استبقت واشنطن العقوبات المقرر أن تفرضها على طهران في 4 نوفمبر المقبل، بإعلان وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات جديدة على بنوك وشركات إيرانية، اعتبرتها مرتبطة بمنظمة «الباسيج» التابعة للحرس الثوري الإيراني، حيث صنفت واشنطن الأخيرة على قائمة الإرهاب، فيما استهدفت العقوبات الأمريكية مصارف ومؤسسات إيرانية، اعتبرتها واشنطن تقدم الدعم المالي والمادي لميليشيات «الباسيج»، لعل من أبرزها مصرفي «ملت» و«مهر اقتصاد» وشركة لصناعة الجرارات الزراعية وشركة «مباركه أصفهان» لصناعة الصلب، إضافة إلى مؤسسة «بنياد تعاون بسيج» التي تعتبر شبكة لشركات ومؤسسات مالية، وغيرها من الشركات والمؤسسات.
وجاء تصنيف «الباسيج» على قائمة الإرهاب الأمريكية، عقاباً للميليشيات الإيرانية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ومشاركتها في عمليات عنف في الداخل الإيراني، إضافة إلى سعيها لتجنيد الأطفال للمشاركة في الحرب السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة السورية المعتدلة والمتشددة.
والباسيج تعني باللغة الفارسية «قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين»، وهي ميليشيات شبه عسكرية تتكون من متطوعين من المدنيين ذكوراً وإناثاً، أُسست بأمر من قائد الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخمينى فى نوفمبر 1979. وكان لتلك الميليشيات نشاط بارز أثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، فيما تشير تقارير إلى أن عددهم حالياً يصل إلى قرابة نحو 90 ألف متطوع ومتطوعة. وتقول واشنطن إن «الباسيج» يستغل مؤسسة «بنياد تعاون بسيج» والشركات التابعة لها، كغطاء لتسيير صفقات لصالحه في الشرق الأوسط وأوروبا. وفي هذا الصدد، أوضح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في بيان له أن «شبكة «بنياد تعاون بسيج» تعتبر مثالاً على توسيع الحرس الثوري والقوات الإيرانية لتدخلها الاقتصادي في مختلف القطاعات الصناعية، وتسللت إلى مشاريع شرعية من أجل تمويل الإرهاب وغيره من الأنشطة الخبيثة».
من ناحية أخرى، تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الضغط على الدول التي تستورد النفط من إيران إلى قطع صادرات النفط الإيراني حيث ينصب تركيز إدارة ترامب في تلك المرحلة على هذه الخطوة قبيل فرض الحزمة الثانية من العقوبات على إيران التي سوف تستهدف قطاع النفط الإيراني بعد نحو أسبوعين وتحديداً في 4 نوفمبر المقبل.
ووفقاً لما كشفه، الأكاديمي والخبير في الشأن الإيراني د.محمد نورالدين، فإن «المؤشرات الحالية تقول إن هناك انخفاضاً ملحوظاً، يصل إلى النصف في الواردات الإيرانية اليومية من النفط، فبعد أن كانت نحو 2.5 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، أصبحت 1.5 مليون برميل يومياً في أكتوبر الجاري».
«لذلك تسعى إيران إلى الالتفاف حول العقوبات الأمريكية بمواجهة أزمة تسويق النفط عن طريق إيجاد مشترين جدد في حين أن هناك دولاً ليس من السهل أن تتخلى عن النفط الإيراني وأبرزها الهند والصين، وإيطاليا»، على حد تفسير د.نورالدين، في حين أظهرت بيانات «ريفينيتيف أيكون» -«وحدة رويترز للبيانات المالية سابقاً»- أن إيران صدرت 1.33 مليون برميل يومياً منذ بداية أكتوبر الجاري إلى الهند والصين وتركيا والشرق الأوسط، بينما لم تظهر أي سفن تنقل النفط الإيراني إلى أوروبا. وعلى وقع الخسارة المتوقعة لكميات كبيرة من الإمدادات الإيرانية، سجلت أسعار النفط، في بداية أكتوبر الجاري، أعلى مستوياتها منذ أواخر 2014، بوصولها إلى 86.74 دولار للبرميل.
وقد شملت المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية، حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولا سيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية، وحظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألمنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران، وحظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
ومن المقرر أن تشمل المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية المقررة بعد نحو أسبوعين، فرض عقوبات ضد الشركات التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن، وفرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط، وفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.
بيد أن المواطن الإيراني يعتبر هو المتضرر الأبرز من سلسلة العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام الإيراني، ويبقى بمرمى نيران عقوبات واشنطن، وما يدلل على ذلك، تصريحات عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، رسول خضري، التي كشف فيها أن «الظروف الحالية في إيران، تسببت في فقدان أكثر من مليوني إيراني لقدرتهم الشرائية، وأصبحوا في عداد المعدمين وباتوا في حاجة كبيرة إلى الدعم الحكومي»، مشيراً إلى أن «من يقل دخلهم الشهري عن 3 ملايين تومان، يعتبرون تحت خط الفقر». وقد سبقه في الوصول إلى تلك النتيجة، أحمد رضا معيني، عضو المجلس الأعلى للعمال في مجلس العمل، حينما أعلن عن «انخفاض القدرة الشرائية بما قيمته نحو 800 ألف تومان في دخل الأسر العمالية خلال الأشهر الخمسة الماضية»، لافتاً إلى أن «القدرة الشرائية للأسرة الإيرانية انخفضت إلى الثلث، مقارنة بالأشهر القليلة الماضية». ونتيجة لذلك، انهارت العملة الإيرانية، وانخفضت إلى أسوأ مستوى لها، حيث بداية العام الجاري، كان الدولار يساوي 43 ألف ريال إيراني، أما اليوم فقد وصل سعره إلى نحو 190 ألفاً، مما «زاد الضغط على الفقراء الذين باتوا يعانون من أجل توفير أبسط الاحتياجات الأساسية»، وفقاً لتقارير غربية.
* وقفة:
بين عقوبات مفروضة قبل نحو شهرين، وعقوبات مرتقبة بعد نحو أسبوعين، وعقوبات فرضت قبل ساعات، يعيش المواطن الإيراني أسوأ ظروف اقتصادية حيث يبقى بمرمى نيران عقوبات أمريكا!
{{ article.visit_count }}
وجاء تصنيف «الباسيج» على قائمة الإرهاب الأمريكية، عقاباً للميليشيات الإيرانية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ومشاركتها في عمليات عنف في الداخل الإيراني، إضافة إلى سعيها لتجنيد الأطفال للمشاركة في الحرب السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة السورية المعتدلة والمتشددة.
والباسيج تعني باللغة الفارسية «قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين»، وهي ميليشيات شبه عسكرية تتكون من متطوعين من المدنيين ذكوراً وإناثاً، أُسست بأمر من قائد الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخمينى فى نوفمبر 1979. وكان لتلك الميليشيات نشاط بارز أثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، فيما تشير تقارير إلى أن عددهم حالياً يصل إلى قرابة نحو 90 ألف متطوع ومتطوعة. وتقول واشنطن إن «الباسيج» يستغل مؤسسة «بنياد تعاون بسيج» والشركات التابعة لها، كغطاء لتسيير صفقات لصالحه في الشرق الأوسط وأوروبا. وفي هذا الصدد، أوضح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في بيان له أن «شبكة «بنياد تعاون بسيج» تعتبر مثالاً على توسيع الحرس الثوري والقوات الإيرانية لتدخلها الاقتصادي في مختلف القطاعات الصناعية، وتسللت إلى مشاريع شرعية من أجل تمويل الإرهاب وغيره من الأنشطة الخبيثة».
من ناحية أخرى، تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الضغط على الدول التي تستورد النفط من إيران إلى قطع صادرات النفط الإيراني حيث ينصب تركيز إدارة ترامب في تلك المرحلة على هذه الخطوة قبيل فرض الحزمة الثانية من العقوبات على إيران التي سوف تستهدف قطاع النفط الإيراني بعد نحو أسبوعين وتحديداً في 4 نوفمبر المقبل.
ووفقاً لما كشفه، الأكاديمي والخبير في الشأن الإيراني د.محمد نورالدين، فإن «المؤشرات الحالية تقول إن هناك انخفاضاً ملحوظاً، يصل إلى النصف في الواردات الإيرانية اليومية من النفط، فبعد أن كانت نحو 2.5 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، أصبحت 1.5 مليون برميل يومياً في أكتوبر الجاري».
«لذلك تسعى إيران إلى الالتفاف حول العقوبات الأمريكية بمواجهة أزمة تسويق النفط عن طريق إيجاد مشترين جدد في حين أن هناك دولاً ليس من السهل أن تتخلى عن النفط الإيراني وأبرزها الهند والصين، وإيطاليا»، على حد تفسير د.نورالدين، في حين أظهرت بيانات «ريفينيتيف أيكون» -«وحدة رويترز للبيانات المالية سابقاً»- أن إيران صدرت 1.33 مليون برميل يومياً منذ بداية أكتوبر الجاري إلى الهند والصين وتركيا والشرق الأوسط، بينما لم تظهر أي سفن تنقل النفط الإيراني إلى أوروبا. وعلى وقع الخسارة المتوقعة لكميات كبيرة من الإمدادات الإيرانية، سجلت أسعار النفط، في بداية أكتوبر الجاري، أعلى مستوياتها منذ أواخر 2014، بوصولها إلى 86.74 دولار للبرميل.
وقد شملت المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية، حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولا سيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية، وحظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألمنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران، وحظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
ومن المقرر أن تشمل المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية المقررة بعد نحو أسبوعين، فرض عقوبات ضد الشركات التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن، وفرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط، وفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.
بيد أن المواطن الإيراني يعتبر هو المتضرر الأبرز من سلسلة العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام الإيراني، ويبقى بمرمى نيران عقوبات واشنطن، وما يدلل على ذلك، تصريحات عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، رسول خضري، التي كشف فيها أن «الظروف الحالية في إيران، تسببت في فقدان أكثر من مليوني إيراني لقدرتهم الشرائية، وأصبحوا في عداد المعدمين وباتوا في حاجة كبيرة إلى الدعم الحكومي»، مشيراً إلى أن «من يقل دخلهم الشهري عن 3 ملايين تومان، يعتبرون تحت خط الفقر». وقد سبقه في الوصول إلى تلك النتيجة، أحمد رضا معيني، عضو المجلس الأعلى للعمال في مجلس العمل، حينما أعلن عن «انخفاض القدرة الشرائية بما قيمته نحو 800 ألف تومان في دخل الأسر العمالية خلال الأشهر الخمسة الماضية»، لافتاً إلى أن «القدرة الشرائية للأسرة الإيرانية انخفضت إلى الثلث، مقارنة بالأشهر القليلة الماضية». ونتيجة لذلك، انهارت العملة الإيرانية، وانخفضت إلى أسوأ مستوى لها، حيث بداية العام الجاري، كان الدولار يساوي 43 ألف ريال إيراني، أما اليوم فقد وصل سعره إلى نحو 190 ألفاً، مما «زاد الضغط على الفقراء الذين باتوا يعانون من أجل توفير أبسط الاحتياجات الأساسية»، وفقاً لتقارير غربية.
* وقفة:
بين عقوبات مفروضة قبل نحو شهرين، وعقوبات مرتقبة بعد نحو أسبوعين، وعقوبات فرضت قبل ساعات، يعيش المواطن الإيراني أسوأ ظروف اقتصادية حيث يبقى بمرمى نيران عقوبات أمريكا!