نستطيع الجزم بأن هناك سيولة غير مسبوقة في الأحداث الإقليمية دفعت بجيراننا الأتراك إلى واجهة المشهد، لكن من يقرأ تاريخهم يمكنه فهم تكرار ظهورهم الإقليمي والدولي حيناً بعد حين، ففي زمن مضى –قبل نجاح نظرية صدام الحضارات- حين كان بإمكاننا ترويج قول رسولنا عليه الصلاة والسلام: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. حينها كان العثمانيون يتسابقون على لقب «الغازي» الذي يمنح للمجاهدين من قادة الغزوات، وقد يكون اليوم من التسميات الملتبسة لـ»أتاتورك» الذي ألغى الخلافة الإسلامية ورأسها وعمودها وسنامها، ربما -حفظاً لحق الرجل- للبصمة العسكرية التي خلفها في معارك الحرب العالمية الأولى. واستناداً لما سبق لا يمكن تجاوز الروح العسكرية لهذه الأمة.
وقبل أسابيع سعدت بمشاهدة الفيلم التركي إيلا «Ayla» الذي تدور أحداثه حول قصة حقيقية لعلاقة أبوية غريبة ونادرة جمعت بين الجندي التركي سليمان المشارك في الحرب الكورية «1950-1953»، وبين فتاة كورية عمرها 6 أعوام تكفل برعايتها عندما عثر عليها بعد تعرض أهل قريتها للإبادة على يد القوات الكورية الشمالية وكيف استطاعت المشاعر الإنسانية تجاوز حاجز اللغة، وقد سماها عائشة فتحول إلى «آيتشة»، حيث لم يكن من السهل لغير الأتراك لفظه. لكن المحزن تغيير اسمها في الفيلم إلى»إيلا» بدوافع علمانية.
الروح العسكرية التركية لم تقرأ دوماً كتحرك سلبي كما يتم التوجس منها حالياً في سوريا، بل أن المحير هو كيف تأخرت الاستدارة الاستراتيجية التركية من كوريا إلى شرق الفرات لمدة نصف قرن؟! ففي كتابه «العودة إلى الصفر» يكشف ستيفن كينزر Stephen Kinzer Reset: Iran, Turkey, and America’s Future، بعض من روح الغازي التي أوصلت الأتراك إلى كوريا، فقد شكل الجنود 15 ألفاً الذين أرسلتهم تركيا إلى كوريا - وجميعهم من المتطوعين الذين التحقوا بعدما أبلغهم قادتهم أن أمريكا في حاجة إلى العون - أغرب لواء يحارب أبداً إلى جانب الجيش الأمريكي، فقد جاءوا جميعهم تقريباً من القرى الأناضولية النائية. ولم يتحدث أي منهم الإنجليزية أو يعرف أين تقع كوريا. وهم أول مجموعة من الأتراك الذين يغامرون في خارج موطنهم منذ تأسيس الجمهورية، ولم يبد عليهم مظهر الجنود الذين سبق لأي أمريكي أن رآهم. ولم يعرف أحد ما يتوقعه منهم .لكن وبناء على كلمات كينزر سرعان ما اكتسب الأتراك الشهرة بأنهم محاربون شرسون يطيعون الأوامر على الفور، ويندفعون طوعا عبر النيران، ولا يكادون يقهرون في الالتحام. وتقول الأسطورة إنهم عمدوا أحياناً إلى قطع رؤوس ضحاياهم وآذانهم. ولما شكك الأمريكيون في الإحصاءات المرتفعة في تقاريرهم عن عدد القتلى، شرع الأتراك في نقل جثث ضحاياهم من الجنود الكوريين الشماليين والصينيين إلى مقر القيادة الأمريكية وتكويمها في الخارج. وقد لحقت باللواء التركي 3 آلاف إصابة. ومازال هناك أكثر من 700 من جنودهم في الأرض الكورية.
