في البدء سمي بـ«الإعلام الجديد»، ثم استقرت تسميته بوسائل التواصل الاجتماعي، وأظن أن أفضل تسميه له حالياً هي «الإعلام الاجتماعي».
لقد صار بإمكان كل فرد أن يمتلك منصة إعلامية شخصية، وأن يعبر عن رأيه ويصبح «مؤثراً».
والإشكالية التي صرنا نواجهها مع من صاروا يحملون لقب «مؤثرين» في شبكات الإعلام الاجتماعي أن كثيرين منهم، للأسف، يفتقدون لحس المسؤولية وخصوصاً «المسؤولية الوطنية».
اضطراب علاقة المواطن بالإعلام الرسمي، وتراجع دور مؤسسات المجتمع المدني، وعدم نضج الأداء البرلماني بعد، كلها أسباب أدت إلى انجذاب فئة كبيرة من عامة الناس إلى نجوم «الإعلام الاجتماعي» والوقوع تحت تأثيرهم في مناقشة القضايا الاجتماعية.
وبمتابعة أساليب تأثيرهم، فإنها لم تخرج عن التأثير التقليدي على ذهن «الجماهير»، المتمثلة في التهييج العاطفي والانفعالي الذي دائماً ما يتمثل باندلاع عواصف لا تتجاوز فوهة الفنجان.
أسوأ نموذج يدلل على عمليات التهييج الاجتماعي، غير المسؤول، ما تم مناقشته عن تداول عقاقير طبية في إحدى المدارس الحكومية.
حيث عمد مثيرو هذه القضية، من بعض شخوص «الإعلام الاجتماعي» إلى طرحها ضمن سيناريو شيطنة المدارس وشيطنة المجتمع من أجل إحداث صدمة مجتمعية تحشد الناس حول هؤلاء «الشخوص».
هذا الطرح الذي اكتنفه العديد من المخالفات القانونية، سبب هلعاً اجتماعياً، وتصدير صورة سيئة مبالغ فيها عن المجتمع البحريني، بما يتعارض مع حس المسؤولية الوطنية.
في الوعي الجمعي الباطن، فإن جميع الناس يدركون، أن مشكلة خطيرة مثل الترويج وتعاطي العقاقير أو المخدرات هي ظاهرة عالمية عابرة للحدود.
وأن دور الدولة يحتم عليها مكافحتها والحد من انتشارها.
لكن الدور الأول والجوهري يقع على عاتق الأسرة في حال كان الضحايا أطفالاً دون الخامسة عشرة.
فامتلاك أطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية لهواتف متنقلة دون رقابة، وتورطهم في علاقات مع من هم أكبر منهم دون مساءلة، وحيازتهم لأموال وعقاقير دون متابعة ودون إبلاغ مع الأجهزة الأمنية مباشرة، هي مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق الأسرة، ثم هو تحدٍّ تربوي كبير تعاني منه المدارس باعتبار أن التعليم في البحرين حق لجميع الفئات التي تصب في المدارس دون تمييز.
وهذا ما لم يتطرق إليه «مزايدو الإعلام الاجتماعي» حين بثوا الرعب بين الناس، وحاولوا زعزعة ثقة الناس بالمجتمع وبمؤسسات الدولة، دون مناقشة دور باقي الأطراف الاجتماعية وتحميلهم مسؤولياتهم الأولوية.
المسؤولية الوطنية في مناقشة مشكلات المجتمع تحتم علينا وضع القضايا في سياقها ومكانها الصحيحين.
وإحالة تلك القضايا إلى منابعها ومنابتها لعلاجها من جذورها ومتابعة امتداداتها للقضاء عليها.
وليس توجيه المناقشات في اتجاه يتمكن خلاله البعض من تصفية حساباتهم مع جهات معينة على حساب الأمن المجتمعي.
يحاول بعض «شخوص الإعلام الاجتماعي» تصوير كل اختلاف مع أسلوبهم في الطرح، بأنه محاولة لتكميم الأفواه.
وهذا ليس صحيحاً.
ولكن الفوضى التي صار هؤلاء يستمرئونها في عرض أسماء أفراد من المجتمع مع تداول صورهم وبث إشاعات كاذبة، أو حتى قضايا حقيقية عنهم، قد يعرض سلامتهم الجسدية والنفسية للخطر.
واستغلال المشكلات الاجتماعية أو الأزمات الاقتصادية والسياسية لإثارة النسيج الاجتماعي ضد بعضه، سيخلق مشكلات أخرى وسيفاقم الأزمات الحالية.
كل ما نطلبه من جماعات «الإعلام الاجتماعي» هو تفهم «المسؤولية الوطنية»، والكف عن البحث عن الإثارة المجتمعية في كل شاردة وواردة، والتزام القانون في تداول أسماء الناس وصورهم وظروف حياتهم الشخصية والمهنية، واتباع الأساليب النظامية والتنظيمية في مناقشة القضايا الاجتماعية ومناقشة أداء مؤسسات الدولة.
فالتشهير بالناس وتعريض سمعتهم وحياتهم للخطر ليس حرية، إنه تهديد للأمن والسلم الأهلي، وترويج صورة غير صحيحة عن الواقع الاجتماعي ليس حرية أيضاً، إنه عمل عدائي ضد الوطن.
ثم.. ما هي البدائل التي سيقدمها هؤلاء لعامة الناس حين يزعزعون ثقتهم بالمجتمع وبمؤسسات الدولة؟ إنه السؤال الذي لن تجد له جواباً، نهائياً، في طرح من يمتهنون إثارة المجتمع وترويع الناس.
