كنت على وشك الخروج من منتزه بمطقة العبدلي الزراعية مع عائلتي حين لفت نظري مجموعة من الرجال والنساء متردين ملابس متداخلة بعلم الكويت مع ألوان علم البحرين، بل ويحملون علماً بحرينياً كبيراً، وبالطبع كانت لهجتهم بحرينية لا تخطئها أذن. اقتربت منهم وصحت بأعلى صوتي «عاشوا أهل البحرين» وكانت تلك كلمة السر الافتتاحية التي جمعت كل رواد المنتزه حولهم يغنون «عاشت لنا لكويت وعاشوا أهلها»، يرفرف فوقنا علم البحرين الكبير. ولم يكن ذلك الموقف هو الوحيد فقد وصلتني مقاطع من دول خليجية وهم يحملون علم الكويت ويرددون أهازيجهم مشاركة بفرحة الكويت، وفي سلطنة عمان أيضاً. أما الإمارات فقد تم إنجاز عمل فني رائع الإبداع على الرمال بصورة الشيخ صباح أمير الإنسانية، ثم اتسعت الحدود التي تصلني منها مقاطع مشاركة أهلنا في عيدنا الوطني فوصلتني من مصر بل وحتى من فلسطين، كما ووصلتني مشاركة لو قال أهل الكويت كلهم لبطلها شكراً لما وفته حقه، وهي من البطل الرقيب يحيى البارقي، الذي تعرض في يوم التحرير لانفجار لغم أرضي عند قيامه بإزالته، لفتح معبر في سد الألغام لعبور قوات التحرير ليفقد يديه وبصره أو كما قال عُدت كفيفاً، ولم أستطع الاستفادة من الأطراف الصناعية، نظراً لفقداني البصر، لكنني لم أندم يوماً على مشاركتي في الحرب، ولو قُدر لي العودة لعدت لميدان الشرف مع الجيش السعودي الباسل. وقد كان استذكار تلك المشاركة استذكاراً لكل أهلنا الذين شاركونا في تحرير الكويت جزاهم الله خيراً، وكان تجاوب وسائل التواصل الاجتماعي من خارج حدود الكويت مع استذكار قصة البطل يحيى ترجمة لمدى الحب لمناسبة لم تكن فيما مضى تتعدى البروتوكولات في السفارات.احتفلنا أمس والذي قبله في الكويت بـ»عيد وطني عابر للحدود « وهو الوصف الذي أثلج صدري هذا العام في احتفالاتنا في الكويت، وربما يعود ذلك لأسباب عديدة لها أهمها اصطفاف الكويت مع العروبة والعرب وكأن لا حدود سياسية تفرقها حتى صارت الكويت معقلاً من معاقل العروبة، وليس هنا من مجال لتعداد مواقف الكويت العروبية منذ استقلالها حتى إعادتها للواجهة الدولية الحق الفلسطيني في مجلس الأمن قبل أشهر. كما أن الكويت تؤمن بخليجيتها بشكل حاد ظهرت في غيرتها على مجلس التعاون كمنظمة إقليمية سعت لقيامها وجبرت عثراتها ومازالت تراهن على بقائها رغم الصعاب، ولعل آخر تلك الجهود اجتماع ضباط جيوش مجلس التعاون للتحضير لفعاليات عسكرة قادمة تحت مظلة درع الجزيرة. إن وجه الكويت البهيج المحبب مرده تأويل أهلها للأمور كافة وفق منظور عروبيتها وخليجيتها، كما أن لدى شعبها جيلاً بعد جيل ظمأً هائلاً لا يرتوي من العروبة، وعزيمةً جعلتنا نتجاوز حدود المرارة جراء النكسات العربية والأزمات الخليجية، فشكراً لمن شاركنا ولو بتغريدة في أعيادنا الوطنية.* بالعجمي الفصيح:خليجية الكويت النابعة من عروبتها والمقدرة في محيطها، هي أحد أوجه قوتها الناعمة.* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج