شهدت الكويت هذا العام هطول أمطار بكميات لم تشهدها البلاد منذ عشرين عاماً، حيث وصلت معدلات الهطول فيها خلال 4 ساعات لما يساوي ما يهطل خلال موسم كامل. وفي أواخر شهر مارس 2019 تحولت صحراء الكويت إلى تلال وسهول خضراء مزينة بأزهار النواوير الصفراء. وفي منطقة «الرتقة» الصحراوية على حدود العراق سمعت من «راعي حلال» كهل ما يشد الانتباه، فقد قال إن مطر هذا العام هو أربعة أضعاف مطر سنة 1996، لكن ربيع ذلك العام أطيب من ربيع هذا العام. أما ربيع سنة 1978 فقد كان مطره أقل من أمطار سنة 1996، وأمطار سنة 2019، لكن الربيع كان أطيب. أقريت له أن بداوتي تهمة، معزياً نفسي أن تحضر غيري تهمة أيضاً. وسألته كيف قاس ذلك؟
قال الكهل: هذا العام ظهرت أزهار «النوير»، و»الربلة» و»القريص» و»الثندي» و»الزمولوق» وطبعاً شجيرات «العرفج» و»الرمث». وكلها نباتات سريعة أومتوسطة الانتشار، بمعنى أن القليل من المطر يظهرها، بل إن أزهار «النوير» الصفراء تظهر من رشة مطر واحدة. لكننا في ربيع 96 و78 شاهدنا نبات «الحميض» و»الخزاما» بل و»الفقع» وغيرها من نباتات غريبة لم نعرف اسمها، فقد مات الشيبان الذين يعرفونه، وأحياناً نعرف أنها لم تظهر لأنها في ثنايا قصائدهم النبطية لكن لا نعرف شكلها.
غادرت الشايب وأنا في حيرة، كيف أن أمطارنا هذا العام أكثر بأربع مرات من أمطار سنين الحياة السابقة، لكن ربيعنا أقل. وبين حديث الشايب وأخبار الغليان الشعبي في الجزائر والسودان تذكرت كلام محمد إقبال 1877-1938، فيلسوف الإسلام وشاعره في الهند، خريج جامعة ميونخ الألمانية، وجامعة كيمبردج البريطانية، حيث شبه القيم والمبادئ الإسلامية بما يشبه حالة ربيع الكويت حيث تحتاج كل نبته لربيع خاص، وانتظام مقنن في كمية المطر وزمان ومكان هطوله، ليتسنى لبعض النباتات النادرة الخروج من مرحلة سكون تمتد بقدرة الله لمدة تصل إلى 40 عاماً أحياناً، تتحمل أشهر الصيف الحارة وبرد الصحراء القارس انتظاراً لربيعها المناسب. فقد رد إقبال على بعض منتقدي العالم الإسلامي وخموله واستكانته بالقول إن مبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإسلامية تبقى أجنة في رحم السياق التاريخي حتى يسمح لها ذلك السياق بالنمو الطبيعي. فأحياناً وكما في مطر الكويت الأخير كانت سرعة الفتوح الإسلامية وسرعة ثورات الربيع العربي أكبر من أن يكون لها مردود، بل انتكاسات مدمرة، ففي الفتوحات كانت هناك سرعة في اكتساب المسلمين فقد وصل الفتح لمداه في 50 عاماً بفتح الصين والأندلس 711م لكن رافقه عجز عن استيعاب المسلمين الجدد بحقنهم بالقيم والمبادئ الإسلامية الحقة فتحولوا إلى شعوبيين يحبون الإسلام ويكرهون العرب، وفي الربيع العربي حدث نفس الشيء جراء اندفاع الشعوب السريع نحو تدمير نفسها بدل النهوض بعد سقوط القذافي وعلي صالح.
* بالعجمي الفصيح:
تدخل الشعوب في مرحلة سكون تشبه الاندثار، ثم تتحرك، والويل لها إن كان تحركها جراء الانقياد لمغامرين ومغامرات غير محسوبة.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
{{ article.visit_count }}
قال الكهل: هذا العام ظهرت أزهار «النوير»، و»الربلة» و»القريص» و»الثندي» و»الزمولوق» وطبعاً شجيرات «العرفج» و»الرمث». وكلها نباتات سريعة أومتوسطة الانتشار، بمعنى أن القليل من المطر يظهرها، بل إن أزهار «النوير» الصفراء تظهر من رشة مطر واحدة. لكننا في ربيع 96 و78 شاهدنا نبات «الحميض» و»الخزاما» بل و»الفقع» وغيرها من نباتات غريبة لم نعرف اسمها، فقد مات الشيبان الذين يعرفونه، وأحياناً نعرف أنها لم تظهر لأنها في ثنايا قصائدهم النبطية لكن لا نعرف شكلها.
غادرت الشايب وأنا في حيرة، كيف أن أمطارنا هذا العام أكثر بأربع مرات من أمطار سنين الحياة السابقة، لكن ربيعنا أقل. وبين حديث الشايب وأخبار الغليان الشعبي في الجزائر والسودان تذكرت كلام محمد إقبال 1877-1938، فيلسوف الإسلام وشاعره في الهند، خريج جامعة ميونخ الألمانية، وجامعة كيمبردج البريطانية، حيث شبه القيم والمبادئ الإسلامية بما يشبه حالة ربيع الكويت حيث تحتاج كل نبته لربيع خاص، وانتظام مقنن في كمية المطر وزمان ومكان هطوله، ليتسنى لبعض النباتات النادرة الخروج من مرحلة سكون تمتد بقدرة الله لمدة تصل إلى 40 عاماً أحياناً، تتحمل أشهر الصيف الحارة وبرد الصحراء القارس انتظاراً لربيعها المناسب. فقد رد إقبال على بعض منتقدي العالم الإسلامي وخموله واستكانته بالقول إن مبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإسلامية تبقى أجنة في رحم السياق التاريخي حتى يسمح لها ذلك السياق بالنمو الطبيعي. فأحياناً وكما في مطر الكويت الأخير كانت سرعة الفتوح الإسلامية وسرعة ثورات الربيع العربي أكبر من أن يكون لها مردود، بل انتكاسات مدمرة، ففي الفتوحات كانت هناك سرعة في اكتساب المسلمين فقد وصل الفتح لمداه في 50 عاماً بفتح الصين والأندلس 711م لكن رافقه عجز عن استيعاب المسلمين الجدد بحقنهم بالقيم والمبادئ الإسلامية الحقة فتحولوا إلى شعوبيين يحبون الإسلام ويكرهون العرب، وفي الربيع العربي حدث نفس الشيء جراء اندفاع الشعوب السريع نحو تدمير نفسها بدل النهوض بعد سقوط القذافي وعلي صالح.
* بالعجمي الفصيح:
تدخل الشعوب في مرحلة سكون تشبه الاندثار، ثم تتحرك، والويل لها إن كان تحركها جراء الانقياد لمغامرين ومغامرات غير محسوبة.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج