«بسبب تشبع القطاع الخاص بالعمالة الوافدة وانخفاض الأجور بات من الصعب إقناع المواطن السعودي أو الخليجي بالعمل في هذا القطاع، وهو ما أسهم في زيادة نسب البطالة». هذا ما ذكره الباحث الاقتصادي عصام الزامل في ورقته «تأثير العمالة الوافدة في الاقتصاد السعودي»، المنشورة في كتاب «الخليج والإصلاح الاقتصادي في زمن الأزمة النفطية».
وتجرني هذه العبارة إلى مقطع فيديو انتشر قبل أسابيع، يستغرب فيه شاب كويتي من عمل شاب آخر خليجي في محطة بترول ملمحاً إلى أن هذا أمر يجب أن لا يحدث في الخليج!
العمل عند الخليجي في الذهنية الخليجية الحديثة بعد انتشار خيرات النفط يعني وظيفة مرموقة في القطاع العام أو مالكاً لشركة تجارية في القطاع الخاص بحيث يتخيل نفسه لابساً غترة «منشية»، وجالساً خلف مكتب أنيق ويعمل تحته جيش من الموظفين جزء كبير منهم من الوافدين ينفذون أوامره. صورة جسدها الراحل عبدالحسين عبدالرضا في مسرحية «بني صامت»، في السبعينات عندما ظهر علينا بدور رئيس مجلس إدارة شركة «قنفذ»، ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا.
طبعاً، تتفاوت هذه الصورة من بلد إلى آخر، وبلا شك في أنها تشتد في البلدان الخليجية الأكثر مدخولاً، وهذا يفسر استغراب شاب خليجي من عمل شاب خليجي آخر في وظيفة بسيطة.
وعلى الرغم من أن طموح تأسيس شركة وترؤسها يعد طموحاً مشروعاً، وهذا ما تدعو له حالياً سياسات دول الخليج التي تشجع مواطنيها على الانخراط في العمل الحر، بهدف خلق قطاع خاص ديناميكي يوظف العاطلين ويطلق العنان للابتكار ويخفف من عبء التوظيف في الحكومة، إلا أن الزامل يرى أن هذه السياسة ناجحة على الورق فقط، لكن تواجهها عقبات على أرض الواقع.
وأبرز هذه العقبات سيطرة الأجانب على قطاع الأعمال الخاصة الصغيرة «البرادات والكافتيريات وورش الحديد والنجارة والقرطاسيات وغيرها»، والذين يقبلون بأبسط الأرباح مما يجعل منافستهم شبه مستحيلة وبذلك تفشل الكثير من محاولات المشاريع الجديدة التي يخوضها المواطن. وأضاف الزامل أن «الحكومات الخليجية لم توفق عندما روجت لريادة الأعمال في أوساط الشباب حديثي التخرج ومنهم لم يعمل ليوم واحد في حياته»، حسب قوله.
وما لم يتطرق له الزامل، أن أغلب المشاريع الجديدة للمواطن الخليجي تعتمد أساساً على مهارة العامل الأجنبي، فلا توظف المواطنين ولا تلتفت اليهم. وهذه معضلة أخرى تضاف لمعضلة الوجود المكثف للأجانب في القطاع الخاص.
ما لم يحدث في الخليج طوال الخمسين سنة الماضية هو تشجيع المواطن بجدية وإصرار على العمل في القطاع الخاص كموظف «قبل أن يكون صاحب عمل»، حيث ترك هذا القطاع ليوظف العمالة الأجنبية برواتب زهيدة ليضاعف أرباحه وتحملت أغلب الحكومات مهمة التوظيف.
الآن وفجأة، نريد أن نغير هذا التوجه فنرى مقاومة مفهومة ولها مبرراتها من القطاع الخاص لمسألة توظيف المواطن ونرى ضعفاً في مهارات المواطن الذي ابتعد عن مصدر التعلم الأساسي لمهارات العمل، كما نرى ونشهد تنافساً شرساً لأي وظيفة من قبل الأجانب.
إذ قبل أن نبدأ بتشجيع المواطن على فتح مشروعه الخاص ونغريه بالحرية والمدخول الكبير من الأجدى أن نشجعه على دخول القطاع الخاص من البداية ونيسر عملية دخوله من خلال سياسة التوطين «التي تحتاج إلى مراجعة وتحديث و ليس إلغاء تاما»، ونحفزه على اكتساب «معرفة – كيف»، أي Know - how، وهي المعرفة الأهم التي تمنح القدرة على عمل شيء والتي لا تكتسب في الجامعة أو الوظيفة الحكومية بالتأكيد.
لا يمكن حرق المراحل بهذه الصورة، ولا يمكن التحول من سياسة إلى أخرى، ونعتقد أن نتائجها ستكون فورية وسريعة. فقبل أن يؤسس المواطن شركة «قنفذ»، الاستثمارية - التجارية - الصناعية ويترأسها، عليه أن يعمل لعدة سنوات في شركات شبيهة تعلمه كيف تجري الأمور!
وتجرني هذه العبارة إلى مقطع فيديو انتشر قبل أسابيع، يستغرب فيه شاب كويتي من عمل شاب آخر خليجي في محطة بترول ملمحاً إلى أن هذا أمر يجب أن لا يحدث في الخليج!
العمل عند الخليجي في الذهنية الخليجية الحديثة بعد انتشار خيرات النفط يعني وظيفة مرموقة في القطاع العام أو مالكاً لشركة تجارية في القطاع الخاص بحيث يتخيل نفسه لابساً غترة «منشية»، وجالساً خلف مكتب أنيق ويعمل تحته جيش من الموظفين جزء كبير منهم من الوافدين ينفذون أوامره. صورة جسدها الراحل عبدالحسين عبدالرضا في مسرحية «بني صامت»، في السبعينات عندما ظهر علينا بدور رئيس مجلس إدارة شركة «قنفذ»، ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا.
طبعاً، تتفاوت هذه الصورة من بلد إلى آخر، وبلا شك في أنها تشتد في البلدان الخليجية الأكثر مدخولاً، وهذا يفسر استغراب شاب خليجي من عمل شاب خليجي آخر في وظيفة بسيطة.
وعلى الرغم من أن طموح تأسيس شركة وترؤسها يعد طموحاً مشروعاً، وهذا ما تدعو له حالياً سياسات دول الخليج التي تشجع مواطنيها على الانخراط في العمل الحر، بهدف خلق قطاع خاص ديناميكي يوظف العاطلين ويطلق العنان للابتكار ويخفف من عبء التوظيف في الحكومة، إلا أن الزامل يرى أن هذه السياسة ناجحة على الورق فقط، لكن تواجهها عقبات على أرض الواقع.
وأبرز هذه العقبات سيطرة الأجانب على قطاع الأعمال الخاصة الصغيرة «البرادات والكافتيريات وورش الحديد والنجارة والقرطاسيات وغيرها»، والذين يقبلون بأبسط الأرباح مما يجعل منافستهم شبه مستحيلة وبذلك تفشل الكثير من محاولات المشاريع الجديدة التي يخوضها المواطن. وأضاف الزامل أن «الحكومات الخليجية لم توفق عندما روجت لريادة الأعمال في أوساط الشباب حديثي التخرج ومنهم لم يعمل ليوم واحد في حياته»، حسب قوله.
وما لم يتطرق له الزامل، أن أغلب المشاريع الجديدة للمواطن الخليجي تعتمد أساساً على مهارة العامل الأجنبي، فلا توظف المواطنين ولا تلتفت اليهم. وهذه معضلة أخرى تضاف لمعضلة الوجود المكثف للأجانب في القطاع الخاص.
ما لم يحدث في الخليج طوال الخمسين سنة الماضية هو تشجيع المواطن بجدية وإصرار على العمل في القطاع الخاص كموظف «قبل أن يكون صاحب عمل»، حيث ترك هذا القطاع ليوظف العمالة الأجنبية برواتب زهيدة ليضاعف أرباحه وتحملت أغلب الحكومات مهمة التوظيف.
الآن وفجأة، نريد أن نغير هذا التوجه فنرى مقاومة مفهومة ولها مبرراتها من القطاع الخاص لمسألة توظيف المواطن ونرى ضعفاً في مهارات المواطن الذي ابتعد عن مصدر التعلم الأساسي لمهارات العمل، كما نرى ونشهد تنافساً شرساً لأي وظيفة من قبل الأجانب.
إذ قبل أن نبدأ بتشجيع المواطن على فتح مشروعه الخاص ونغريه بالحرية والمدخول الكبير من الأجدى أن نشجعه على دخول القطاع الخاص من البداية ونيسر عملية دخوله من خلال سياسة التوطين «التي تحتاج إلى مراجعة وتحديث و ليس إلغاء تاما»، ونحفزه على اكتساب «معرفة – كيف»، أي Know - how، وهي المعرفة الأهم التي تمنح القدرة على عمل شيء والتي لا تكتسب في الجامعة أو الوظيفة الحكومية بالتأكيد.
لا يمكن حرق المراحل بهذه الصورة، ولا يمكن التحول من سياسة إلى أخرى، ونعتقد أن نتائجها ستكون فورية وسريعة. فقبل أن يؤسس المواطن شركة «قنفذ»، الاستثمارية - التجارية - الصناعية ويترأسها، عليه أن يعمل لعدة سنوات في شركات شبيهة تعلمه كيف تجري الأمور!