بعدما يتم تحريض الأطفال على الخروج عن الطفولة إلى الشوارع ورمي الحجارة على رجال الأمن وإشعال النار في إطارات السيارات، وبعدما يتم القبض عليهم ومحاسبتهم ثم إطلاق سراحهم يأتيهم المحرضون من جديد ليلتقطوا معهم الصور ولينشروها عبر وسائل التواصل والتعليق عليها بعبارات تصفهم بالأبطال.. ثم بعد كل هذا يأتون ليقولوا إن الطفولة في بلادنا منتهكة! أي عدل في هذا الكلام؟ وأي عدل في ذاك الفعل؟

المسألة التي ينبغي أن يلتفت إليها المعنيون بالطفولة في العالم والمسؤولون في «المنظمات الحقوقية» هي أن استغلال الأطفال بهذا الشكل اعتداء على الطفولة والعدالة معاً، فأي عدل في دفع طفل دون الإدراك إلى الشارع ليقوم بأعمال التخريب والفوضى؟ وأي عدل في إرغامه على التقاط صورة له بعد الإفراج عنه ونعته بالبطل؟ أليس هذا اعتداء على الطفولة؟

أي عدل في إخراج الطفل عن مساره الطبيعي وإقحامه في ممارسة لا يفهمها ولا علاقة له بها ثم التباكي والقول بأن الحكومة تحتجزه وتريد أن تعاقبه؟

ما فعله أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة ومناضلين وفي ثورة» في السنوات الأخيرة اعتداء صارخ على الطفولة وسير في جنازتها، فأن تخرج طفلاً من مدرسته اعتداء على طفولته، وأن تدفعه لإشعال النار في إطارات السيارات اعتداء على طفولته، وأن تشركه في مظاهرة لا يفهم معنى الشعارات المرفوعة فيها اعتداء على طفولته، وأن تتسبب عليه ليمر بتجارب يفترض ألا يمر بها وتؤثر سلباً على حياته ومستقبله اعتداء على طفولته، وأن توقفه بعد إطلاق سراحه لتلتقط لنفسك صورة معه تنشرها في وسائل التواصل الاجتماعي لتقول إنك مناضل اعتداء على طفولته، وأن تسبغ عليه لقب «بطل» فقط لأنه أطاعك ونفذ ما تريده منه اعتداء على طفولته ينبغي أن تعاقب عليه. هذا الاستغلال البشع للطفولة يجب ألا يمر من دون محاسبة لأنه اعتداء على حقوق الطفل وتجاوز لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تنظم حقوقه. تضرر أي طفل تم دفعه لممارسة أفعال لا علاقة لها بالطفولة مسؤولية أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة ومناضلين وفي ثورة» فهم الذين ينبغي محاسبتهم، بل حتى التصوير معهم بعد الإفراج عنهم ونعتهم بصفة «بطل» جريمة ينبغي أن يحاسبوا عليها. طبعاً ليس مطلوباً ولا متوقعاً من الجهات المعنية في الدولة السكوت عن طفل أياً كان عمره وتركه يفعل ما يريد بحجة أنه طفل وأن له حقوقاً، فالطفل الذي يرفع حجراً يرمي به رجال الأمن ينتهك حقوقه بهذا الفعل، والطفل الذي يقوم بالمشاركة في اختطاف شارع وتعطيل حياة الناس وتعريضهم للخطر ينتهك حقوقه، ولا مفر من محاسبته ومحاسبة من حرضه ودفعه لممارسة هذه الأفعال.

النائب عبد لله الذوادي أكد لدى مشاركته ضمن وفد مجلس النواب في مناقشات اليوم الأول من الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف أن البحرين قطعت شوطاً فيما يتعلق بحماية حقوق الطفل منذ انضمامها لاتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 وأنها تولي موضوع حقوق الطفل اهتماماً كبيراً وأن الطفل يعني لها الشيء الكثير، وهذا صحيح. البحرين توفر للطفل كل احتياجاته وتحرص على إعطائه كامل حقوقه، وهي ملتزمة بالمواثيق والاتفاقات الدولية التي تنظم حياته. هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، أما أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة ومناضلين وفي ثورة» فيتجاوزون كل المواثيق والمبادئ والأخلاق ولا يترددون عن دفع الأطفال إلى الشوارع ليقوموا بأفعال لا تتناسب مع الطفولة، ولا يكتفون بذلك حيث يحرصون على التصوير مع من قررت الحكومة الإفراج عنهم ونعتهم بصفة «بطل» كي يضمنوا استغلالهم من جديد.