في الصغر، ومن الأدب العالمي، قرأنا قصة الوالي والحائك المخادع. تروي القصة أن والياً كان يحب الملابس الفاخرة كثيراً. فكان يجلب الثياب الغالية من كل أقطار الأرض. وكان يستقدم الحائكين المهرة ليحيكوا له المميز من الثياب.
وذات سنة قدم إلى الولاية حائك مخادع، أوهم الوالي أن باستطاعته نسج ثوب عجائبي، لا مثيل له، من خيوط الشمس وخيوط القمر، ولن يتمكن من رؤية الثوب إلا الأذكياء فقط.
وقع الوالي في خديعة الحائك. وكان يتابع الحائك وهو يستل الخيوط من الشمس نهاراً، ومن القمر ليلاً، ثم ينسجها ويبدأ بحياكة الثوب وقصه وخياطته. وهو لا يرى شيئاً من ذلك. فأدرك أنه غبي، فكتم الخبر، وافتعل الاندهاش بالخيوط والنسيج والصنعة! وكان عمال الوالي مثله، لا يرون شيئاً من عملية النسج والخياطة، وخوفاً من افتضاح غبائهم ادعوا أنهم يشاهدون الباهر المبهر من النسيج والثياب، فكان ذلك مدعاة لتوالي ادعاء الجميع بأنهم يرون الثياب الشمس قمرية، كي لا يتفرد أحدهم بسمة الغباء.
وحين اكتمل الثوب المزعوم، أراد الوالي التجول في ميدان الولاية.
وكان سكان الولاية قد علموا بأمر الثوب العجيب، وكتموا «غباءهم» بافتعال الإعجاب بالثوب المميز للوالي الذي كان يتبختر في مشيته معتقداً أنه يرتدي ثوباً لا يشبهه ثوب آخر.
إلا أن طفلاً صرخ وهو يضحك «الوالي عارٍ، إنه يتجول دون ثياب». وشيئاً فشيئاً بدأ الناس يعترفون بأنهم لا يرون الثوب واتضح أن الجميع لا يرى أي ثياب على الوالي. وانكشف أمر خدعة الحائك.. ولكن بعد فراره بمبلغ كبير من المال.
هل كنت يوماً في هذا الموقف؟ كم مرة صدقت أمراً لا تراه عيناك ولا تدركه حواسك.. ولكنك «سايرت» الآخرين واعتقدت ما يعتقدون؟ إن تأثير فكر الجماعة يملك من القدرة على الهيمنة، أحياناً، ما لا تملكه قوانا الذهنية وملكاتنا. والطفل الذي عبر، في القصة، عما تراه حواسه من عُري الوالي، عبر عن هذه الحقيقة، لأنه بريء، ولا يعي مغبة أن يخرج عن فكر الجماعة، ولا يدرك العقاب الذي قد يترتب عن القول المخالف.
وكم مرة رأيتَ ما لا يراه غيرك، وعرفت ما لا يعرفونه، وعجزت عن التعبير عن قناعتك؟ نحن لسنا أبرياء بما يكفي كي نقول الحقيقة دائماً. ونحن نعي جيداً تكاليف أن نواجه الجماعة، والأفكار المهيمنة. لذلك تتأخر مجتمعاتنا عن التقدم. وتتعثر عند كل محاولة وثوب.
لكن محاولات قول غير المعهود لا تنعدم في مجتمعاتنا. وبأساليب لا تتفاوت.
بعض الذين يحاولون تسريب التشكيك في الأفكار المهيمنة، غير الصحيحة، يبذرون الأسئلة أمام الآخرين. فالسؤال هو مفتاح التفكير.
صحيح أنه أقل شجاعة من المواجهة وقول الحقيقة مباشرة. وصحيح أن نتائجه هي الأبطأ، لكنه تأثيره هو الأبلغ. لأنه يحتم على الشخص أن يسير بنفسه في طريق البحث عن الحقيقة، أو .... صورة من صور الحقيقة.
بعض أدوات مواجهة المهيمنات، تكون بتنشيط خيال الآخرين. فـ «ماذا لو..؟؟» وقع أمر مختلف؟ أو كانت الحقيقة شيئاً آخر؟ أو كان الأمر برمته غير صحيح ؟.... بعض الآخرين يرفضون قبول تصور آخر لما يعتقدون.
لكنهم يعجزون عن نفيه. سيبررون لرفضهم، ويأولون لأسباب ممانعتهم. لكنهم سيكونون قد اعترفوا ضمناً وصراحة بوجود واقع آخر وحقيقة أخرى.
علينا أن نتخلى عن قناعتنا أننا نملك الحقيقة الواحدة، والمطلقة. قد نكون مخطئين، أو على الأقل لا نملك، ولا نعي، إلا وجهاً من أوجه الحقيقة.
إن اقتناعنا بأن الحقيقة ليست ملكنا سيجعلنا أكثر مرونة في كل أمورنا، وسيعلمنا كيف نتقبل الآخرين أكثر. وكيف نفهمهم. وكيف نتفاهم معهم.
