كل شيء في الحياة تقاس جودتهُ بعد تجربته واختباره، فما دامت الأشياء لم تُختبر في الشدة ففي وقت الرخاء لا يمكن أن يُعوَّل عليها. وليس هنالك من مثال حي أقرب هنا كواقع ملموس من شبكة تصريف مياه الأمطار. إن وجود شبكة تصريف مياه في البحرين، سواء كانت محدودة لبعض المناطق أو لكافة أرجاء ومناطق الوطن لا يمكن معرفة «اشتغالها» بطريقة صحيحة وفاعلة من دون أن تخضع لاختبار، وليس هنالك من اختبار أصدق من المطر لكشف حقيقة ووقعية وقوة شبكة تصريف مياه الأمطار.

في الحقيقة، ستظل «السرايات» الخفيفة من الأمطار المتفرقة التي سقطتْ قبل أيام ليست مقياساً حقيقياً لمعرفة قدرة الشبكة حتى الآن، ومع ذلك انكشفت عيوبها وبانت فضائحها لكل الناس، فوسائل التواصل الاجتماعي إضافة للصحافة المحلية نقلوا للرأي العام هشاشة شبكة تصريف مياه الأمطار وعيوبها، فكيف الحال إذا هطلت علينا الأمطار الغزيرة في هذا الشتاء؟ حينها كيف سنتعامل معها وربما مع سيول الأمطار القادمة؟

منذ حوالي أربعة أعوام أو يزيد، حضرتُ مؤتمراً صحافياً لوزير الأشغال بمعية بعض الوكلاء والمسؤولين، تحدثوا من خلاله عن استعداد الوزارة لموسم الأمطار وتبرير بعض الفيضانات المصاحبة التي حصلت في ذلكم العام وقدرة الوزارة على متابعة وتطوير شبكة تصريف مياه الأمطار. حينها كان بناء المؤتمر على خلفية غرق بعض المناطق بسبب الأمطار لكن وبعد أعوام متواصلة اكتشفنا أن المشكلة مازالت قائمة، إن لم تكن أسوء من ذي قبل.

إن كشف عيوب الأمطار في مختلف مناطق البحرين وتكررها يكشف لنا مجموعة من الاحتمالات والفرضيات الواردة التي يمكن أن نسوقها هنا بسبب تكرار المشكلة، وسنطرحها عبر مجموعة من الأسئلة. هل هناك تقصير في أداء الجهات المختصة بمعالجة شبكة تصريف مياه الأمطار؟ أم أن البنية التحتية غير موجودة أصلاً أو أنها موجودة لكنها «فاسدة» من خلال مقاولين لم يكونوا على قدر المسؤولية؟ هل أعطت الدولة ميزانية معتبرة لإنشاء شبكة تصريف مياه الأمطار لكن تم العبث بها من خلال الفساد المالي والإداري؟ أم أن الدولة لم تخصص ميزانية لشبكة تصريف مياه الأمطار أصلاً حتى وقت المشكلة؟ أم أن هناك شبكة تصريف مياه جيدة ويتم صيانتها بشكل دوري لكن هناك أسباب لا نعرفها؟

نرجو من الوزارة المعنية أن تجيب على هذه الأسئلة ليس لأجلنا وإنما لأجل توضيح ما يجري للرأي العام. فحين سيشتد المطر في الفترات القادمة وتتضرر كل المناطق ويتأذى كل المواطنين والمقيمين فحينها لن تنفع كل التبريرات، ووقتها لن تنفع كل «تنكرات شفط المياه» إذا وصلت مياه الأمطار لغرف نومنا أو أغرقت كل مدارسنا وشوارعنا وحتى وزاراتنا، مع تقديرنا واحترامنا لكل الجهود التي تبذلها كل تلكم الجهات حسب إمكاناتها.