هذا مسمى لكيان، أرى أن إنشاءه مهم جداً لدينا، إن كنا نتطلع لتحقيق أهدافنا المرصودة في رؤية 2030، بالطريقة التي تصنع الرضا لدى المواطن.

اليوم شارعنا المحلي يموج بالكثير من ردود الفعل، ومن يرصد الأجواء، سيجد أن هناك أفكاراً ورؤى، وانتقادات وحلولاً عديدة يعبر عنها الناس من خلال نشاطهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى من خلال الصحافة إن كانت الأخيرة تسعى لتقديم مواد إعلامية تبرز اتجاهات الشارع البحريني.

لدينا مجتمع نسبة الثقافة والوعي فيه عالية جداً، لدينا حراك اجتماعي لا يمكن إنكاره، الجيل الحالي متقدم جداً في عملية التعبير عن آرائه، وإبداء وجهات نظره، لكن في المقابل الناس يعتبون على من يعنيهم الأمر، من منطلق الرغبة في معرفة «هل صوتهم يصل»؟! وهل القرارات والتوجهات تبنى على أسس وضع الاعتبار لما يريده المواطن، ولما يعبر عنه، وبناء على مقترحاته، أو حل مشكلاته؟!

السؤال هنا: هل لدينا من يرصد ردود فعل الناس، وتباين آرائهم، ويقيس نسبة الرضا، أو عكسها إزاء موضوع معين، بحيث يمكن البناء على هذه المعلومات الغزيرة المجمعة والمرصودة في بناء تقارير عميقة، من خلالها نعرف كثيراً من الأمور التي تتداخل في عملية المعالجات، أو ابتكار الحلول، أو التقدم بمقترحات ومشاريع؟!

لدينا معلومات متناثرة في الفضاء، قد تسأل مسؤول ما عن رأي الناس، فيقول البعض يقول كذا، والبعض يقول كذا، لكنه لن يمتلك رقماً فعلياً، أو تقريبياً، أو نسبة يمكن الاستناد عليها كأرضية في تشخيص الحالات أو تقييم الأوضاع.

اليوم إن كنا مازلنا نردد أن المواطن هو الأساس، وأنه هو المركز الذي تتمحور حوله جميع العمليات، لأن نتيجة العمل لابد من أن تتمثل بنتائج تحقق مصلحته وتلبي حاجاته، فإنه من الواجب حتماً معرفة ما هو موقف المواطن، وما هو رأيه بشأن أي موضوع هام يطرح، لأن المواطن هو «الزبون» الأساسي الذي تعمل لأجله كافة القطاعات.

طيب، من يقيس لنا رأي الناس، واتجاهاتهم بشأن قضايا معينة؟!

الصحافة تقوم أحياناً بنشر تحقيقات في مواضيع معينة، ولكن الصحافة ليس بقدرتها بذل مزيد من الوقت والجهد لتغطي أكبر عدد ممكن وأعظم شريحة منتقاة لأجل تحقيق ينشر مرة واحدة، بالتالي النسبة قد لا تكون ممثلة، وهذا ما قد يجعل بعض المسؤولين لا يهتمون أو لا يعتبرون أن هناك رأياً شعبياً طاغياً ومستأثراً في الأوساط ينبغي الالتفات له والاهتمام به.

بالتالي مهم جداً أن يكون لدينا -مثلما بعض الدول لديها- مرصد وطني مهمته رصد الاتجاهات الشعبية في المجتمع بشأن قضايا معينة، مرصد مهمته النزول للشارع والقيام بمسوحات واستبيانات وتحقيقات مع الناس، يسألهم عن قضايا معينة، ويسجل مواقفهم بكل صدق وشفافية، ويسعى لتغطية أعداد كبيرة لتكون عينة ممثلة حقيقية، ويبني عليها في إعداد تقارير مفصلة، ترفع بعدها للحكومة أو الدولة، فيها تشرح الحالة، وتفصل آراء الناس ومواقفهم، وبناء عليها يمكن للمرصد أن يقدم مقترحات مبنية على ما يعبر عنه الناس، تدخل في إطار المعالجات والحلول.

هذه الآليات تطبقها الشركات الناجحة والضخمة، بحيث يهمها جداً معرفة ردة فعل عملائها، بل وتطاردهم بشتى الوسائل للحصول على التغذية الراجعة، لأن الناس هم أساس عملها، وهم من يمثلون القوة الشرائية لها، وعليه، تجاهل أو عدم الاكتراث بآرائهم قد يقود لخسائر كارثية.

هذا على مستوى الشركات التجارية، فما بالكم بأي دولة تعمل لأجل الناس؟! بالتالي لا بد من رصد رأي الناس، ومعرفة ما يجول في خاطرهم، وما يعبرون عنه بشكله المجرد وبكل شفافية. لأننا إذا لم نصل للناس ونستمع لهم، قد نقوم بأمور ونجتهد في جوانب لا تمثل للناس أولوية، بل قد تخلق لديهم رد فعل سلبياً جداً.

إن كنت تقيس رأي الناس، وتسعى لمعرفة ما يرغبون فيه، وما يرضيهم وما يزعجهم، فإنك لن تقدم إلا الأفضل لهم، وما يعبر عن مطالبهم وأفكارهم.

فهل يكون هذا المرصد أمنية قابلة للتحقق؟!