قبل بضعة أيام عمد أحدهم، أو بعضهم، إلى التشهير في وسائل التواصل الاجتماعي بأحد الموظفين الحكوميين. حملة التشهير تضمنت نشر صورة الموظف وموقع عمله واسمه وصورته، مع عبارات عنصرية مسيئة. بعدها بساعات قليلة أعلنت الجهة التي يعمل بها الموظف أنها ستحيل المنشورات إلى قسم الجرائم الإلكترونية، وأنها ستلاحق قانونياً كل من اشترك في الحملة التشهيرية ضد الموظف وضد موقع عمله، مما دفع كثيراً من الذين روجوا للمنشور إلى حذف كل ما نشروه في مواقع التواصل الاجتماعي.

أسلوب التشهير بالآخرين في وسائل التواصل الاجتماعي غدا سمة من سمات تلك الشبكات. وهو ينم عن المستوى الأخلاقي المتدني لكثير من رواد تلك المواقع، ولحالة التنمر الشرسة التي يتسمون بها. وفي ظل حالات الغضب التي تُثار في المجتمع بين فترة وأخرى وشيوع حالات الكراهية وسط غموض كثير من القصص التي يتم بثها في الفضاء السيبراني، لا يتورع هؤلاء عن الكذب على الآخرين وتعمد الإضرار بهم، حتى لو أدت تلك الأساليب إلى الإساءة المعنوية والنفسية للآخرين، أو تهديد حياتهم وتعريض سلامة أسرهم للخطر.

وفي عدة مناقضات عبر السنوات الماضية طرح مجلس الشورى بمملكة البحرين مقترحات لتغليظ العقوبات على جرائم التشهير ونشر الأخبار الكاذبة والإساءات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي تصوري أنه توجه سليم في ظل استخفاف البعض واستسهالهم عمل منشور كاذب والقذف به في الفضاء بكل أريحية وشعور بالأمان من أي ملاحقة أو مساءلة أمنية. كما إن العمليات والإجراءات المعقدة والطويلة من قبل الجهات الأمنية المعنية بتتبع الجرائم الإلكترونية لكشف المصدر الأول للجريمة، تستدعي تغليظ العقوبة نتيجة إزعاج الأجهزة الأمنية بتتبع قضايا، هي في غالبيتها، قضايا تصفية حسابات شخصية.

ثقافة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تكون ثقافة وعي وفهم لأبعاد بث الكلام في الفضاء السيبراني دون تفكر وتبصر بمعانيها ودلالاتها وأثرها، هي ثقافة قيم اجتماعية وأخلاق ذاتية. فبإمكان أحدنا أن ينشر ما يشاء باسمه الصريح أو باسم مستعار أو عن طريق حساب وهمي. لكنه لا يستطيع أن يخفي القيم والأخلاق التي يتبناها من حب للخير ونشر للسلام والمعارف الحميدة والنافعة، أو من تبني نوازع الكراهية والرغبة بالإضرار بالآخرين حتى لو لم تكن هناك مبررات كافية لمثل تلك الأفعال.