تأكيد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر على أن الحكومة حريصة على إتاحة فرص التعلم وتمكين الجميع من الحصول على التعليم الشامل وفق أفضل مستويات الجودة وضع التعليم في موقعه الاستراتيجي الصحيح والمعهود تاريخياً، فتاريخ التعليم النظامي في البحرين الذي بدأ في العام 1919 انطلق بمبادرة أهلية، وحظي بدعم حكومي سخي ومتابعة شخصية من الأسرة الحاكمة، إلى أن تولت الحكومة كل ما يخص التعليم منذ العام 1927.
والبحرين الحديثة التي ننعم بها اليوم وضع لبناتها الأساسية استراتيجيات الحكومة البحرينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وشكل معالمها خريجو التعليم الحكومي الذين تتلمذوا في مدارس البحرين في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
والدعوات التي خرج بها بعض أعضاء السلطة التشريعية بتخصيص التعليم في البحرين، وقصر الدور الحكومي على الدور الإشرافي فقط، هي دعوات لتنازل الحكومة عن واحدة من أخطر مسؤولياتها بعد «الأمن»، ودعوة لتخلي الحكومة عن دورها الرئيسي في توفير خدمة حيوية ولازمة مثل التعليم لكافة أفراد الشعب بجودة عالية وبفرص متعددة.
وهو ما لا يتوافق مع مهام السلطة التشريعية في مراقبة مدى أداء الحكومة لمهامها بما يكفل تقديم الخدمات الرئيسية للمواطنين!!
وليس من باب الموازنة العادلة مقارنة خصخصة التعليم في الدول المتقدمة أو غيرها من الدول بمقترح خصخصة التعليم في البحرين. فالبحرين من حيث المبدأ تتمتع باستقرار جيد في العملية التعليمية ومختلف متطلباتها، وتمكنت عبر المشاريع الحديثة وعمليات التطوير المتراكمة من أن تحقق نتائج عالية في العديد من المقاييس العالمية والمسابقات التربوية الإقليمية.
بالتالي ليس هناك ما يستدعي إحداث عملية «انقلاب» في منظومة التعليم الحالية.
المسألة الثانية، أن سمات النسق الثقافي المشكل للهوية البحرينية، هو نسق متنوع ومتماسك ويحتاج للدعم الحكومي كي يزداد قوة لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي.
فالبحرين تميزت تاريخياً بانفتاحها على كافة الأجناس والثقافات مما أوجد بيئة متزنة ومرنة تستوعب موجات التيارات الحداثية المتجددة عبر مختلف العصور.
وعلى الرغم من التنوع الاجتماعي والانفتاح الفكري إلا أن الشعب البحريني متمسك بهويته العروبية والإسلامية.
وهذه «التركيبة» للشخصية البحرينية، تحتاج إلى تعليم يحافظ على المكونات الثابتة في الوعي البحريني، ويعزز من سمات الانفتاح الفكري والإنساني الذي تحلت به الشخصية البحرينية، وحمايتها من أي محاولة اختراق أيديولوجي أو استقطاب تغريبي، كالذي يطفو على السطح الاجتماعي بين فترة وأخرى.
واحدة من تحديات تسليم التعليم للخصخصة، أننا لم نمتلك بعد، في البحرين، مؤسسات تعليمية «محلية»، يديرها خبراء تعليم بحرينيون لإنتاج المعرفة.
فتجارب المدارس الخاصة لا تخرج عن استضافة برامج دولية، أو الاستعانة بمناهج عربية وأجنبية متعددة، وبمعلمين أجانب بكفاءات متفاوتة. والكثير من المدارس الخاصة تطبق بعض المناهج الحكومية، وتستعين بمناهج أجنبية في بعض المواد.
وعلى الرغم من تميز بضع مدارس في جودة التعليم، غير أنها لم تصل لتبلغ مستوى المؤسسة التربوية المنتجة لفكر تربوي «محلي»، وسياسات تعليمية «محلية» تمثل تجربة تعليمية بحرينية في تصميم المناهج البحرينية وإعداد الاستراتيجيات التدريسية الملائمة لها، وتدريب المعلمين لتنفيذها... إلخ.
وحدها وزارة التربية والتعليم التي تمثل التجربة التربوية البحرينية بكافة تفاصيلها المتعددة وبمبادراتها التربوية المختلفة.
وبتتبع تاريخ الدول التي كانت متعثرة ثم نهضت، نقف على أنها جعلت التعليم على رأس أولوياتها، والمترجم الفوري لاستراتيجياتها.
فرسمت السياسات التربوية ووضعت الخطط الكفيلة بتنفيذها وتابعت العملية التعليمية وطورتها تباعاً، وهو دور يتخطى الإشراف العام إلى التدخل المباشر، وهو ما يحدث في البحرين.
والمبادرات التي يحتاجها التعليم من السادة نواب الشعب لا تكمن في تخلي الحكومة عن التعليم لصالح القطاع الخاص.
بل الأجدر دعوة القطاع الخاص لدعم التعليم في ظروف تنفيذ متطلبات التوازن المالي التي سيتأثر بها التعليم لا محالة.
ومن ثم صياغة التشريعات التي تضبط الدعم الخاص للتعليم الحكومي. وثمة مشروعات عديدة ومجالات كثيرة بإمكان القطاع الخاص دعم التعليم الحكومي فيها مثل تلبية الاحتياجات التقنية لمشروع التمكين الرقمي، والمساهمة في عمليات الإنشاء والتعديل في البنية التحتية في المدارس وفي وزارة التربية والتعليم، وتقديم البرامج التدريبية للعاملين في قطاع التعليم، ودعم المعلمين والتربويين بمنحهم مزايا خدمية وتسهيلات تنافسية.
التعليم مستقبل البحرين قديماً وحاضراً، ودعم التعليم التزام حضاري من مختلف مكونات الدولة، وعمليات الخصخصة هي وجه من أوجه الشراكة المجتمعية والتعبير عن فاعليتها، لكن الفاعلية الأكبر هي بدعم القطاع الحكومي ومساعدته على أداء مهامه.
{{ article.visit_count }}
والبحرين الحديثة التي ننعم بها اليوم وضع لبناتها الأساسية استراتيجيات الحكومة البحرينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وشكل معالمها خريجو التعليم الحكومي الذين تتلمذوا في مدارس البحرين في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
والدعوات التي خرج بها بعض أعضاء السلطة التشريعية بتخصيص التعليم في البحرين، وقصر الدور الحكومي على الدور الإشرافي فقط، هي دعوات لتنازل الحكومة عن واحدة من أخطر مسؤولياتها بعد «الأمن»، ودعوة لتخلي الحكومة عن دورها الرئيسي في توفير خدمة حيوية ولازمة مثل التعليم لكافة أفراد الشعب بجودة عالية وبفرص متعددة.
وهو ما لا يتوافق مع مهام السلطة التشريعية في مراقبة مدى أداء الحكومة لمهامها بما يكفل تقديم الخدمات الرئيسية للمواطنين!!
وليس من باب الموازنة العادلة مقارنة خصخصة التعليم في الدول المتقدمة أو غيرها من الدول بمقترح خصخصة التعليم في البحرين. فالبحرين من حيث المبدأ تتمتع باستقرار جيد في العملية التعليمية ومختلف متطلباتها، وتمكنت عبر المشاريع الحديثة وعمليات التطوير المتراكمة من أن تحقق نتائج عالية في العديد من المقاييس العالمية والمسابقات التربوية الإقليمية.
بالتالي ليس هناك ما يستدعي إحداث عملية «انقلاب» في منظومة التعليم الحالية.