* بالعجمي الفصيح:
العلاقات الدولية يديرها شخصان هما الدبلوماسي والجندي، وفي كوريا حقق العسكر الأتراك مجداً موثقاً ربطهم بالأمريكان لنصف قرن قادم، فمع انتشار التقارير عن بسالتهم قال الجنرال دوغلاس ماك أرثر قائد القوات الحليفة إن »الأتراك هم أبطال الأبطال.. لا يوجد مستحيل على اللواء التركي». وفي نهاية فيلم إيلا «Ayla» يلتقي بطلا القصة الحقيقيين في مشهد مؤثر، فهل تنتصر الإنسانية العسكرية التركية في منبج؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
وقبل أسابيع سعدت بمشاهدة الفيلم التركي إيلا «Ayla» الذي تدور أحداثه حول قصة حقيقية لعلاقة أبوية غريبة ونادرة جمعت بين الجندي التركي سليمان المشارك في الحرب الكورية «1950-1953»، وبين فتاة كورية عمرها 6 أعوام تكفل برعايتها عندما عثر عليها بعد تعرض أهل قريتها للإبادة على يد القوات الكورية الشمالية وكيف استطاعت المشاعر الإنسانية تجاوز حاجز اللغة، وقد سماها عائشة فتحول إلى «آيتشة»، حيث لم يكن من السهل لغير الأتراك لفظه. لكن المحزن تغيير اسمها في الفيلم إلى»إيلا» بدوافع علمانية.
الروح العسكرية التركية لم تقرأ دوماً كتحرك سلبي كما يتم التوجس منها حالياً في سوريا، بل أن المحير هو كيف تأخرت الاستدارة الاستراتيجية التركية من كوريا إلى شرق الفرات لمدة نصف قرن؟! ففي كتابه «العودة إلى الصفر» يكشف ستيفن كينزر Stephen Kinzer Reset: Iran, Turkey, and America’s Future، بعض من روح الغازي التي أوصلت الأتراك إلى كوريا، فقد شكل الجنود 15 ألفاً الذين أرسلتهم تركيا إلى كوريا - وجميعهم من المتطوعين الذين التحقوا بعدما أبلغهم قادتهم أن أمريكا في حاجة إلى العون - أغرب لواء يحارب أبداً إلى جانب الجيش الأمريكي، فقد جاءوا جميعهم تقريباً من القرى الأناضولية النائية. ولم يتحدث أي منهم الإنجليزية أو يعرف أين تقع كوريا. وهم أول مجموعة من الأتراك الذين يغامرون في خارج موطنهم منذ تأسيس الجمهورية، ولم يبد عليهم مظهر الجنود الذين سبق لأي أمريكي أن رآهم. ولم يعرف أحد ما يتوقعه منهم .لكن وبناء على كلمات كينزر سرعان ما اكتسب الأتراك الشهرة بأنهم محاربون شرسون يطيعون الأوامر على الفور، ويندفعون طوعا عبر النيران، ولا يكادون يقهرون في الالتحام. وتقول الأسطورة إنهم عمدوا أحياناً إلى قطع رؤوس ضحاياهم وآذانهم. ولما شكك الأمريكيون في الإحصاءات المرتفعة في تقاريرهم عن عدد القتلى، شرع الأتراك في نقل جثث ضحاياهم من الجنود الكوريين الشماليين والصينيين إلى مقر القيادة الأمريكية وتكويمها في الخارج. وقد لحقت باللواء التركي 3 آلاف إصابة. ومازال هناك أكثر من 700 من جنودهم في الأرض الكورية.
* بالعجمي الفصيح:
العلاقات الدولية يديرها شخصان هما الدبلوماسي والجندي، وفي كوريا حقق العسكر الأتراك مجداً موثقاً ربطهم بالأمريكان لنصف قرن قادم، فمع انتشار التقارير عن بسالتهم قال الجنرال دوغلاس ماك أرثر قائد القوات الحليفة إن »الأتراك هم أبطال الأبطال.. لا يوجد مستحيل على اللواء التركي». وفي نهاية فيلم إيلا «Ayla» يلتقي بطلا القصة الحقيقيين في مشهد مؤثر، فهل تنتصر الإنسانية العسكرية التركية في منبج؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج