ماذا يعني الحساب الذهني؟ عبارة حساب ذهني تعني أننا في الفترة بين نصف السؤال والإجابة عنه ولا نستخدم أيّ كتابة أو أيّ آلة. فالعملية تتمّ في الذهن فقط. فاستخدامه يتطلّب فهم تركيب الأرقام وخواص العمليات الحسابية وكذا يتطلب بدرجة أولى التركيز واستخدام الذاكرة.
الحساب الكتابي يرافق الحساب الذهني وهو وسيلة لإجراء العمليات كتابياً، فالتلميذ يختزل الوقت باستخدام الحساب الذهني للعمليات البسيطة. أما الحساب الذهني فهو لا يتصادم البتّة مع الآلة الحاسبة سواء كانت إلكترونية أو كلاسيكية مثل السروبان أو الأباكوس ولكنه بالعكس وسيلة لاستخدام الآلة الحاسبة بذكاء.
أنواع الحساب الذهني
يمكن تقسيم الحساب الذهني إلى نوعين: الحساب الذهني الآلي والحساب الذهني الفكري. والحساب الذهني الآلي هو عبارة عن الاستخدام المباشر لكل ما حفظ عن ظهر قلب كجداول الضرب. ويمكن أن نسمي هذا النوع استحضاراً ذهنياً، وأنبّه هنا أني لا أقصد طبعاً بالآلي استخدام آلة حاسبة مهما كان نوعها فهذا لا أعدّه حساباً ذهنياً كما سبق في التعريف أعلاه.
أما الحساب الذهني الفكري فيكون فيه مراحل ونختار فيه طريقة ما أو استراتيجية ما. فهو يستعمل الفكر، بعكس الأوّل الذي يستعمل المعلومات المخزنة في الذهن مباشرة دون تفكير.
والحساب الفكري يتطلّب التحليل والاستنباط بينما الحساب الآلي يكون عبارة عن ردّ فعل تلقائي. وكلاهما يتعايش مع الآخر ولا يناقضه بل بالعكس فالحساب الفكري يبرز أهمّية الحساب الآلي لأنه يستخدمه بقوّة. لا غنى للواحد عن الآخر. والحساب الذهني الفكري يشبه إلى حد كبير الرياضة بالنسبة للجسم أو قل رياضة الجمباز فهو يطوع الذهن ويجعله يتفاعل بسرعة ومرونة.
وبما أنّه بالمثال يتّضح المقال، دعني أوضّح ما قلته بمثال، الطالب يحفظ من جداول الضرب مثلاً أنّ 6×4=24، 3×4=12، 5×4=20 و7×4=28، فعندما نسأل الطالب عنهم فيعطينا تلقائياً دون تفكير الإجابة فهذا هو الحساب الذهني الآلي. وعندما نسأله مثلاً عن ناتج ضرب 4×57 باستخدام الذهن فقط فهنا يلزمه استخدام الفكر. فيمكن الطالب أن يستخدم إحدى الاستراتيجيات الثلاث التالية: إما أن يعتبر أن 57 هي حاصل جمع 50 و7 وبالتالي 57×4=(50+7)×4=(50×4)+(7×4)=200+28=228. في الخطوة الأخيرة يكون الطالب قد استخدم أيضاً الحساب الآلي أي جداول الضرب.
وهناك استراتيجية ثانية «حساب فكري ثانٍ»، وهو أن يعتبر 57=60-3 وبالتالي تكون: 57 ×4=(60-3)×4=(60×4)-(3×4)=240-12=240-10-2=228.
وهناك استراتيجية ثالثة وهي أن يعتبر 4=2×2، وبالتالي الناتج يكون عبارة عن ضعف ضعف 57. فضعف 57 هو 114 وضعفه 228.
فنرى من هذا المثال البسيط تلازم الحسابين الآلي والفكري ولا غنى للواحد منهما عن الآخر. ولك أن تتصوّر مدى الثقة التي يحصل عليها الطالب بنفسه بعد إجراء هكذا عمليات بيسر وسهولة ذهنياً ودون استخدام آلات.