وكيف نعيش سعداء ومرتاحين في عالمنا المتعدد والمعقد.
أهم حقيقة ستصل إليها متأخراً.. أن ليس ثمة في الكون حقيقة واحدة.
وذات سنة قدم إلى الولاية حائك مخادع، أوهم الوالي أن باستطاعته نسج ثوب عجائبي، لا مثيل له، من خيوط الشمس وخيوط القمر، ولن يتمكن من رؤية الثوب إلا الأذكياء فقط.
وقع الوالي في خديعة الحائك. وكان يتابع الحائك وهو يستل الخيوط من الشمس نهاراً، ومن القمر ليلاً، ثم ينسجها ويبدأ بحياكة الثوب وقصه وخياطته. وهو لا يرى شيئاً من ذلك. فأدرك أنه غبي، فكتم الخبر، وافتعل الاندهاش بالخيوط والنسيج والصنعة! وكان عمال الوالي مثله، لا يرون شيئاً من عملية النسج والخياطة، وخوفاً من افتضاح غبائهم ادعوا أنهم يشاهدون الباهر المبهر من النسيج والثياب، فكان ذلك مدعاة لتوالي ادعاء الجميع بأنهم يرون الثياب الشمس قمرية، كي لا يتفرد أحدهم بسمة الغباء.
وحين اكتمل الثوب المزعوم، أراد الوالي التجول في ميدان الولاية.
وكان سكان الولاية قد علموا بأمر الثوب العجيب، وكتموا «غباءهم» بافتعال الإعجاب بالثوب المميز للوالي الذي كان يتبختر في مشيته معتقداً أنه يرتدي ثوباً لا يشبهه ثوب آخر.
إلا أن طفلاً صرخ وهو يضحك «الوالي عارٍ، إنه يتجول دون ثياب». وشيئاً فشيئاً بدأ الناس يعترفون بأنهم لا يرون الثوب واتضح أن الجميع لا يرى أي ثياب على الوالي. وانكشف أمر خدعة الحائك.. ولكن بعد فراره بمبلغ كبير من المال.
هل كنت يوماً في هذا الموقف؟ كم مرة صدقت أمراً لا تراه عيناك ولا تدركه حواسك.. ولكنك «سايرت» الآخرين واعتقدت ما يعتقدون؟ إن تأثير فكر الجماعة يملك من القدرة على الهيمنة، أحياناً، ما لا تملكه قوانا الذهنية وملكاتنا. والطفل الذي عبر، في القصة، عما تراه حواسه من عُري الوالي، عبر عن هذه الحقيقة، لأنه بريء، ولا يعي مغبة أن يخرج عن فكر الجماعة، ولا يدرك العقاب الذي قد يترتب عن القول المخالف.
وكم مرة رأيتَ ما لا يراه غيرك، وعرفت ما لا يعرفونه، وعجزت عن التعبير عن قناعتك؟ نحن لسنا أبرياء بما يكفي كي نقول الحقيقة دائماً. ونحن نعي جيداً تكاليف أن نواجه الجماعة، والأفكار المهيمنة. لذلك تتأخر مجتمعاتنا عن التقدم. وتتعثر عند كل محاولة وثوب.
لكن محاولات قول غير المعهود لا تنعدم في مجتمعاتنا. وبأساليب لا تتفاوت.
بعض الذين يحاولون تسريب التشكيك في الأفكار المهيمنة، غير الصحيحة، يبذرون الأسئلة أمام الآخرين. فالسؤال هو مفتاح التفكير.
صحيح أنه أقل شجاعة من المواجهة وقول الحقيقة مباشرة. وصحيح أن نتائجه هي الأبطأ، لكنه تأثيره هو الأبلغ. لأنه يحتم على الشخص أن يسير بنفسه في طريق البحث عن الحقيقة، أو .... صورة من صور الحقيقة.
بعض أدوات مواجهة المهيمنات، تكون بتنشيط خيال الآخرين. فـ «ماذا لو..؟؟» وقع أمر مختلف؟ أو كانت الحقيقة شيئاً آخر؟ أو كان الأمر برمته غير صحيح ؟.... بعض الآخرين يرفضون قبول تصور آخر لما يعتقدون.
لكنهم يعجزون عن نفيه. سيبررون لرفضهم، ويأولون لأسباب ممانعتهم. لكنهم سيكونون قد اعترفوا ضمناً وصراحة بوجود واقع آخر وحقيقة أخرى.
علينا أن نتخلى عن قناعتنا أننا نملك الحقيقة الواحدة، والمطلقة. قد نكون مخطئين، أو على الأقل لا نملك، ولا نعي، إلا وجهاً من أوجه الحقيقة.
إن اقتناعنا بأن الحقيقة ليست ملكنا سيجعلنا أكثر مرونة في كل أمورنا، وسيعلمنا كيف نتقبل الآخرين أكثر. وكيف نفهمهم. وكيف نتفاهم معهم.
وكيف نعيش سعداء ومرتاحين في عالمنا المتعدد والمعقد.
أهم حقيقة ستصل إليها متأخراً.. أن ليس ثمة في الكون حقيقة واحدة.