في كلمته بمناسبة يوم الجيش الخميس الماضي أطلق الرئيس الإيراني حسن روحاني عبارتين ينقضهما الواقع ولا تمتان إلى الحقيقة بصلة، الأولى هي أن «أمريكا غاضبة من الشعب الإيراني بسبب صموده وتمكنه من الوقوف في وجهها طيلة أربعين عاماً»، والثانية هي أن «الإعلان الأمريكي اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية واجه وقوف كل الشعب الإيراني ضد أمريكا دعماً لحرس الثورة».

من الأمور التي يعرفها روحاني ونظامه جيداً هي أن أمريكا ليست غاضبة من الشعب الإيراني وإنما من النظام الذي اختطف ثورته ولا يزال يعمل على إذلاله ويدفع المنطقة نحو التخلف وعدم الاستقرار، فهذا الشعب لا يعادي أمريكا وهو يخرج في مظاهرات ترفع فيها الشعارات ضد الولايات المتحدة لحماية نفسه من أذى النظام ليس إلا، فديكتاتورية الملالي تجعله يخشى على نفسه وعياله ولقمة عيشه. ومن الأمور التي يعرفها روحاني جيداً أيضاً أن أحداً من الشعب الإيراني لم يغضب من اعتبار إعلان أمريكا الحرس الثوري منظمة إرهابية، فالشعب الإيراني - باستثناء المستفيدين من النظام المسيطر على السلطة في إيران - يؤيد الإعلان الأمريكي ويدعمه ويعتبره متأخراً وينتظر اليوم الذي تتحرر فيه إيران من ربقة النظام الإيراني الذي لم يبق له صديقاً وأعاده إلى الوراء قروناً.

أمريكا ليست ضد الشعب الإيراني وإنما معه، وهي قامت وتقوم بالعديد من الخطوات لتسهم مع الآخرين في إخراجه من الحال التي صار فيها، وليس إعلانها اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية إلا واحدة من تلك الخطوات المؤكدة لمؤازرتها للشعب الإيراني وسعيها لإنقاذه. الشعب الإيراني أيضاً ليس ضد أمريكا وإنما هو مؤيد لها ويعرف أنها إنما اعتبرت الحرس الثوري منظمة إرهابية دعماً له ومساعدة ليتمكن من تحرير نفسه، ولهذا فإنه مؤيد لإعلانها التاريخي الذي أفقد النظام الإيراني توازنه، والأكيد أنه سيعمل على الاستفادة من هذه الخطوة، وهو ما يسهل تبينه من خلال متابعة نشاط منظمة «مجاهدي خلق» التي لم تتأخر عن العمل واعتبرت الإعلان فرصة ويمكن أن يكون بداية النهاية للنظام الإيراني.

ليست أمريكا فقط ولكن كل دول مجلس التعاون الخليجي بل كل دول العالم تقف إلى جانب الشعب الإيراني الذي تشهد معاناته وترى حجم الظلم الواقع عليه من النظام المختطف لثورته، وكل هذه الدول تؤيد الإعلان الأمريكي وتدعمه وتدعو الشعب الإيراني إلى الاستفادة من هذه الفرصة، فهذا الإعلان من شأنه أن يضعف النظام كثيراً ويهز أركانه.

قول روحاني بأن الإعلان الأمريكي وحد الشعب الإيراني ضد أمريكا ليس إلا ادعاء لأن الواقع يؤكد عكسه، الشعب الإيراني توحد بسبب الإعلان ولأسباب أخرى ضد النظام الإيراني. الذي توحد ضد أمريكا هو أركان النظام الإيراني وليس الشعب الإيراني، فالشعب توحد ضد النظام وليس ضد أمريكا التي صار يعول عليها كثيراً ويعقد الآمال ويؤمن بأنها لن تخذله وستقف إلى جانبه حتى تعود السلطة إليه ويحكم نفسه بنفسه. كثرة تصريحات المسؤولين في النظام الإيراني وتعليقاتهم على إعلان أمريكا اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية تفسيره حالة الارتباك التي صار فيها النظام وتيقنه من أن هذه الخطوة ستقربه من نهايته التي يحاول جاهدا الإفلات منها، وسيطرة هذا الموضوع على خطاب روحاني في الاحتفال بيوم الجيش في إيران يؤكد هذه الحقيقة. تصنيف أمريكا الحرس الثوري منظمة إرهابية ليس عملاً «بغيضاً وإهانة» لإيران كما قال روحاني في خطابه وإنما هو كذلك للنظام الحاكم في إيران، فأمريكا لا تستهدف الشعب الإيراني وإنما تعمل على مناصرته ومساعدته على الخروج من المأزق الذي صار فيه.

التفريق بين النظام الإيراني والشعب الإيراني في هذه المسألة تحديداً أمر مهم.