تغريدة بن ستيفن على «تويتر» والحساب الذهني
نشر المدوّن بن ستيفن من بريطانيا قبل أيّام على «تويتر» فكرة بسيطة لحساب النسب المئوية والفكرة هي أن أ% من القيمة ب تساوي ب% من القيمة أ. فمثلاً 23% من 50 تساوي 50% من 23 أي نصفها وهو 11.5. كذلك 8% من 25 تساوي 25% من 8 يعني ربعها وهو 2. إثبات الفكرة بسيط جداً وهي مستنتجة من الخاصة التبديلية للضرب كالتالي (أ÷100)×ب يساوي «ب÷100»×أ. وهذا بالطبع نوع من الحساب الفكري.
الملفت للنظر هو أن هذه التغريدة انتشرت بسرعة كبيرة على «تويتر» واعتبر الكثير من القراء أنها جديدة عليهم وعلّق الكثير منهم بقولهم لماذا لم ندرس هذه الفكرة البسيطة والمفيدة في المدرسة.
من ردود الفعل الكثيرة على التغريدة السابقة وأيضاً من تجربتي الشخصية الطويلة في التدريس أستنتج وللأسف قلّة التركيز في المدارس على النوع الثاني من الحساب الذهني أي الحساب الفكري. فالتلميذ مطالب بحفظ جداول الضرب فقط ولا يتعداه إلى استخدام الفكر في إجراء عمليات ذهنية تبدو للوهلة أنها صعبة وهي ليست كذلك. بل الأدهى والأمرّ أن الكثير من الطلاب وحتى في الجامعات صار عبداً للآلة الحاسبة! لا يستطيع أن يجري أبسط العمليات بدون الآلة. فكثيراً ما أقول لطلابي إن الآلة من صنع البشر ومن المفترض أن نتعامل معها كالعبد المأمور، نعطيها الأوامر وهي تنفذ، وليس العكس!
ومن هنا أحثّ كل المسؤولين عن البرامج الأكاديمية في المدارس والمدرّسين بضرورة الاهتمام والتركيز على الحساب الذهني بنوعيه الفكري والآلي فهو رياضة فكرية بامتياز، يقوّي التركيز لدى الطالب، يقوّي الذاكرة، يقوّي ترتيب الأفكار في الذهن ويقوّي أيضاً تحليل الأفكار وتركيبها.
* قسم الرياضيات
- جامعة البحرين
الحساب الكتابي يرافق الحساب الذهني وهو وسيلة لإجراء العمليات كتابياً، فالتلميذ يختزل الوقت باستخدام الحساب الذهني للعمليات البسيطة. أما الحساب الذهني فهو لا يتصادم البتّة مع الآلة الحاسبة سواء كانت إلكترونية أو كلاسيكية مثل السروبان أو الأباكوس ولكنه بالعكس وسيلة لاستخدام الآلة الحاسبة بذكاء.
أنواع الحساب الذهني
يمكن تقسيم الحساب الذهني إلى نوعين: الحساب الذهني الآلي والحساب الذهني الفكري. والحساب الذهني الآلي هو عبارة عن الاستخدام المباشر لكل ما حفظ عن ظهر قلب كجداول الضرب. ويمكن أن نسمي هذا النوع استحضاراً ذهنياً، وأنبّه هنا أني لا أقصد طبعاً بالآلي استخدام آلة حاسبة مهما كان نوعها فهذا لا أعدّه حساباً ذهنياً كما سبق في التعريف أعلاه.
أما الحساب الذهني الفكري فيكون فيه مراحل ونختار فيه طريقة ما أو استراتيجية ما. فهو يستعمل الفكر، بعكس الأوّل الذي يستعمل المعلومات المخزنة في الذهن مباشرة دون تفكير.
والحساب الفكري يتطلّب التحليل والاستنباط بينما الحساب الآلي يكون عبارة عن ردّ فعل تلقائي. وكلاهما يتعايش مع الآخر ولا يناقضه بل بالعكس فالحساب الفكري يبرز أهمّية الحساب الآلي لأنه يستخدمه بقوّة. لا غنى للواحد عن الآخر. والحساب الذهني الفكري يشبه إلى حد كبير الرياضة بالنسبة للجسم أو قل رياضة الجمباز فهو يطوع الذهن ويجعله يتفاعل بسرعة ومرونة.
