هالة محمد جابر الأنصاري
حديث الاثنين
فور دخولك بوابة مدينة الشباب، يشعرك كل من ينتسب إليها بامتنانه وانشراحه بالزيارة الملكية الأبوية الأخيرة، وبالقرب الأخوي والاهتمام المستمر من عضيد الشباب سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، الذي يستمد عزم قيادة الساحة الشبابية والرياضية نحو الريادة من رؤية ملكية رحبة بتطلعاتها، ومن نهج حكومي «يعشق التحديات». ومن دون أدنى شك، فإن...
لم أستطع أن أُوقف تدفق الذكريات البيروتية العائلية عند رؤية ردود الأفعال الواسعة والمشاهد المؤثرة فور الإعلان عن وفاة زياد الرحباني، والتي زاد من زخمها الظهور النادر لوالدته، وقد طغى حضورها المهيب على مراسم تأبينه ووداعه. وكالعادة، لا شيء ينبعث من البيت الرحباني إلا وارتبط بشكل عضوي وتلقائي بالهوية اللبنانية العروبية، ليحتل...
الضمير العالمي في وقتنا الحاضر يمر بأكبر امتحان له على صعيد بقاء، ولو الحد الأدنى من إنسانيته، التي يُفترض بها أن تكون ملاذنا الأول لإنقاذ السلام والبقاء الإنساني عندما لا تسعفنا عقائدنا ولا مبادئنا للدفاع عن كرامة وحقوق بني البشر. ولكن بكل أسى، ننعى اليوم ذلك الضمير المتصف باللامبالاة المتعمدة وانهيار بنيانه القيمي، وهو...
تلاحقني هذه الجملة عند سماع قصة من قصص التميز النادرة التي تخرج عن المألوف في أدائها، سواء نتجت عن اجتهاد فردي لبناء سمعة أو تحقيق أثر تتوارثه ذاكرة الزمان والمكان، أو حققته منظومة عمل إدارية تفوقت في تقديم خدمة أو منتج يراعي الجودة لا الكثرة. وأقصد هنا القصص التي تجبرك على الإعجاب بتكامل عناصرها، وقدرتها على النجاة من الغرق في...
من دون شك، فإن الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل كانت الأكثر جرأة في استنزاف المخزون المعرفي للعقل النووي على الجبهتين، وإضعاف مصادر التدفق العلمي لكل طرف في مجال التفوق الذري. فقد صُممت الضربات المتبادلة بعناية لاستهداف منابع تلك المعرفة وقصف معاقلها، بشرية كانت أو مادية. المخيف في الأمر أن المبارزة على الساحة الإقليمية بين...
هالة محمد جابر الأنصاري ما يلفت الانتباه عند الحديث عن تداعيات حرب الاثني عشر يوما التي عصفت بالمنطقة، وجاءت كفقرة مرسومة ضمن مخطط كبير جارٍ تنفيذه لإعادة توزيع مراكز الثقل على أراضيها وتقليم أظافر مشاغبيها، هو التبشير بولادة شرق أوسط بنسخة جديدة. نسخة لا نعرف صيغتها القادمة بالضبط، وإن كنا قد علمنا حدودها الجغرافية وما تأتي...
بهذه العبارة المخطوطة على دراجة التوصيل النارية، يتنقل سائقها مذعوراً بين شوارعنا، ليعيش يومه ويكسب رزقه. وبهذا الرجاء المحرج، يظن المسكين أنه سينجو من عجلات الاستهتار أو الإهمال، وهي -في حقيقة الأمر- تصرفات مشينة تبعث برسالة واحدة: تحدي النظام العام على حساب الذوق، والأخلاق، وسلامة النفس، والآخرين. وموضوع السلامة المرورية...
لا يوجد وقت أنسب من الأزمات الحرجة والتحولات المصيرية، لاختبار معدن الإنسان وصقل خامته؛ ففي مثل هذه اللحظات، تتجلى بواطنه وتُكشف مواقفه، فينضح ما في إنائه، سواء بالخير أو الشر، أو بما هو أخطر من الشر البَيّن، ما أسميه «الحياد اللئيم» أو «الصمت المتعمد»، الذي لا يستقيم مع مقامات التصرف عند الامتحانات الكبرى التي تواجه البشرية،...
لن آتي بجديد في هذه المسألة المستعصية التي لطالما شغلت العقل الإنساني منذ أن بدأ فلاسفة الكون البحث في تعقيدات ذلك العقل وميله المتطرف لإشعال نيران الحروب، في محاولة لفهم جذور الصراع الإنساني. فإلى يومنا هذا، نجد أن المعاناة التي تمر بها الذات الإنسانية لا تنتهي، وهي تحاول الوصول إلى برمجة عقلية منطقية وتصورات ثقافية قاطعة...
مرة أخرى، ومنذ أن عقدت البحرين العزم على الترشح للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن للسنتين القادمتين، لم يتوقف نشاط حملتها الدبلوماسية الشاملة، والحماسية، والذكية، التي تميزت بابتعادها عن الضجيج الدعائي والتسويقي كما يحلو لبعض التجارب، هذا إلى جانب استثمارها الموفق لشبكة تحالفاتها الصديقة، واعتمادها على رصيد سمعتها الدولية...
أعتقد أننا بحاجة إلى استعادة أنفاسنا بعد الصخب الإعلامي الذي رافق انتشار التسجيل الصوتي لحديث الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في مرحلة متأخرة من حكم الأول. الحديث، كما بدا لنا، كان مثقلاً بإحباطات عبدالناصر؛ كمحارب أنهكته الحروب الخارجية التي خرج منها صفر اليدين، فضلاً عن مواجهته...
يقول حكماء «حراس الكلمة» إن الصحافة هي «سلاح من لا سلاح له» وإن «القلم أمضى من السيف»، لما للكلمة من قوة وتأثير على ديمومة الإبداع والتفاعل الإنساني، وذلك إيماناً من حراسها بأن الكلمة الحرة يجب ألا تذهب سدى، وإلا ستغيب بلا رجعة عن وعي الشعوب وضمائرهم. والصحافة، كما يصفها أحد هؤلاء الحكماء، هي «تاريخ في لحظة تكوّنه». ولا يمكن...