{{ article.visit_count }}
لقد صار بإمكان كل فرد أن يمتلك منصة إعلامية شخصية، وأن يعبر عن رأيه ويصبح «مؤثراً».
والإشكالية التي صرنا نواجهها مع من صاروا يحملون لقب «مؤثرين» في شبكات الإعلام الاجتماعي أن كثيرين منهم، للأسف، يفتقدون لحس المسؤولية وخصوصاً «المسؤولية الوطنية».
اضطراب علاقة المواطن بالإعلام الرسمي، وتراجع دور مؤسسات المجتمع المدني، وعدم نضج الأداء البرلماني بعد، كلها أسباب أدت إلى انجذاب فئة كبيرة من عامة الناس إلى نجوم «الإعلام الاجتماعي» والوقوع تحت تأثيرهم في مناقشة القضايا الاجتماعية.
وبمتابعة أساليب تأثيرهم، فإنها لم تخرج عن التأثير التقليدي على ذهن «الجماهير»، المتمثلة في التهييج العاطفي والانفعالي الذي دائماً ما يتمثل باندلاع عواصف لا تتجاوز فوهة الفنجان.
أسوأ نموذج يدلل على عمليات التهييج الاجتماعي، غير المسؤول، ما تم مناقشته عن تداول عقاقير طبية في إحدى المدارس الحكومية.
حيث عمد مثيرو هذه القضية، من بعض شخوص «الإعلام الاجتماعي» إلى طرحها ضمن سيناريو شيطنة المدارس وشيطنة المجتمع من أجل إحداث صدمة مجتمعية تحشد الناس حول هؤلاء «الشخوص».
هذا الطرح الذي اكتنفه العديد من المخالفات القانونية، سبب هلعاً اجتماعياً، وتصدير صورة سيئة مبالغ فيها عن المجتمع البحريني، بما يتعارض مع حس المسؤولية الوطنية.
في الوعي الجمعي الباطن، فإن جميع الناس يدركون، أن مشكلة خطيرة مثل الترويج وتعاطي العقاقير أو المخدرات هي ظاهرة عالمية عابرة للحدود.
وأن دور الدولة يحتم عليها مكافحتها والحد من انتشارها.
لكن الدور الأول والجوهري يقع على عاتق الأسرة في حال كان الضحايا أطفالاً دون الخامسة عشرة.
فامتلاك أطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية لهواتف متنقلة دون رقابة، وتورطهم في علاقات مع من هم أكبر منهم دون مساءلة، وحيازتهم لأموال وعقاقير دون متابعة ودون إبلاغ مع الأجهزة الأمنية مباشرة، هي مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق الأسرة، ثم هو تحدٍّ تربوي كبير تعاني منه المدارس باعتبار أن التعليم في البحرين حق لجميع الفئات التي تصب في المدارس دون تمييز.
وهذا ما لم يتطرق إليه «مزايدو الإعلام الاجتماعي» حين بثوا الرعب بين الناس، وحاولوا زعزعة ثقة الناس بالمجتمع وبمؤسسات الدولة، دون مناقشة دور باقي الأطراف الاجتماعية وتحميلهم مسؤولياتهم الأولوية.
المسؤولية الوطنية في مناقشة مشكلات المجتمع تحتم علينا وضع القضايا في سياقها ومكانها الصحيحين.
وإحالة تلك القضايا إلى منابعها ومنابتها لعلاجها من جذورها ومتابعة امتداداتها للقضاء عليها.
وليس توجيه المناقشات في اتجاه يتمكن خلاله البعض من تصفية حساباتهم مع جهات معينة على حساب الأمن المجتمعي.
يحاول بعض «شخوص الإعلام الاجتماعي» تصوير كل اختلاف مع أسلوبهم في الطرح، بأنه محاولة لتكميم الأفواه.
وهذا ليس صحيحاً.
ولكن الفوضى التي صار هؤلاء يستمرئونها في عرض أسماء أفراد من المجتمع مع تداول صورهم وبث إشاعات كاذبة، أو حتى قضايا حقيقية عنهم، قد يعرض سلامتهم الجسدية والنفسية للخطر.
واستغلال المشكلات الاجتماعية أو الأزمات الاقتصادية والسياسية لإثارة النسيج الاجتماعي ضد بعضه، سيخلق مشكلات أخرى وسيفاقم الأزمات الحالية.
كل ما نطلبه من جماعات «الإعلام الاجتماعي» هو تفهم «المسؤولية الوطنية»، والكف عن البحث عن الإثارة المجتمعية في كل شاردة وواردة، والتزام القانون في تداول أسماء الناس وصورهم وظروف حياتهم الشخصية والمهنية، واتباع الأساليب النظامية والتنظيمية في مناقشة القضايا الاجتماعية ومناقشة أداء مؤسسات الدولة.
فالتشهير بالناس وتعريض سمعتهم وحياتهم للخطر ليس حرية، إنه تهديد للأمن والسلم الأهلي، وترويج صورة غير صحيحة عن الواقع الاجتماعي ليس حرية أيضاً، إنه عمل عدائي ضد الوطن.
ثم.. ما هي البدائل التي سيقدمها هؤلاء لعامة الناس حين يزعزعون ثقتهم بالمجتمع وبمؤسسات الدولة؟ إنه السؤال الذي لن تجد له جواباً، نهائياً، في طرح من يمتهنون إثارة المجتمع وترويع الناس.