وبما أنّه بالمثال يتّضح المقال، دعني أوضّح ما قلته بمثال، الطالب يحفظ من جداول الضرب مثلاً أنّ 6×4=24، 3×4=12، 5×4=20 و7×4=28، فعندما نسأل الطالب عنهم فيعطينا تلقائياً دون تفكير الإجابة فهذا هو الحساب الذهني الآلي. وعندما نسأله مثلاً عن ناتج ضرب 4×57 باستخدام الذهن فقط فهنا يلزمه استخدام الفكر. فيمكن الطالب أن يستخدم إحدى الاستراتيجيات الثلاث التالية: إما أن يعتبر أن 57 هي حاصل جمع 50 و7 وبالتالي 57×4=(50+7)×4=(50×4)+(7×4)=200+28=228. في الخطوة الأخيرة يكون الطالب قد استخدم أيضاً الحساب الآلي أي جداول الضرب.
وهناك استراتيجية ثانية «حساب فكري ثانٍ»، وهو أن يعتبر 57=60-3 وبالتالي تكون: 57 ×4=(60-3)×4=(60×4)-(3×4)=240-12=240-10-2=228.
وهناك استراتيجية ثالثة وهي أن يعتبر 4=2×2، وبالتالي الناتج يكون عبارة عن ضعف ضعف 57. فضعف 57 هو 114 وضعفه 228.
فنرى من هذا المثال البسيط تلازم الحسابين الآلي والفكري ولا غنى للواحد منهما عن الآخر. ولك أن تتصوّر مدى الثقة التي يحصل عليها الطالب بنفسه بعد إجراء هكذا عمليات بيسر وسهولة ذهنياً ودون استخدام آلات.
تغريدة بن ستيفن على «تويتر» والحساب الذهني
نشر المدوّن بن ستيفن من بريطانيا قبل أيّام على «تويتر» فكرة بسيطة لحساب النسب المئوية والفكرة هي أن أ% من القيمة ب تساوي ب% من القيمة أ. فمثلاً 23% من 50 تساوي 50% من 23 أي نصفها وهو 11.5. كذلك 8% من 25 تساوي 25% من 8 يعني ربعها وهو 2. إثبات الفكرة بسيط جداً وهي مستنتجة من الخاصة التبديلية للضرب كالتالي (أ÷100)×ب يساوي «ب÷100»×أ. وهذا بالطبع نوع من الحساب الفكري.
الملفت للنظر هو أن هذه التغريدة انتشرت بسرعة كبيرة على «تويتر» واعتبر الكثير من القراء أنها جديدة عليهم وعلّق الكثير منهم بقولهم لماذا لم ندرس هذه الفكرة البسيطة والمفيدة في المدرسة.
من ردود الفعل الكثيرة على التغريدة السابقة وأيضاً من تجربتي الشخصية الطويلة في التدريس أستنتج وللأسف قلّة التركيز في المدارس على النوع الثاني من الحساب الذهني أي الحساب الفكري. فالتلميذ مطالب بحفظ جداول الضرب فقط ولا يتعداه إلى استخدام الفكر في إجراء عمليات ذهنية تبدو للوهلة أنها صعبة وهي ليست كذلك. بل الأدهى والأمرّ أن الكثير من الطلاب وحتى في الجامعات صار عبداً للآلة الحاسبة! لا يستطيع أن يجري أبسط العمليات بدون الآلة. فكثيراً ما أقول لطلابي إن الآلة من صنع البشر ومن المفترض أن نتعامل معها كالعبد المأمور، نعطيها الأوامر وهي تنفذ، وليس العكس!
ومن هنا أحثّ كل المسؤولين عن البرامج الأكاديمية في المدارس والمدرّسين بضرورة الاهتمام والتركيز على الحساب الذهني بنوعيه الفكري والآلي فهو رياضة فكرية بامتياز، يقوّي التركيز لدى الطالب، يقوّي الذاكرة، يقوّي ترتيب الأفكار في الذهن ويقوّي أيضاً تحليل الأفكار وتركيبها.
* قسم الرياضيات
- جامعة البحرين