التقيتها، وتحدثت معها. كانت قمة في الأدب والوعي والثقافة والعلم. الشابة البحرينية مريم، أو الدكتورة مريم. الشابة التي حصلت على شهادة البكالريوس والماجستير من جامعة أوكلاند بنيوزيلندا، وبعد مجيئها لوطنها البحرين حين أكملت دراستها هناك، توجهت لألمانيا واستقرت فيها عدة سنوات للحصول على شهادة الدكتوراه في «علوم التعلم»، وبالفعل حصلتْ عليها مريم على الرغم من كل الظروف القاسية التي لاقتها في رحلتها الشاقة أثناء دراستها وعلى وجه التحديد في ألمانيا.

رجعت وفي جمجمتها يسكن حلم كبير لخدمة هذا الوطن، ولكن كان الحلم أكبر من أن يقدر ويحتضن، فأخذت «سيفياتها» توزعها على كل جهة يمكن أن تجد فيها نفسها أو تجد من يقدرها لكن كل ذلك لم يحصل. وكالعادة، حصلت على وظيفة في معهد للتدريب والمختص بإعداد البحوث وغيرها، لكنها اكتشفت أثناء عملها بأن غالبية البحوث في المعهد الذي تعمل لصالحه كانت غير علمية وغير دقيقة مما يخرجها عن مسمى البحث العلمي. ولأن ضمير مريم ضمير حي، لم تسمح لها عقليتها ومكانتها العلمية والأخلاقية البقاء في مؤسسة لا تحترم البحث العلمي، فتركت وظيفتها غير آسفة عليها، واليوم ولله الحمد انضمت إلى قافلة العاطلين عن العمل، لكن هذه المرة التحقت بركب العاطلين وهي تحمل شهادة لا يحملها حتى أغلب المدراء في السلك التعليمي مع الأسف الشديد.

مريم لم تستسلم أبداً، فها هي بدأت بتقديم أبحاثها العلمية لمجلات أجنبية عالمية متخصصة في مجالها وفي أماكن مختلفة كذلك، وإن كانت الوظيفة في وطنها يعتبر أقل تكريمٍ يمكن أن يقدم لشابة في عمر الزهور، والتي أحسبها ويحسبها كل من يلتقيها بأنها من الطاقات الشبابية البحرينية الموهوبة والناجزة.

لم أكتب هنا عن مريم لأجل استدرار عطف أحد، فهي تستحق أكثر من كل هذا الكلام، ولم أزكيها لأجل استجداء وظيفة لا غير، لكننا نأسف أن تهمل الطاقات البحرينية الشابة في وطننا الغالي، فالإهمال يعني موت إبداعاتها العلمية وتكلس عطائها.

إنني على ثقة تامة لو أن قصة «مريم» وصلت للرجل الأول الحاضن لمثل هذه القدرات والطاقات العلمية المميزة في «مجموعته» لاحتضنها دون تردد لمعرفته بأهمية الطاقات الشابة والمبدعة. أقصد بالرجل الأول هنا هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله، الذي نوجه له نداؤنا لاكتشاف مريم.

إن كافة من التقيتهم من العاملين الشباب الذين يعملون تحديداً في مكتب سمو النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء كانوا من فئة «مريم» ومن نفس خاماتها الواعدة، ولهذا فلن أطرق باب أي أحد ليهتم بها ويقدر مكانتها العلمية إلا مكتب سموه.