبيننا العربي ما امتص بشكل مبالغ فيه من الخصائص البدوية. فنقعقع بالشنان دفاعاً عن الكرامة، بالضرب على قربة جافة مثقوبة كما فعل أجدادنا العرب ونصيح حتى تهج الإبل في وجه العدو.
لكن واقع الأمر يؤكد أن ترامب يتحدث كرجل دولة ورئيس القوة العظمى الوحيدة في العالم حتى وإن كان بأسلوب صدامي ومباشر في طرحه. وحتى وإن تنامي التوتر بينه وبين حلفائه الأقرب من الدول الأوروبية بعد تطبيق نهج معاقبة الحلفاء عليهم، رغم أنه نهج لمواجهة الخصوم.
لقد خلقت الدبلوماسية لتجاوز خسائر القوة، ونحن في الخليج لم ننتهج دبلوماسية توقف سوء التواصل مع ترامب، رغم أن ذلك يمثل خصماً من رصيد عمل مضنٍ تأسس مع واشنطن منذ ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن. فليس صحيحاً أن الولايات المتحدة لا تعرف من هم أصدقاؤها الحقيقيون. فواشنطن لن تجازف بخسارتنا، لأسباب نفطية أو اقتصادية، فلأهمية الخليج جوانب أخرى تعيها حين لم يكن لدينا نفط ولا ثروة مالية. وعلى الخليجيين مراجعة اللغة الدبلوماسية التي نستخدمها مع ترامب واختيار قوالب جديدة يفهمها رجل في السبعين ينام وحيداً ويفكر كتاجر ورجل أعمال وعقار، يدفعه للنهوض من فراشه كل يوم إحساس أنه رئيس أقوى دولة في العالم وهو شعور موازٍ للإحساس الحاد بالكرامة، والحساسية المفرطة تجاه الإهانات والذي يتقمصنا حين التعامل مع مؤثر خارجي.
نقترح للتعامل مع ترامب نظرية لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم، وبأن تبقى السيوف في غمدها للمكاره الكبرى. والسعي لتوطيد العلاقة مع ترامب باستعمال نبرة صوت وألفاظ يفهمها. وترك مساحة تسويق انتخابية له ليتذمر قليلاً، ويُعبر عن رأيه للتنفيس عن مشاعر ناخبيه الداخلية. ثم إظهار تفهمنا لتصرفاته، ومراعاة الفروق بيننا في القيم الديمقراطية والسياسة الأمريكية. مع الثبات على الرأي وعدم التساهل في قضايا السيادة بطريقةٍ يفهم منها عدم قدرتنا على تحمل التقلبات في المعايير.
* بالعجمي الفصيح:
المرونة السياسية «Compromise» وضع بعضاً من أسسها الشاعر الكبير صقر النصافي المولود بالكويت 1878، والملقب بشاعر الجزيرة العربية الأول، حتى وفاته 1948، حيث قال في ترامبية ذلك العصر:
إذا بلاك الله بعاقة
من مقاريد الرفاقه
فاحتمل منه الحماقة
حتى ربك يقلعه
* المدير التنفيذي لمجموعة «مراقبة الخليج»
{{ article.visit_count }}
لكن واقع الأمر يؤكد أن ترامب يتحدث كرجل دولة ورئيس القوة العظمى الوحيدة في العالم حتى وإن كان بأسلوب صدامي ومباشر في طرحه. وحتى وإن تنامي التوتر بينه وبين حلفائه الأقرب من الدول الأوروبية بعد تطبيق نهج معاقبة الحلفاء عليهم، رغم أنه نهج لمواجهة الخصوم.
لقد خلقت الدبلوماسية لتجاوز خسائر القوة، ونحن في الخليج لم ننتهج دبلوماسية توقف سوء التواصل مع ترامب، رغم أن ذلك يمثل خصماً من رصيد عمل مضنٍ تأسس مع واشنطن منذ ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن. فليس صحيحاً أن الولايات المتحدة لا تعرف من هم أصدقاؤها الحقيقيون. فواشنطن لن تجازف بخسارتنا، لأسباب نفطية أو اقتصادية، فلأهمية الخليج جوانب أخرى تعيها حين لم يكن لدينا نفط ولا ثروة مالية. وعلى الخليجيين مراجعة اللغة الدبلوماسية التي نستخدمها مع ترامب واختيار قوالب جديدة يفهمها رجل في السبعين ينام وحيداً ويفكر كتاجر ورجل أعمال وعقار، يدفعه للنهوض من فراشه كل يوم إحساس أنه رئيس أقوى دولة في العالم وهو شعور موازٍ للإحساس الحاد بالكرامة، والحساسية المفرطة تجاه الإهانات والذي يتقمصنا حين التعامل مع مؤثر خارجي.
نقترح للتعامل مع ترامب نظرية لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم، وبأن تبقى السيوف في غمدها للمكاره الكبرى. والسعي لتوطيد العلاقة مع ترامب باستعمال نبرة صوت وألفاظ يفهمها. وترك مساحة تسويق انتخابية له ليتذمر قليلاً، ويُعبر عن رأيه للتنفيس عن مشاعر ناخبيه الداخلية. ثم إظهار تفهمنا لتصرفاته، ومراعاة الفروق بيننا في القيم الديمقراطية والسياسة الأمريكية. مع الثبات على الرأي وعدم التساهل في قضايا السيادة بطريقةٍ يفهم منها عدم قدرتنا على تحمل التقلبات في المعايير.
* بالعجمي الفصيح:
المرونة السياسية «Compromise» وضع بعضاً من أسسها الشاعر الكبير صقر النصافي المولود بالكويت 1878، والملقب بشاعر الجزيرة العربية الأول، حتى وفاته 1948، حيث قال في ترامبية ذلك العصر:
إذا بلاك الله بعاقة
من مقاريد الرفاقه
فاحتمل منه الحماقة
حتى ربك يقلعه
* المدير التنفيذي لمجموعة «مراقبة الخليج»