المسألة الثانية، أن سمات النسق الثقافي المشكل للهوية البحرينية، هو نسق متنوع ومتماسك ويحتاج للدعم الحكومي كي يزداد قوة لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي.
فالبحرين تميزت تاريخياً بانفتاحها على كافة الأجناس والثقافات مما أوجد بيئة متزنة ومرنة تستوعب موجات التيارات الحداثية المتجددة عبر مختلف العصور.
وعلى الرغم من التنوع الاجتماعي والانفتاح الفكري إلا أن الشعب البحريني متمسك بهويته العروبية والإسلامية.
وهذه «التركيبة» للشخصية البحرينية، تحتاج إلى تعليم يحافظ على المكونات الثابتة في الوعي البحريني، ويعزز من سمات الانفتاح الفكري والإنساني الذي تحلت به الشخصية البحرينية، وحمايتها من أي محاولة اختراق أيديولوجي أو استقطاب تغريبي، كالذي يطفو على السطح الاجتماعي بين فترة وأخرى.
واحدة من تحديات تسليم التعليم للخصخصة، أننا لم نمتلك بعد، في البحرين، مؤسسات تعليمية «محلية»، يديرها خبراء تعليم بحرينيون لإنتاج المعرفة.
فتجارب المدارس الخاصة لا تخرج عن استضافة برامج دولية، أو الاستعانة بمناهج عربية وأجنبية متعددة، وبمعلمين أجانب بكفاءات متفاوتة. والكثير من المدارس الخاصة تطبق بعض المناهج الحكومية، وتستعين بمناهج أجنبية في بعض المواد.
وعلى الرغم من تميز بضع مدارس في جودة التعليم، غير أنها لم تصل لتبلغ مستوى المؤسسة التربوية المنتجة لفكر تربوي «محلي»، وسياسات تعليمية «محلية» تمثل تجربة تعليمية بحرينية في تصميم المناهج البحرينية وإعداد الاستراتيجيات التدريسية الملائمة لها، وتدريب المعلمين لتنفيذها... إلخ.
وحدها وزارة التربية والتعليم التي تمثل التجربة التربوية البحرينية بكافة تفاصيلها المتعددة وبمبادراتها التربوية المختلفة.
وبتتبع تاريخ الدول التي كانت متعثرة ثم نهضت، نقف على أنها جعلت التعليم على رأس أولوياتها، والمترجم الفوري لاستراتيجياتها.
فرسمت السياسات التربوية ووضعت الخطط الكفيلة بتنفيذها وتابعت العملية التعليمية وطورتها تباعاً، وهو دور يتخطى الإشراف العام إلى التدخل المباشر، وهو ما يحدث في البحرين.
والمبادرات التي يحتاجها التعليم من السادة نواب الشعب لا تكمن في تخلي الحكومة عن التعليم لصالح القطاع الخاص.
بل الأجدر دعوة القطاع الخاص لدعم التعليم في ظروف تنفيذ متطلبات التوازن المالي التي سيتأثر بها التعليم لا محالة.
ومن ثم صياغة التشريعات التي تضبط الدعم الخاص للتعليم الحكومي. وثمة مشروعات عديدة ومجالات كثيرة بإمكان القطاع الخاص دعم التعليم الحكومي فيها مثل تلبية الاحتياجات التقنية لمشروع التمكين الرقمي، والمساهمة في عمليات الإنشاء والتعديل في البنية التحتية في المدارس وفي وزارة التربية والتعليم، وتقديم البرامج التدريبية للعاملين في قطاع التعليم، ودعم المعلمين والتربويين بمنحهم مزايا خدمية وتسهيلات تنافسية.
التعليم مستقبل البحرين قديماً وحاضراً، ودعم التعليم التزام حضاري من مختلف مكونات الدولة، وعمليات الخصخصة هي وجه من أوجه الشراكة المجتمعية والتعبير عن فاعليتها، لكن الفاعلية الأكبر هي بدعم القطاع الحكومي ومساعدته على أداء مهامه.