إن من أبرز مصاديق إلزام الجهات الرسمية استخدام المعاملات الإلكترونية بصورة جدِّية حتى هذه اللحظة هو ما وجَّه به سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة محافظ المحافظة الجنوبية إلى منع استخدام الورق لدى إجراء المعاملات في المحافظة، والاكتفاء بإجرائها بتقنيات صديقة للبيئة اعتباراً من شهر يناير 2019.

ليس هذا وحسب، بل أكد سموه على ضرورة منع استخدام الورق، ليأتي في ظل مواكبة وسائل التكنولوجيا الحديثة في التواصل، وحفاظاً على البيئة والعمل على استدامة عناصرها وتشجيع مستوى الوعي لدى منتسبي المحافظة باستخدام تقنيات الاتصال الحديثة وتعزيز قيم البيئة الخضراء والتنمية المستدامة. وأوضح سمو المحافظ أن هذه الفكرة تعتبر تنفيذاً للمبادرات المستقبلية الذكية في نطاق الأنظمة الإلكترونية الحديثة، والسير نحو التفاعل الإداري بطريقة إلكترونية لكافة أنظمة وممارسات العمل في المحافظة.

كلنا نندهش اليوم حين ندخل مؤسسة رسمية أو شبه رسمية أو حتى مؤسسة تجارية لنُعطى استمارة ورقية مملة وطويلة كي نملأها بالمعلومات المعروفة لدى تلكم الجهات، كما نُصدم حين ننتظر «دورنا» ليخبرنا الموظف في نهاية الوقت الضائع وبعد انتظار طويل وبصوت خافت ممل «ملِّيتوا الفورمة»؟!

يا أخي «أي فورمة وأي بطيخ» فنحن اليوم في عصر الفضاء الإلكتروني الشاسع الرحب، وأنت تسألني هل «ملِّيت الفورمة»؟ إن الإجراءات الورقية يجب أن تنتهي من مؤسساتنا الرسمية تماماً، وأن تتخلص كل الوزارات من الورق ومن الأقلام ومن الاستمارات المخزونة لديها منذ السبعينات مع تجديد ألوانها كل مرة، فهذا الأمر لا يستقيم مع مشاريع وخطط الحكومة الإلكترونية ولا مع برامج التطوير الحكومي، ولهذا لا يجب إضاعة وقت الناس والموظفين باستمارات ورقية «غشيمة» لا تقدم ولا تؤخر، وأن تسجَّل كل المعلومات عن طريق البيانات الإلكترونية الدقيقة دون الحاجة لورقة وقلم ومقص وصمغ ودبَّاسة!

إن توجيه سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة بمنع استخدام الورق لدى إجراء المعاملات في المحافظة يعتبر قراراً حكيماً وشجاعاً ومُنتِجاً في ذات الوقت، فالمحافظ الشاب يدرك حجم التحديات الراهنة التي تقف حجر عثرة أمام تطور الأداء الحكومي فقام بمنع الورق القديم واستبداله بالمعاملات الإلكترونية الحديثة اختصاراً للوقت والجهد.

نتمنى من بقية المحافظات ومن بقية مؤسساتنا الرسمية أن يخْطُوا نهج المحافظة الجنوبية بمنع الورق واستخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة من العام القادم، فهذا الأمر يعتبر البوابة الحقيقية لدخول العصر الجديد ولرؤية 2030.